ARTICLE AD BOX
تعود أجواء البريق والسحر إلى الريفييرا الفرنسية مع انطلاق مهرجان كان السينمائي يوم الثلاثاء 13 مايو/أيار، في دورته الثامنة والسبعين التي ستتأثر من دون شك بترددات أحداث سياسية ساخنة ودموية تزعزع العالم راهناً، كسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر.
يتنافس 22 فيلماً على السعفة الذهبية لأفضل فيلم، وتتوزع المشاركات بين مخرجين متمرّسين ومواهب من الجيل الجديد.
يعود الأخوان جان-بيير ولوك داردين، الفائزان سابقاً بسعفتين ذهبيتين، بفيلم "يانغ ماذرز" Young Mothersعن خمس فتيات في دار للولادة في بلجيكا. وتبدو الأمومة موضوعاً متكرراً هذا العام، إلى جانب وباء الإيدز في الثمانينيات، الذي يشكّل خلفية في فيلمين هما "ألفا" Alpha لجوليا دوكورنو و"روميريا" Romeria لكارلا سيمون.
ويصعد الممثل البريطاني جوش أوكونور السجادة الحمراء في فيلمين متنافسين: "ذا ساوند أوف هيستوري" The History of Sound للمخرج الجنوب أفريقي أوليفر هيرمانوس، و"ذا ماسترمايند" The Mastermind لكيلي رايشارت.
كما يحظى فيلمان إيرانيان بمتابعة دقيقة، هما "إيه سمبل آكسدنت" A Simple Accident لجعفر بناهي و"أم وطفل" Mother and Child لسعيد روستائي، سواء في كان أو في إيران تحت رقابة السلطات.
أفلام وثائقية
نجوم يتحولون إلى مخرجين
بريق هوليوود
وأُسنِدت رئاسة لجنة التحكيم في هذه الدورة من مهرجان كان إلى النجمة جولييت بينوش، التي تُعد من أشهر الممثلات الفرنسيات عالمياً، وتتميز بكونها فنانة صاحبة مواقف سياسية واضحة. وتضم عضوية اللجنة الممثلة الأميركية هالي بيري، والروائية الفرنسية المغربية ليلى سليماني.
حركة #مي_تو
وكان العنف الجنسي في صناعة السينما قد خضع لتحقيق برلماني فرنسي واسع، صدر تقريره الشهر الماضي وتضمّن انتقادات لاذعة.
ترامب في مهرجان كان
غزة حاضرة رغم الحصار
فاطمة حسونة، المصورة الصحافية الغزية البالغة من العمر 25 عاماً، هي الشخصية الرئيسية في الفيلم الوثائقي "ضع روحك على كفك وامشِ" Put Your Soul on Your Shoulder and Walk للمخرجة الإيرانية سبيده فارسي.
فالمخرجة، اللاجئة من إيران، صنعت الفيلم اعتماداً على مكالمات فيديو مع فاطمة حسونة استمرت لأكثر من 200 يوم من الحرب.
وفي 15 إبريل/ نيسان، اتصلت المخرجة بالشابة الفلسطينية لتُخبرها أن الفيلم قد جرى اختياره للعرض في مهرجان كان، وبدأتا على الفور التفكير في كيفية تنظيم حضورها للمهرجان في فرنسا.
لكن في اليوم التالي، قُتلت في غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزل عائلتها في غزة إلى جانب عشرة من أقاربها، ولم تنجُ من القصف سوى والدتها.
وقد زعمت القوات الإسرائيلية، التي تتهمها منظمة "مراسلون بلا حدود" بارتكاب "مجزرة" بحق الصحافيين الفلسطينيين، أنها استهدفت عنصراً في حركة حماس.
بينما أعرب مهرجان كان السينمائي عن "هوله وألمه العميق لهذه المأساة". وصرحت المخرجة فارسي (60 عاماً)، لوكالة فرانس برس، بأنها كانت حتى اللحظة الأخيرة تؤمن بأن حسونة "ستأتي (إلى المهرجان)، وأن الحرب ستنتهي". وأضافت: "لقد أخطأنا عندما صدّقنا ذلك، لأن الواقع تجاوزنا".
ويُتوقع أن يجذب الفيلم الوثائقي اهتماماً كبيراً، في مهرجانٍ سبق أن حضر فيه الصراع العام الماضي، حين أثارت الممثلة كيت بلانشيت جدلاً على السجادة الحمراء بسبب فستان رأى كثيرون أنه يرمز إلى العلم الفلسطيني.
ومنذ ذلك الحين، ارتفعت حصيلة الشهداء في القطاع الساحلي المحاصر إلى ما لا يقل عن 52,787 شخصاً، معظمهم من المدنيين، بحسب بيانات وزارة الصحة في القطاع، التي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
بينما دعا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى إعادة توطين سكان غزة، قائلاً إن الولايات المتحدة يمكنها تحويل المنطقة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". وفي مهرجان برلين السينمائي في فبراير/ شباط، انتقدت الممثلة البريطانية تيلدا سوينتون ما وصفته بـ"القتل الجماعي المدعوم دولياً"، و"تحويل غزة إلى مشروع عقاري على طراز الريفييرا"، في إشارة واضحة إلى تصريحات ترامب.
سيعرض التوأمان الغزيان عرب وطرزان ناصر فيلمهما "كان يا ما كان في غزة"، ويطرح الفيلم حكاية ثلاث شخصيات غزّية -يحيى وأسامة وسامي- تجمعهم غريزة البقاء، وتفرقهم الخيارات والمواقف الأخلاقية. لكن تتقاطع مصائرهم بطريقة مأساوية وعنيفة، تتخللها الصداقة، والانتقام، والفكاهة السوداء، ضمن حبكة تهدف إلى تحفيز التفكير وطرح الأسئلة الوجودية حول ماهية الحكاية الفلسطينية ومعاني البقاء.
الفيلم، المشارك في قسم "نظرة ما"، هو الأحدث للأخوين المنفيين اللذين عُرض عدد من أعمالهما السابقة في المهرجان، وغالباً ما تدور أحداثها في غزة لكنها تُصوَّر في الأردن.
أما المخرج الإسرائيلي ناداف لابيد، المعروف بأفلامه الجدلية ومواقفه الناقدة لسياسات بلاده، فيُشارك بفيلم روائي طويل بعنوان "نعم!" (Yes!).
وتدور أحداث العمل في إسرائيل عقب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث يتلقى موسيقي جاز يُدعى "ي." وزوجته الراقصة عرضاً مالياً مشروطاً للمشاركة في مشروع يهدف إلى تأليف نشيد جديد يعكس "الروح القومية المتجددة".
لكن الرحلة الإبداعية تتحول تدريجياً إلى كشف فاضح لتناقضات المجتمع الإسرائيلي، من الرقابة إلى عسكرة الثقافة، ومن توظيف الفن إلى محو الأصوات المعارضة.
