حلّ حزب العمال الكردستاني نفسه: انعكاسات مباشرة على سورية

1 week ago 4
ARTICLE AD BOX

أعلن حزب العمال الكردستاني أمس الاثنين، حلّ نفسه وإنهاء الصراع المسلّح مع تركيا، في خطوة ستكون لها تداعيات على الساحة السورية، حيث تسيطر تشكيلات مرتبطة أو تابعة لهذا الحزب عسكرياً وعقائدياً، على مساحة كبيرة من شمال شرقي البلاد. وقالت وكالة فرات للأنباء، المقرّبة من حزب العمال الكردستاني، أمس الاثنين، إن الجماعة التي تخوض صراعاً مع الدولة التركية منذ أكثر من 40 عاماً، قررت حلّ نفسها وإنهاء التمرّد المسلّح. وقال حزب العمال الكردستاني في بيان نشرته الوكالة، إن المؤتمر الذي عقده قبل أيام، أكد أن نضال "العمال الكردستاني" أكمل مهمته التاريخية، وعلى هذا الأساس قرر حلّ البنية التنظيمية للحزب، وإنهاء أسلوب الكفاح المسلّح، على أن يتولى زعيمه المسجون في تركيا عبد الله أوجلان إدارة العملية الحالية وتنفيذها، وبالتالي إنهاء العمل الذي كان يجري تحت اسم الحزب.

تداعيات حلّ حزب العمال الكردستاني على سورية

من المؤكد أن حلّ حزب العمال الكردستاني المصنّف في خانة التنظيمات الإرهابية لدى عدد من الدول، ستكون له تداعيات كبيرة على الساحة السورية، فالتشكيلات العسكرية التي تسيطر على شمال شرقي البلاد منذ عدّة سنوات، تابعة لذاك الحزب أو مرتبطة به على المستويات كافة، وخاصة الفكرية والعقائدية. ويُنظر إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تأسّس في العام 2003، على أنه نسخة سورية من حزب العمال. ويُسيطر "الاتحاد" عملياً على شمال شرقي سورية من خلال وحدات "حماية الشعب" الكردية، وهي تشكيل عسكري يشكّل الذراع العسكرية لهذا الحزب، فضلاً عن كونه الثقل الرئيس في قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

شلال كدو: حلّ "العمال الكردستاني" سيخلق مناخات إيجابية في المنطقة

وبحسب مصادر مقرّبة من هذه القوات فإنه "سيتم التخطيط لهيكلية وحدات حماية الشعب في سورية بالتعاون مع الحكومة السورية"، مؤكدة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذه الهيكلية "تتضمّن إبعاد الأعضاء غير السوريين في المنظمة ودفعهم خارج البلاد، وسينضمّ الباقون إلى الجيش السوري". وتضمّ وحدات "حماية الشعب" مقاتلين أجانب ينحدرون من العراق وتركيا وإيران، بعضهم يتولّى مفاصل القرار في "الإدارة الذاتية" لشمال شرقي سورية.

وقال قائد "قسد" مظلوم عبدي، في بيان أمس الاثنين، إن قرار حل حزب العمال الكردستاني "جدير بالاحترام". وكان قال بعد أيام من إسقاط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن المقاتلين الذين قدموا إلى سورية من مختلف أنحاء الشرق الأوسط لدعم قواته، سيغادرون إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المواجهة مع تركيا بشمال سورية. ومن المتوقع أن يسرّع حلّ حزب العمال الكردستاني في طيّ ملف المقاتلين الوافدين من وراء الحدود. ومن التشكيلات العسكرية المرتبطة بشكل مباشر مع حزب العمال الكردستاني ما يُعرف بـ"الشبيبة الثورية"، والمتهمة من قبل منظمات حقوقية بخطف أطفال وقُصّر لتجنيدهم في صفوف حزب العمال الكردستاني والمنظمات المرتبطة به. وإلى جانب هذه المنظمة، هناك مليشيا معروفة باسم "وحدات حماية المرأة"، تأسّست في العام 2013، وتضمّ اليوم آلاف النساء المتطوّعات في صفوفها.

ورأى شلال كدو، رئيس حزب الوسط الكردي في سورية (أحد أحزاب المجلس الوطني الكردي في سورية)، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تأثير حل الحزب الكردستاني نفسه  "كبير على الملف السوري، ولا سيما من ناحية التعاطي التركي مع هذا الملف المتشابك". واعتبر أنّ من شأن هذا القرار أن ينعكس إيجاباً على التعاطي التركي مع الملف الكردي بشكل خاص، والملف السوري بشكل عام. وتابع: هذا إقرار كفيل بسحب الحجج والذرائع من يد الجميع الذين كانوا يحاربون الأكراد، أو يحاربون القضية الكردية ربما بحجّة وجود عناصر حزب العمال الكردستاني وأذرعه في المنطقة.

وأعرب عن اعتقاده أن قرار حلّ "العمال" في تركيا "سيؤدّي إلى حلّ أذرعه في سورية، وعلى رأسها منظمة الشبيبة الثورية المتطرّفة التي كانت تعبث بأحزاب المجلس الوطني الكردي، وكذلك بالناس في معظم المدن والقرى الكردية طيلة السنوات المنصرمة". وبرأيه، فإن "من شأن هذا القرار حلّ عقدة المقاتلين الأجانب في صفوف قسد، والتي تُعدّ خلافية بين الحكومة السورية وبين قوات سوريا الديمقراطية، ومن ثم سيُعبّد الطريق لتطبيق الاتفاق الذي وقّعه مظلوم عبدي مع رئيس الجمهورية (أحمد الشرع)".

حل "الكردستاني" سيخلق مناخات إيجابية

وأعرب كدو عن اعتقاده أن حلّ حزب العمال الكردستاني "سوف يخلق مناخات إيجابية، ليس في سورية وحدها، وإنما في المنطقة برمّتها، سواء كان في تركيا أو في العراق أو في شمال شرق سورية"، مضيفاً: هذا القرار جاء في مرحلة مفصلية وجدّاً مهمة، ومن شأن هذا القرار أن ينعكس إيجاباً على مجمل الأمور في سورية، وليس على الملف الكردي لوحده. غياب حزب العمال الكردستاني ومسلحيه من سورية من شأنه أن يُرسّخ الثقة بين الأطراف الكردية، من جهة، وبين هذه الأطراف الكردية مجتمعة وبين السلطات السورية من جهة أخرى.

وكان الشرع قد وقّع مع عبدي اتفاقاً في مارس/آذار الماضي لدمج "قسد" في المنظومة العسكرية السورية، وحلّ ملف الشمال الشرقي من سورية. إلا أن تطبيق الاتفاق واجه صعوبات في ظلّ سقوف تفاوضية عالية من قبل الجانب الكردي، ومطالب ترى دمشق أنها "غير واقعية"، وبعضها غير قابل للتطبيق، من قبيل مبدأ اللامركزية في البلاد. ومن المرجّح أن يدفع قرار حلّ حزب "العمال" قوات سوريا الديمقراطية والقوى الكردية إلى تخفيض سقف مطالبها، ما يُسهّل ربما من حسم القضايا العالقة من دون الاضطرار إلى صدام عسكري.

بسام سليمان: يدرك الأكراد أن العرب في شمال شرقي سورية لن يصبروا طويلاً على سلطة قسد

ورأى الباحث السياسي بسام سليمان، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الأكراد السوريين "يرغبون في التوصل لحلّ سياسي لقضيتهم، وخاصة أن هناك بوادر انسحابات أميركية من مناطق كثيرة في شمال شرقي سورية".

وتابع: يدرك الأكراد أن وجود الولايات المتحدة العسكري ليس دائماً، فضلاً عن أن العرب في شمال شرقي سورية لن يصبروا طويلاً على هذا الحكم (سلطة قسد)، خصوصاً أنه لم يُحقّق إنجازات إدارية حقيقية رغم وجود الموارد. وبرأيه، فإن من شأن حلّ حزب العمال الكردستاني "تعزيز الصراع أو الصدام بين الجناح السوري داخل قسد، وأقصد هنا الجناح الكردي السوري بقيادة مظلوم عبدي، والجناح غير السوري".

من جانبه، أعرب المحلل السياسي الكردي فريد سعدون، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده أن تركيا "سوف تقبل بوجود الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية، مقابل حلّ حزب العمال وإلقاء السلاح". وتوقع سعدون توجّه آلاف المقاتلين الموجودين في جبال قنديل إلى كردستان العراق، وإلى شمال شرق سورية، وخاصة الذين يحملون الجنسية التركية، مضيفاً: سوف نشهد قفزة كبيرة في عدد المقاتلين والسلاح والأموال. وبيّن أن عدد المقاتلين السوريين في حزب العمال المنحلّ "كبير"، مضيفاً: الحزب قائم على أكتاف السوريين، بالتالي سيعودون، مثلما عاد مظلوم عبدي وغيره إلى شمال شرق سورية.

Read Entire Article