خطط ترامب لخنق الشرق الأوسط

5 hours ago 2
ARTICLE AD BOX

يوماً بعد يوم تتضح نوايا الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخصوص الشرق الأوسط الجديد الذي لطالما تحدثت عنه عديد الروايات مبررة ذلك بكل التطورات الحاصلة هناك. ومثلما كانت عملية طوفان الأقصى حدثاً غير عادي في تاريخ المنطقة، يبدو أن عودة ترامب للبيت الأبيض لن تكون بدورها حدثاً عادياً بالمرة.

خطة ترامب بخصوص غزة

من الضروري أن نستذكر مواقف ترامب بخصوص الحرب المستمرة على غزة واستفادته من تردد إدارة سلفه جو بايدن في كبح جماح نتنياهو وإثنائه عن تدمير غزة ومنها فتحه جبهات عدة شمالاً مع لبنان وشنه غارات عدة على سورية. هذه المواقف كانت سلاح ترامب للفوز بكرسي الرئاسة تحت وهم إيقاف الحرب والتي تزامن إيقاف إطلاق النار فيها مع عودته للبيت الأبيض ليبدو كأحد فرسان السلام لينقلب سريعاً عن مسعاه ويساند بكل ما أمكنه الإبادة الجماعية هناك.

لم تكن فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة سوى مرحلة ثانية من خطة ترامب للمنطقة لتهجير الفلسطينيين وشراء غزة التي تحدث عنها أمام دهشة العالم لم تكن سوى أحد فصول النزاع كما تراه الإدارة الأميركية بين رؤية أقصاها "شراء غزة" وأدناها تسليم المقاومة أسلحتها وخروج حركة حماس نهائياً من غزة.

الحرب على لبنان

بالرغم من أن الحرب على لبنان توقفت بموجب اتفاق وقف إطلاق النار قبل أن يعود ترامب للبيت الأبيض، إلا أن هذه الحرب بالذات وعلى غير بقية الحروب بين الكيان الصهيوني و"حزب الله" شكلت وحدها نقطة فارقة في الصراع من حيث استشهاد عدد كبير من القيادات المؤثرة لسنوات، وعلى رأسها حسن نصر الله، إضافة إلى تزامنها مع عودة الاستقرار السياسي للبنان من خلال انتخاب قائد الجيش لرئاسته وتحوّل خيار الاشتباك مع العدو إلى مسألة مقلقة بين حزب الله والدولة اللبنانية.

عودة المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني

الوجود الإيراني كان ولا يزال أحد أهم الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة الأميركية متوجسة من تمدّده على شاكلة مصطلح "المشروع الإيراني" الذي تعتمده لتخويف شعوب المنطقة، خاصة الحاضنة العربية لإيران كإحدى رموز المقاومة والعداء التاريخي للعدوّ المشترك.

الشعوب العربية ما زالت تراهن على القوة الإيرانية الخامدة أو المتهيئة للانفجار في وجه العدوّ ساعة تمكنها من التسليح النووي لترسم حلقة جديدة في رعب العالم من أشدّ الأسلحة تدميراً والتي ستجعل إيران عدواً عصياً على القوى الإمبريالية التي تتربص بها منذ سنوات لكنها لم تسقط خيار التفاوض حول المسألة وها هي تعود إلى مسعاها من جديد بعد قرابة العقد من اتفاق 2015 الذي ساهم في استقرار التوتر عند حاجز المناورة لا غير.

تسليم سلاح المقاومة في غزة

كان هذا الهدف هو جوهر إطلاق العملية العسكرية من قبل نتنياهو وتمسكه بها حتى في أعتى مراحل تهديد حكومته. هذه التهديدات تراوحت بين الضغط الداخلي من خارج الحكومة معارضةً وعائلات الأسرى وأيضاً من داخل الحكومة انسجاماً مع إصرار وزيريه للأمن القومي والمالية اللذين تمسكا بهذا الخيار ودفعاه إليه دفعاً رغم تواصل صمود المقاومة.

اليوم يضع ترامب شرط تسليم سلاح المقاومة في غزة شرطاً أساسياً لتواصل العملية السياسية وتدارس وقف إطلاق النار، بل أكثر من ذلك يعتبر أن تواصل وجود حماس في غزة يعني تواصل الحرب ومزيد التوتر في المنطقة بالرغم من تحييد بقية أضلع مربع المقاومة بدءاً بلبنان وسورية والعراق وصولاً إلى اليمن الذي لا يزال صامداً حيث توقف الآخرون لأسباب عدّة.

قصف اليمن

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتقبل الولايات المتحدة الأميركية أن تتعطل بحريتها التجارية في أي من مياه العالم، خاصة ما إذا كان خصمها في ذلك هو جماعة مسلحة ترتبط عقائدياً وعسكرياً بإيران وتخنق تحركات أسطول أميركا في أحد أهم الممرات في العالم.

الولايات المتحدة الأميركية تعلم جيداً أن استهدافها لمجالات واسعة من اليمن هي فصول متقدمة من صراعها الجليّ مع إيران.

وهنا تظهر أهمية عامل الجغرافيا في هذا النزاع الذي بقدر ما يخنق تحرك الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة فإن ترامب يخنق بواسطته إحدى أشدّ المقاومات في الشرق الأوسط والعالم منذ حرب الفيتنام، بل إنّ أداء الحوثيين أحياناً يقترب من أداء اليابانيين في الحرب العالمية الثانية والذي لم يوقفه سوى استعمال السلاح النووي الذي لم يكن توازن امتلاكه ذا أهمية إلا بالنسبة للاتحاد السوفييتي الذي لا مصلحة له في الأرخبيل الياباني.

يظهر اليوم أن إخماد جبهاتٍ والتعاطي مع أخرى ليس سوى مخطط أميركي لخنق الشرق الأوسط وحصر النزاع في أرجاء معيّنة وتخفيف التهديد بحرب شاملة.

ترامب اليوم وأكثر من أي وقت مضى يعلم أن بعض الأطراف لم يعد من الممكن السيطرة عليها وأن الحل يكمن في المراهنة على استدامة الصراع قائماً أو معلقاً أحياناً إلى حين تبيّن اليوم الموالي للحرب العربية الصهيونية التي لم تعد مجرد تنافر عقائدي وهوّوي وإنما لموازين قوى لا يمكن لأحد تحديد قدراتها.

Read Entire Article