ARTICLE AD BOX

<p class="rteright">ترمب يصافح نتنياهو لدى مغادرته البيت الأبيض في واشنطن في 7 أبريل 2025 (أ ف ب)</p>
لم يُخفِ الإسرائيليون قلقهم الكبير من التقدم في مفاوضات الملف النووي الإيراني بين واشنطن وطهران بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل انتهاء جولته الشرق الأوسطية في شأن التقدم نحو اتفاق قريب، من جهة، والشرط الذي وضعته إيران برفع العقوبات الاقتصادية عنها مقابل إخراج مواد تخصيب اليورانيوم من أراضيها من جهة أخرى.
تصريحات وضعت إسرائيل أمام إمكان تدهور جديد في العلاقة مع واشنطن وعدم التعامل بحدية مع خطوطها الحمر التي طالبت حكومة بنيامين نتنياهو اتخاذها في أي اتفاق تجري بلورته، معتبرة تجاهلها تهديداً خطراً على أمنها.
قلق نتنياهو جاء بعد إزاحة الستار عن إخفاء حقيقة التقدم في المفاوضات عن متخذي القرار في إسرائيل خلال لقاءات المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف مطلع الأسبوع مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، وبحثهم الملف الإيراني.
ويتكوف، بحسب مسؤول إسرائيلي، اكتفى بإبلاغ الإسرائيليين بأن المفاوضات تتطلب وقتاً قد يتجاوز أسابيع وربما أشهراً، وبأن نقاطاً عدة لا تزال قيد النقاش، لكن تصريحات ترمب التي أعقبت هذه اللقاءات أثارت نقاشاً إسرائيلياً أعرب أكثر من مسؤول سياسي وأمني عن خشيتهم من أن التقدم نحو الاتفاق بسرعة لا يتيح إمكان إحداث تغيير فيه، وفق ما تريد إسرائيل.
بعد مغادرة ترمب الإمارات أعيد طرح الموضوع على طاولة متخذي القرار لبحث سبل التعامل مع واشنطن بما يضمن الأخذ بشروطها قبل بلورة الاتفاق مع إيران، وفي الوقت نفسه ممارسة الضغط على الإدارة الأميركية لمنع بلورة اتفاق يتيح لإيران إمكان تخصيب اليورانيوم. ورجح مطلعون على سير أبحاث الملف أن تتخذ إسرائيل خلال الأيام المقبلة خطوات أكثر علنية.
إسرائيل قلقة مما لم يعلن عنه ترمب في ملف المفاوضات الإيرانية، فالرئيس الأميركي الذي تعهد عدم السماح لإيران بالحصول على السلاح النووي تجنب خلال زيارته القول إن طهران لا يمكنها تخصيب اليورانيوم.
وعلى رغم تشكيك البعض في أن يكون ترمب اعتمد تجاهل هذا القول، فإن مختلف تصريحات الرئيس الأميركي أو الصادرة عن إيران تجعل القلق الإسرائيلي متزايداً ما لم تحصل على ضمانات من واشنطن خلال الأيام القليلة المقبلة تأخذ بعين الاعتبار خطوطها الحمر، محذرة من أن التوصل إلى اتفاق سيئ يبقي لإيران إمكان تطوير سلاح نووي ويسمح لها بتعزيز تسلحها من خلال رفع العقوبات.
ما تلك الخطوط؟
ويتكوف خلال محادثاته في إسرائيل لم يتعمق في مناقشة الملف الإيراني والتطورات في المفاوضات، لكنه تلقى من الإسرائيليين رسالة تتضمن الخطوط الحمر التي تطالب حكومة نتنياهو واشنطن الحرص عليها قبل الاتفاق مع طهران. وتتمثل هذه الخطوط الحمر في ضرورة تفكيك منشآت تخصيب اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي وتفكيك قدرات تطوير وإنتاج الصواريخ الباليستية وإخراج اليورانيوم المخصب أكثر من 3.67 في المئة من إيران وتفكيك منظومة بحث وتطوير وإنتاج الصواريخ ووقف تمويل إيران لوكلائها في المنطقة.
مسؤول سياسي قال للقناة 12 الإسرائيلية إن شعور حكومة نتنياهو بعدم تنفيذ كل مطالبها من شروط يضعها في نقطة زمنية حرجة في المفاوضات حول النووي، موضحاً أن على إسرائيل بذل كل جهد لمنع إبرام صفقات على حساب مصالحها الأمنية.
ورأت دانا فايس محللة الشؤون السياسية الإسرائيلية أن "حكومة نتنياهو وجدت أنه لا يؤخذ برأيها على محمل الجد في هذا الملف الخطر. وتتزايد قناعات نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية في إسرائيل رون ديرم بأنه لا يمكن لترمب الذهاب نحو اتفاق مع إيران تراه إسرائيل سيئاً، لأنها مسألة وجودية بالنسبة إليها، لكن مع ترمب هذه المرة الأمر مختلف".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت فايس إلى أن نتنياهو وديرمر مقتنعان أيضاً بإمكان التأثير في السياسة الأميركية من خلال الكونغرس والحزب الجمهوري، لكنها تضيف في الوقت نفسه "في نهاية المطاف لا ندري كيف سيتصرف ترمب، خصوصاً بعد ما سمعنا وشاهدنا من قرارات خلال زيارته. هذا ترمب، ولا نعرف ما الذي يخطط له وكيف سيتعامل مع إسرائيل بعد عزلها في جولته الشرق الأوسطية، بل تجاهلها كلياً. والأخطر من هذا كله أن بنيامين نتنياهو يجد نفسه، في مسألة كهذه، جوهرية ومهمة وخطرة، مقيداً وهامش مناورته في هذا الملف محدود".
والسؤال الذي يثير القلق الأكبر لدى الإسرائيليين ما هو الثمن إذا لم تضع الولايات المتحدة في الاعتبار شروط إسرائيل، أو خطوطها الحمر.
اندفاع جديد
مع الحديث عن اتفاق يسمح لإيران بالنووي للاستخدام المدني قال القائد السابق لسلاح البحرية اللواء احتياط إليعيزر مروم، "حتى وإن وصلت طهران لحيازة نووي لأهداف مدنية فإنه على إسرائيل بذل كل جهد هذه الأيام لمنع أي نوع من التخصيب على الأراضي الإيرانية". وأضاف، "الإيرانيون يخادعون، بل يكذبون في سبيل ضمان تحقيق أهدافهم، بالأساس رفع العقوبات الاقتصادية، هذا يستدعي إصرار إسرائيل على شروطها، لأن الواقع يشير إلى احتمال أن تندفع طهران في أية لحظة خلال السنوات المقبلة لإعادة صناعة القنبلة النووية".
من جهته اعتبر اللواء احتياط بروفيسور يعقوب نجل المعركة المقبلة بين إسرائيل وأميركا حول الملف النووي الإيراني غير سهلة، موضحاً أن إدارة ترمب تنقسم إلى مجموعتين متعارضتين واحدة تدعو إلى وقف البرنامج النووي الإيراني، وأخرى تطالب بالتوصل إلى اتفاق، معرباً عن قلقه من أن أفكار المجموعة الثانية لأنها تسود حالياً.
ورأى نجل أن الدولة التي تريد طاقة نووية لأغراض مدنية لا تحتاج إلى تخصيب اليورانيوم بصورة مستقلة، فهناك 26 دولة تفعل ذلك، موضحاً أن الدولة التي تريد مفاعلاً للطاقة يمكنها الحصول على قضبان الوقود من دول متخصصة في إنتاجها، وهي تحوي يورانيوم مخصباً وإيران نفسها لديها مفاعل طاقة في بوشهر، وهي تحصل على القضبان من روسيا.
ومضى في حديثه، "إسرائيل تعمل وفقاً لمصالحها، والولايات المتحدة تعمل وفقاً لمصالحها، هكذا تسير الأمور. نحن نبذل كل الجهود لدمج مصالحنا، لكنني قلق الآن، لأن الرئيس في واشنطن شخص متقلب قليلاً. ويتكوف نفسه أصدر خمسة تصريحات تتعلق بتخصيب اليورانيوم، وكل واحدة منها كانت مختلفة عن الأخرى".
واعتبر نجل القلق الإسرائيلي المتزايد يكمن في أن الخطة الكبرى للمرشد الإيراني هي تدمير إسرائيل بأسلوب تقليدي تحت مظلة نووية، قائلاً "نرى الساعة التي تعد عكسياً في ميدان فلسطين بطهران، وتقول إن إسرائيل ستتوقف عن الوجود بحلول عام 2040. لا يمكننا السماح بذلك، لأن العالم سيبدو مختلفاً إذا حصلت إيران على قنبلة نووية. ها هي كوريا الشمالية، الولايات المتحدة لا يمكنها فعل أي شيء معها".
استثمارات إسرائيلية في سوريا
إذا كانت إسرائيل تخشى من استمرار الصدام مع واشنطن في الملف الإيراني، فإنها استدركت ضرورة إعادة النظر في استراتيجيتها تجاه سوريا، واتضح أنها سبقت لقاء ترمب مع أحمد الشرع بأكثر من لقاء مع سوريين، بل بدأت بعد الإعلان عن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، تتلقى مبادرات من رجال أعمال سوريين لصفقات اقتصادية.
قبل وصول ترمب إلى المنطقة عقد لقاء أذربيجان بين رئيس شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي عوديد بسيوك وعسكريين سوريين من حكومة الشرع. في اللقاء شارك أيضاً عسكريون أتراك وبحسب تقرير إسرائيلي فإن هذا اللقاء يندرج ضمن اللقاءات التي تجريها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مع تركيا لبلورة الوضع الأمني في دمشق.
وعقب رفع العقوبات عن سوريا توجه مسؤولون سوريون بينهم رسميون ورجال أعمال إلى رجال أعمال إسرائيليين في محاولة لتشجيع استثمارهم في سوريا. ونقل في إسرائيل عن مصدر مطلع على تفاصيل الاتصالات قوله إنها "جس نبض أولي"، يهدف إلى وضع الأساس لصفقات اقتصادية مستقبلية بين البلدين، لكن جهات إسرائيلية حذرت من الاندفاع نحو تغيير السياسية تجاه سوريا. وقال مسؤول أمني سابق، "ترمب يمنح سوريا فرصة لإثبات أن سياسة القيادة الجديدة تختلف جذرياً عن بشار الأسد. وإذا تبين بعد فترة أن ذلك ليس هو الحال، فيجب التوضيح أن رفع العقوبات ليس خطوة لا رجعة فيها. ما يهم هو مطالب الرئيس ترمب من سوريا، ومن بينها طرد الإرهابيين وعدم تشكيل تهديد على إسرائيل".
يشار إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أعلن أخيراً أن إسرائيل تسعى إلى إقامة علاقات جيدة مع النظام الجديد في دمشق في تحول واضح عن تصريحاته في شهر مارس (آذار) الماضي، حين وصف قوات الشرع بـ"المتطرفين الذين لم يتغيروا، حتى وإن ارتدوا البدلات الرسمية".