زيارة بارزاني لواشنطن: عقود بمليارات الدولارات ورسائل ستراتيجية لخارطة ما بعد الشرق الأوسط

1 hour ago 3
ARTICLE AD BOX

السليمانية/ سوزان طاهر

اكتسبت الزيارة التي قام بها رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني أهمية كبيرة، خاصة وأنها جاءت مع التحولات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، والتغيير الذي حصل في عدد من البلدان، فضلا عن حفاوة الاستقبال التي حظي بها بارزاني على أعلى المستويات، كما وشهدت الزيارة توقيع عقود استثمارية ضخمة.
وتُقدَّر قيمة هذه الاتفاقيات بعشرات المليارات من الدولارات، ما مثّل لحظة مفصلية في العلاقة بين الإقليم والولايات المتحدة، ومؤشرًا على اتجاهات جديدة في سياسة الإقليم الاقتصادية والدبلوماسية.
واختتم وفد حكومة إقليم كردستان، برئاسة رئيس الوزراء مسرور بارزاني، زيارته الرسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وعقد بارزاني في واشنطن سلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية والكونغرس، كما التقى عدداً من المستثمرين ورجال الأعمال والشخصيات الاقتصادية البارزة في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى عقد لقاء مع أبناء الجالية الكردية.

الخروج من الهيمنة الإيرانية
وبهذا الصدد أكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفا محمد كريم أن الزيارة جاءت في وقت يشهد الشرق الأوسط المزيد من التحولات السريعة. وبين في حديثه لـ(المدى)، أن "الزيارة ستساهم بخروج العراق من النفوذ الاقتصادي الإيراني وخاصة في مجال الغاز، حيث يملك الإقليم ثروة تقدر بـ 17 مليار مكعب، وهذه الثروة يمكن أن تكفي الإقليم والعراق، وتصدر إلى دول أوربا". وأضاف أنه "باستغلال الغاز في حقول الإقليم، يمكن انتهاء أزمة الكهرباء في الإقليم وفي المحافظات المجاورة مثل كركوك ونينوى وحتى ديالى وصلاح الدين، ومحافظات أخرى". وذكر أن "الشركات العملاقة التي تأتي إلى كردستان تحتاج إلى استقرار أمني في كل العراق، بالتالي زيارة بارزاني يمكن أن تسهم في تقريب وجهات النظر بين واشنطن وبغداد، وتخفيف الضغوط الأمريكية على الحكومة العراقية، وإنهاء فكرة العقوبات الاقتصادية".
وأشار إلى أن "هنالك عدم اعتراض من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على الاتفاقات الموقعة في واشنطن، لأنها لا تتعارض مع الدستور، ومن يعترض هم فقط الفصائل المسلحة وإعلامهم لأهداف انتخابية".

نقلة في مجال الطاقة
من جهة أخرى بين عضو برلمان كردستان صباح حسن أهمية الزيارة التي قام بها مسرور بارزاني إلى واشنطن، وأكد بأنها خطوة مهمة ستنقل الإقليم لمحطة أخرى في مجالات الطاقة والاقتصاد والأمن. وأوضح في حديثه لـ (المدى) أن "العقود التي وقعها رئيس الإقليم هي قديمة وجرى إعادة العمل بها، وهي قانونية ودستورية، ولا توجد إشكاليات عليها، وستخدم الإقليم، وخاصة في مجال الطاقة الكهربائية، وستحدث نقلة نوعية". وتابع أن "الزيارة هي تأسيس لعلاقة ستراتيجية مع دولة كبيرة مثل الولايات المتحدة، وهي خطوة مهة لتعزيز الشراكة الاقتصادية مع الشركات العملاقة، واستثمار الغاز في حقول الإقليم، وتقليل معدلات البطالة".

التوقيت الحساس
من جهته، رأى وكيل وزارة المالية الاتحادية السابق، ريباز حملان، أن أهمية زيارة رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، تتجسد في توقيتها الحساس الذي يمر به الشرق الأوسط، حيث أعقبت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخليج، ما يمنحها أهمية أكبر.
وقال حملان خلال منشور له على منصاته الشخصية للتواصل الاجتماعي، إن "توقيع عقدين بقيمة تزيد عن 100 مليار دولار، وترحيب وزارة الخارجية الأمريكية بهذه الصفقات، يبين دعم ترامب والحكومة الأمريكية لتلك العقود".

ثلاثة أهداف للزيارة
إلى ذلك يؤكد الكاتب الصحفي ورئيس تحرير جريدة التآخي جواد ملكشاهي أنه عادة لكل إدارة جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية أهداف ستراتيجية معدة من قبل صناع القرار، وهناك أهداف مرحلية وتكتيكات سياسية، تتعامل بها وفق المقتضيات.
وأضاف خلال حديثه لـ(المدى) أنه "مع بدء الولاية الثانية لدونالد ترامب وإعلان مواقفه من القضايا المختلفة في العالم، كان لا بد لقادة إقليم كردستان، من التواصل والتماس المباشر مع الإدارة الجديدة، باعتبار الإقليم أحد الحلفاء المتميزين للولايات المتحدة".
ولفت إلى أنه "باعتقادي زيارة رئيس حكومة اقليم كردستان الى واشنطن، كانت لها ثلاثة أهداف رئيسة، نظرا للمتغيرات المتسارعة التي طرأت في أوضاع الشرق الأوسط بشكل عام، والقضية الكردية على وجه الخصوص".
وذكر أن "الهدف الأول من الزيارة التواصل مع الفريق الحكومي الأمريكي الجديد ومعرفة وجهة نظرهم ورؤيتهم بشأن مستقبل إقليم كردستان والعراق والمنطقة ورسم الخارطة الجديدة في المنطقة". والثاني إبرام اتفاقيات جديدة مع الشركات الأمريكية بشأن تطوير آبار النفط ومكامن الغاز، للاعتماد على الطاقة المحلية من جهة وتخفيف الضغوط التي تمارسها حكومة الإطار على الإقليم، لتعطيل عجلة التطور فيه، وفرض الهيمنة والوصاية عليه من جهة أخرى، كجزء من العقلية المركزية التي يسعى البعض من قادة الإطار إلى فرضها على الاقليم، لجهلهم بكيفية إدارة الحكم بالنظم الفيدرالية في العالم. وأردف أن "الهدف الثالث هو توجيه رسائل إلى الولايات المتحدة والحلفاء الآخرين، بأن إقليم كردستان ملتزم بشراكته معهم طالما استمروا بدعمهم للاقليم، وتوجيه رسائل اخرى لأعداء وخصوم الإقليم، بأنه طالما استمروا على النهج الاقصائي وضرب بنود الدستور عرض الحائط وممارسة الضغوط على شعب كردستان، فان الاقليم يمتلك البدائل ويمكنه الوقوف بوجه التحديات، من خلال تعزيز الشراكة والمصالح المشتركة مع حلفائه".
وأكد أن "تقييم الزيارة أنها كانت ناجحة بشكل كبير، نظرا للعقود الكبيرة التي وقعت بين الجانبين بشأن النفط والغاز، واللقاءات المكثفة مع كبار المسؤولين الامريكيين وصناع القرار، وتأكيدات المسؤولين الامريكيين على استمرار تقديم الدعم لإقليم كردستان، بوصفه حليفا موثوقا به في منطقة الشرق الأوسط".
وأشار إلى أن "الزيارة لها فوائد تصب في مصلحة الطرفين والعراق والمنطقة، خاصة وأن الاقليم بحاجة ماسة للدعم الأمريكي في هذه المرحلة الحساسةحيث تشهد المنطقة تحولات كبيرة، والقضية الكردية تمر بمخاض عسير، بالنظر للتغيير الذي حدث في (سوريا) وقرار حزب العمال الكردستاني في مؤتمره الأخير الخاص بوقف الكفاح المسلح ضد النظام التركي، واستمرار ضغوطات الحكومة الاتحادية التي تمارسها ضد الاقليم، بالاخص في دفع مستحقاته وفق قانون الموازنة العامة، واستمرار التعنت بالموافقة على اعادة استئناف تصدير نفط الاقليم عبر ميناء جيهان التركي".

The post زيارة بارزاني لواشنطن: عقود بمليارات الدولارات ورسائل ستراتيجية لخارطة ما بعد الشرق الأوسط appeared first on جريدة المدى.

Read Entire Article