في آخر لقاء مع الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، تلقى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إهانة تاريخية حين تحدث ترامب، مؤشراً بإصبعه المعروف، بما يعني أن "على نتنياهو أن يعيد النظر في تعامله مع شركاء الولايات المتحدة الإقليميين". بصمت مطبق، ابتلع نتنياهو الإهانة، لكن لم يتمكن من إخفاء اصفرار وجهه الممتعض. كان واضحاً له أن البطر المنفلت الذي وفره له الرئيس جو بايدن قد انتهى، وثمة ضرورة لتعريف جديد لتموضع إسرائيلي في الإقليم يرسمه ترامب.لم يفهم نتنياهو عندها حكمة اللحظة، فكيف للعين أن تفوز على المخرز، وكيف للديبلوماسية والهندسة الاستراتيجية الناعمة للملكة العربية السعودية أن تقلب ظهر المجن في وجهه؟ وكيف لبصيرة العين أن تحبط عنجهية القوة وتكسر رماحها، ذلك أن منطق القوة في هذا العصر لم يعد مرهوناً بالعضلات والقوة الفيزيائية، بل بالحكمة والهندسة الاستراتيجية.كانت زيارة ترامب انتصاراً للقوة الناعمة وحصاداً لرؤية العقل وحكمة التحضر والمدنية الذي انتصرت له دول الخليج العربي واختارته نقيضاً وبديلاً من المنطق القوة الهمجية.لعقود مضت عجز الشرق الأوسط عن تغيير قدره المحكوم بالحروب الأبدية والإبادة الجماعية. بل ترعرعت حول هذه الحروب أحزاب وزعماء ومصالح أفاقين مشحونين بعصبيات عقائدية، خلفتها عشرات القرون. كانت كل هذه الرؤوس الحامية تصدح بالصلوات، تتصارع وتتخادم، في تأبيد الصراعات، وتأبيد المذابح، والفشل والانحطاط.وصلت نشوة عنجهية القوة والتسيّد عند نتنياهو، أن صار يكرر منتفخاً، أنه "يعيد تشكيل منطقة الشرق الأوسط"، ...