ARTICLE AD BOX
أعلن رئيس الحكومة البريطاني كير ستارمر، صباح اليوم الاثنين، عن حزمة إجراءات جديدة سوف تتّخذها حكومته، بقيادة حزب العمّال، من أجل تشديد قواعد الهجرة النظامية إلى المملكة المتحدة بالإضافة إلى الحصول على الجنسية البريطانية، وذلك بعد 10 أيام من الانتخابات المحلية التي تقدّم فيها حزب الإصلاح اليميني المتشدّد. أتى ذلك في مؤتمر صحافي عقده ستارمر، قبل ظهر اليوم الاثنين، في مقرّه الرسمي في "10 داونينغ ستريت" بالعاصمة لندن، رافعاً شعار "تأمين مستقبل بريطانيا".
ومن أبرز الإجراءات المضافة إلى نظام الهجرة القانوني، التي كُشف عنها من خلال "الكتاب الأبيض" الذي أعدّه فريق من الحكومة، ما يتعلّق بربط الهجرة بـ"الاندماج" وتحسين مهارات اللغة الإنكليزية للراغبين في الاستقرار بالمملكة المتحدة، إلى جانب مضاعفة المدّة التي يمكن في خلالها التقدّم للحصول على الجنسية البريطانية من خمسة أعوام إقامة إلى عشرة، بالإضافة إلى اتباع سياسة ترحيل المهاجرين "المجرمين".
My government will take back control of our borders. Watch my announcement live. https://t.co/SflNCipnLn
— Keir Starmer (@Keir_Starmer) May 12, 2025وتهدف حزمة التغييرات بحسب حكومة لندن إلى إعادة بناء الصلات ما بين نظام الهجرة القانوني وسوق العمل، وضمان امتلاك العمّال المحليين مهارات كافية لتفادي الحاجة إلى عمّال أجانب لشغل الوظائف، فيما تُشكّل هذه التغييرات تحدياً لمبدأ أساسي من مبادئ سياسات حزب العمّال الاقتصادية على مدى عقود، مفاده أنّ الهجرة النظامية مفيدة على نطاق واسع لأنّها تُساعد الاقتصاد على النموّ.
وقال ستارمر، في المؤتمر صحافي الذي عقده بمقرّه الرسمي للإعلان عن هذه الإجراءات، إنّ الحكومة "تستعيد أخيراً السيطرة على حدودنا، وتُغلق صفحة فصل قذر من تاريخنا السياسي". أضاف أنّ هذه الاستراتيجية أساسية لخطة حكومته للتغيير ولـ"استعادة السيطرة" على الهجرة التي وُعد بها مؤيّدو بريكست من حزب المحافظين، من دون أن يحقّقوها. وحذّر من أنّ المملكة المتحدة تخاطر بالتحوّل إلى "جزيرة للغرباء" من دون ضوابط أكثر صرامة على من يدخل البلاد.
وعبّر رئيس الحكومة البريطاني عن دعمه لهذه الإجراءات لأنّه "يؤمن بها"، مشيراً إلى أنّ نظام الهجرة القانوني الحالي "مصمّم تقريباً للسماح بالاستغلال، الأمر الذي يشجّع عدداً من الشركات على جلب عمّال ذوي أجور منخفضة بدلاً من الاستثمار في شبّاننا". وقال ستارمر: "الآن، لا شكّ في أنّ هذه الخطة تعني أنّ الهجرة سوف تنخفض. هذا وعد". يُذكر أنّه كرّر، في أكثر من مرّة، كلمة "وعد". كذلك رأى أنّ في حال فشلت إجراءات "الكتاب الأبيض" في تخفيض صافي الهجرة بطريقة ملحوظة، فسوف تُتَّخَذ "إجراءات إضافية" لإنجاز الأمر، من دون تحديدها.
We're ending Britain's open borders experiment.
For too long, businesses were actively encouraged to bring in lower paid workers, rather than invest in our own people.
We’re fixing the system and restoring control to our borders.
Here’s how. Thread👇 pic.twitter.com/03e3eHW1sw
وفي الجزء الذي خُصّص للأسئلة والأجوبة في مؤتمر كير ستارمر الصحافي، طُرح عليه ما إذا كان يعتقد أنّ من الضروري للمملكة المتحدة "فكّ ارتباطها" بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، فأجاب "كلا... من غير الضروري القيام بذلك". وفي حين لم يُجِب على سؤال عن انخفاض صافي الهجرة سنوياً من الآن حتى الانتخابات المقبلة، أفاد رئيس الحكومة البريطاني بأنّه ينوي "تخفيضه بنهاية عهد البرلمان الحالي".
ورفض ستارمر التلميحات إلى أنّ نواب حزب العمّال قد يكونون "متحفّظين" بشأن اتّخاذ الحكومة موقفاً متشدّداً بشأن الهجرة. وعندما سُئل عن هذا، أجاب: "في ما يتعلّق بالتحفظ، أعتقد أنّ حزب العمّال يؤمن بقيم أساسية تتمثّل في ضرورة ضبط الهجرة، وفي أن تكون انتقائية، وأن نختار من نريد، وأن نجذب المهارات العالية، وأن نسلك طرقات تؤدّي إلى المواهب العالية في بلدنا"، مشدّداً على "وجوب أن يكون ذلك عادلاً".
انتقادات لإجراءات ستارمر الخاصة بنظام الهجرة
وفور انتهاء المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الوزراء البريطاني اليوم الاثنين، علّقت عليه زعيمة حزب المحافظين في المملكة المتحدة كيمي بادينوك في تدوينة على حسابها على موقع إكس. وممّا أوردته بادينوك: "الآن، بعد تسعة أشهر من تولّيه المنصب وبعد التصويت ضدّ كلّ محاولة جادّة طرحناها لتخفيض الأعداد، يريد ستارمر فجأة أن يُشعركم بأنّه مهتمّ". أضافت أنّ "حزب العمّال لا يؤمن بحدود آمنة"، مشدّدةً على أنّ "لا يمكنكم الوثوق بهم لحماية حدودنا".
Keir Starmer once called all immigration laws racist.
So why would anyone believe he actually wants to bring immigration down?
When I proposed ending the automatic route to British citizenship and introducing a legally binding cap, the government laughed it off.
Now—nine…
من جهته، حذّر مؤسس ورئيس تحرير مجلة "بيغ إيشو" جون بيرد من أنّ حزب العمّال لن يكبح حزب الإصلاح في حال فشل في معالجة الفقر، وذلك من خلال تقديمه تعديلاً على مشروع قانون المدارس من شأنه أن يُجبر الحكومات على تحقيق أهداف ملزمة قانوناً للحدّ من فقر الأطفال. وقال اللورد بيرد إنّ حزب نايجل فاراج (الإصلاح) "لم يتقدّم إلا لأنّ الأحزاب الرئيسية ضلّت طريقها".
وأوضح بيرد، في مقابلة مع صحيفة ذا غارديان نُشرت اليوم الاثنين، أنّ "هذه الحكومة، مثل سواها من الحكومات السابقة، فقدت ثقة مؤيّديها بتخبّطها في التعامل مع الوضع (القائم)، واهتمامها بالأمور العاجلة أكثر من ضمان مستقبل أفضل ودائم على المدى الطويل"، مشيراً إلى أنّها "تتهاوى نحو المستقبل حاملةً معها الفقر". وسوف يتقدّم بيرد، اليوم، بتعديل على مشروع قانون رعاية الأطفال والمدارس من شأنه أن يُلزم الحكومة قانونياً بوضع أهداف للحدّ من فقر الأطفال في إنكلترا.
It's time to hold the government’s feet to the fire in taking long-term, truly preventive action for the 4.5 million children in this country who live in poverty.
Labour must see that reducing poverty is both a moral and a political necessity.https://t.co/ck23hz8X20
في سياق متصل، اتّهمت منظمة "كير فور كاليه" الخيرية التي تُعنى بشؤون اللاجئين في المملكة المتحدة وفرنسا، على ضفّتَي بحر المانش الذي يخوضه مهاجرون في رحلات خطرة، رئيس الوزراء البريطاني بـ"تأجيج نار اليمين المتطرّف"، من خلال استخدامه عبارة "جزيرة الغرباء" لمناقشة الهجرة.
ووصف الرئيس التنفيذي للمنظمة ستيف سميث الأمر، قائلاً إنّ "هذه لغة خطرة على أيّ رئيس وزراء"، متسائلاً "هل نسي ستارمر أعمال الشغب اليمينية المتطرّفة في العام الماضي؟". أضاف سميث، في بيان، أنّ "هذه اللغة المخزية لن تؤدّي إلا إلى تأجيج نار اليمين المتطرّف، وهي تُنذر بمزيد من أعمال الشغب العنصرية التي تُهدّد حياة الناجين من أهوال الحرب والتعذيب والعبودية الحديثة". وشدّد على "وجوب ستارمر الاعتذار"، ودعا الآخرين إلى مطالبته بالاعتذار، في تدوينة نشرها على حساب المنظمة على موقع فيسبوك اليوم.
وانضمّت النائبة العمّالية المتمرّدة على الحزب زارا سلطانة إلى منتقدي رئيس الوزراء البريطاني، وتساءلت: "هل كتب نايجل فاراج هذا الخطاب؟"، واصفةً إيّاه بأنّه "مهين ومُثير للانقسام". وشدّدت: "نستحق أفضل من هذا".
بدوره، رأى الوزير الأول لاسكتلندا جون سويني أنّ إعلان ستارمر اليوم سوف يلحق الضرر ببلاده. وأكد، في تدوينة نشرها على حسابه على موقع إكس اليوم، أنّ "بيان رئيس الوزراء بشأن الهجرة اليوم سوف يُلحق الضرر باقتصادنا، وبهيئة الخدمات الصحية الوطنية، والرعاية الاجتماعية، وجامعاتنا". أضاف أنّه "يتجاهل الحاجة إلى تعزيز وضع سكان اسكتلندا في سنّ العمل. هذا النوع من الخطاب المثير للانقسام يصبّ في مصلحة نايجل فاراج فقط".
The Prime Minister’s statement on immigration today will damage our economy, the NHS, social care and our universities. It ignores the need to boost Scotland’s working age population.
This sort of divisive language only plays into Nigel Farage’s hands.
Not in Scotland’s name.
في الإطار نفسه، أفادت محامية متخصّصة في شؤون الهجرة بأنّ حاملي تأشيرات العمّال المهرة يتمتّعون بـ"مستوى تعليمي عالٍ وخبرة واسعة". وقالت شريكة شؤون الهجرة لدى شركة المحاماة الوطنية "ميشلمورز إل إل بي" لينسي بلايث، بحسب ما نقلت صحيفة ذا تايمز، إنّ "تعليقات ستارمر تشير إلى أنّ المملكة المتحدة تُصدر تأشيرات عمل لأيّ شخص، وهو أمر بعيد كلّ البعد عن الحقيقة". أضافت أنّ "الغالبية العظمى من التأشيرات، خصوصاً تلك التي يدعمها متخصّصون مؤهّلون في الهجرة، مُنحت لأعلى مستويات الجودة من العمّال ذوي المؤهلات وسنوات الخبرة في مجالاتهم".
نقاط بارزة في وثيقة الهجرة
ومن بين أبرز النقاط التي تضمّنتها الوثيقة الضخمة التي أعلنت عنها حكومة كير ستارمر، اليوم، والتي تتألّف من 82 صفحة:
- متطلبات جديدة للغة الإنكليزية لكلّ المتقدّمين وأفراد أسرهم، مع "تقييم للتطوّر بمرور الوقت".
- مضاعفة الفترة المؤهّلة للحصول على الإقامة الدائمة من خمسة أعوام إلى عشرة.
- سوف تُنشئ الحكومة مجموعة أدلّة سوق العمل لاستخدام البيانات من أجل اتّخاذ قرارات بشأن حالة سوق العمل وتقليل الاعتماد على التوظيف الدولي، وسوف تُرفَع متطلبات الحدّ الأدنى للأجور للعمّال المهرة على مستوى الدراسات العليا، وسوف تُلغى الخصومات من هذا الحدّ.
- المهن المشمولة هي التي تعاني من نقص طويل الأمد من التوظيف من الخارج، شريطة توفّر استراتيجية للقوى العاملة والتزام أصحاب العمل بزيادة التوظيف المحلي.
- سوف تُلغى تأشيرات الرعاية الاجتماعية كلياً، وسوف يُسمَح في خلال فترة انتقالية حتى عام 2028 بتمديد التأشيرات وتغيير نوع التأشيرة.
- سوف تُفرَض متطلبات جديدة على المؤسسات التعليمية التي توظّف طلاباً دوليّين لضمان الامتثال للقانون.
- تقليص مدّة بقاء الخرّيجين في المملكة المتحدة بعد انتهاء دراستهم من خمسة أعوام إلى 18 شهراً.
- إقرار تشريع لإعادة التوازن إلى الحقّ في الحياة الأسريّة في قانون حقوق الإنسان، والذي يُمكن أن "يُعيق الترحيل عندما يكون الإبعاد في المصلحة العامة بوضوح".
- سوف تزيد الحكومة من فرص الحصول على التأشيرات لـ"أصحاب المهارات العالية جداً" الذين يمتلكون المهارات والخبرة اللازمة لتعزيز نموّ المملكة المتحدة في الصناعات الاستراتيجية.
- سوف يُصار التدقيق بطريقة أدقّ في حالات الأفراد الذين يطلبون اللجوء في المملكة المتحدة بعد وصولهم بتأشيرة، ولا سيّما في حال "عدم تغيّر الظروف في بلادهم الأصلية بصورة جوهرية".
- سوف تُتّخذ "تدابير" لضمان دعم الحكومات الأخرى لعودة مواطنيها.
- ضمان إطلاع وزارة الداخلية على أيّ مواطن أجنبي يرتكب جريمة جنائية، بدلاً من الاكتفاء بمن يُسجَن، وسوف تُجرى مراجعة لحدود ترحيل مرتكبي الجرائم الأجانب.
