ARTICLE AD BOX
يعيش سكان مدينة الرقة مخاوف مستمرة من حدوث انهيارات أرضية تطاول مباني سكنية، نتيجة توسع قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في حفر الأنفاق
انهار طريق في شارع الوادي بمدينة الرقة، عقب مرور قاطرة ثقيلة، في 26 مارس/ آذار الماضي، ليكتشف الأهالي وجود نفق في المنطقة حفرته "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وقوبل الأمر بنداءات من الأهالي لإيقاف حفر الأنفاق، لكنها لم تلقَ أي استجابة.
من الرقة، يقول سلامة الفيصل لـ"العربي الجديد" إنّ "الكثير من الأنفاق حُفرت تحت المدينة، ومشروع الحفر هو مخطط وممنهج، لكنه يهدد المنازل والبنية التحتية في المدينة، وتتجاهل (قسد) تحذيرات ونداءات السكان التي تطالب بإيقاف عمليات الحفر". يضيف الفيصل: "وفق معلومات الأهالي، هناك مرافق كاملة تحت الأرض يشرف عليها شخص يدعى إسماعيل الأحمد الإسماعيل، وهو يقود مع شقيقه إبراهيم مجموعة من عمال حفر الأنفاق. الخطر يكمن في تشعب الأنفاق وكثرتها، ولا نعلم بالتحديد لماذا يتم حفرها، لكن ما يخيفنا هو احتمالية تحويل بعضها إلى مستودعات لتخزين الأسلحة. تروج (الإدارة الذاتية) لمشاريع خدمية في الرقة، لكن حفر الأنفاق لا يمت بصلة إلى مشاريع الخدمات، وهو تهديد للبنية التحتية، ويعرض حياة السكان للخطر، ونحمّلهم مسؤولية النتائج الوخيمة على المدينة وسكانها".
وكشفت مصادر محلية في الرقة عن وجود شبكة متشعبة من الأنفاق أسفل المدينة، بما في ذلك منطقة "وادي الفرات"، وهي منطقة ذات تربة غير مستقرة تجعلها عرضة للانهيار، وسجلت الرقة أخيراً انهياراً أرضياً بالقرب من "جامع الجراكسة"، ما يعكس خطر عمليات الحفر على المباني. ويؤكد النازح من مدينة الرقة، محمد العثمان لـ"العربي الجديد"، أن الأنفاق تضم سجناً سرياً يقع أسفل المنطقة التي تضم مبنى الرقابة والتفتيش جنوبي مركز المدينة، وأن هذا السجن يُحتجز فيه مدنيون.
وأفادت وسائل إعلام محلية، في إبريل/ نيسان الماضي، بأن مدينة الرقة شهدت خلال شهري مارس/ آذار وإبريل/ نيسان تسجيل عشرات نقاط الحفر، والتي شملت مناطق حيوية مثل دوار النعيم، والبانوراما، والمشفى الوطني، ومعسكر الطلائع، وجسر الصوامع، ومطحنة الرشيد، وأن عمليات الحفر امتدت إلى داخل الأحياء المكتظة بالسكان مثل الفردوس والجميلي، حيث يُخشى من انهيارات أرضية كارثية نظراً إلى اقتراب الأنفاق من سطح الأرض وعدم استقرار التربة.
ووفق المصادر المحلية، فقد أنشأت "قسد" سبعة أنفاق على طول خط سكة القطار في منطقة جسر الرومانية، إلى جانب ثلاثة أنفاق غرب المنطقة، ونفق في محيط الملعب الأسود، ونفقين قرب حديقة جواد أنزور، إضافة إلى ثلاثة أنفاق أخرى في شارع الجميلي، وثلاثة أنفاق إضافية في منطقة الصوامع، فضلًا عن نشاطات حفر قرب المشفى الوطني.
ومن الرقة، يوضح فارس ذخيرة لـ"العربي الجديد"، أن "فكرة حفر الأنفاق في أحياء مركز المدينة تعود إلى حقبة سيطرة تنظيم (داعش)، والذي عمل على إنشاء شبكة معقدة من الأنفاق، وهذه الأنفاق كانت مصدر خوف كبير لسكان المدينة. على منوال التنظيم الإرهابي، تقوم آليات وعمال تابعون لقوات قسد بحفريات في مراكز حيوية وأحياء، وقد رصدنا العديد منها، ما يشكل خطراً كبيراً على الأبنية والشوارع". ويثير حفر الأنفاق مخاوف السكان العاجزين عن إيقافها، خاصة أن عمليات الحفر أصبحت علنية. يقول الخمسيني عمر الحاج لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع الراهن مقلق للغاية، فالرقة مدينة تضم أعداداً كبيرة من السكان، وهي في حاجة إلى الكثير من الخدمات، منها ما يتعلق بالصرف الصحي والمياه وغيرها. لا نعلم ما ضرورة هذه الأنفاق، لماذا يثيرون مخاوفنا بها، وقد شهدنا مؤخراً انهيارات أرضية بسبب مرور الشاحنات على الطرق، ونخشى أن يتطور الأمر وتنهار بعض المنازل، وما يجري هو استهتار بأرواح الناس".
يضيف الحاج: "حفر الأنفاق لم يعد خافياً على أحد، فهناك عمال يحفرون في النهار ضمن مناطق مسوّرة باستخدام شبك من الحديد، ويستخدمون رافعات كهربائية لاستخراج التراب من الأنفاق، ولا نعرف كيف ستبرر بلدية الرقة هذا العمل، وهم في الأصل لن يتحدثوا عن المخاطر مع ادعائهم دائماً أنهم يعملون لصالح سكان المدينة".
وتؤكد حملة "الرقة تذبح بصمت" المحلية، أن قوات "قسد" تواصل عمليات حفر أنفاق تستخدم لأغراض عسكرية، وآخرها حفر نفق في حي الجميلي بوسط المدينة، ضمن منطقة تضررت مبانيها بشدة خلال فترة الحرب على تنظيم "داعش" في عام 2017، ما يزيد احتمالات انهيار المباني في المنطقة مع استمرار عمليات الحفر.
