ARTICLE AD BOX

<p>قوة من المن العام السوري متمركزة في أشرفية صحنايا في 1 مايو الحالي (أ ف ب)</p>
أدرك فريد متأخراً ما يحوم تحت بناء السكن الجامعي من ضجيج حينما ظل غارقاً بكتابة بحث أكاديمي حتى انتشله زميله مصطحباً إياه إلى غرفته ليمكث فيها، بعدما تعالت صرخات أطلقها شبان في المدينة الجامعية تحمل تهديدات بالانتقام من أبناء الطائفة الدرزية.
لم يعلم فريد الطالب بكلية التربية في حمص، وابن منطقة السويداء المنتمي إلى الطائفة الدرزية، ما يدور من خطاب تصعيدي، وطائفي إلى أن انهالت المكالمات الهاتفية من أهله وأقاربه للاطمئنان عليه، مع توصياتهم له بتوخي الحذر إثر غضب شعبي انفجر بعد انتشار تسجيل صوتي مسيء للنبي محمد قيل إن شخصاً درزياً أطلقها.
يروي فريد هذا الموقف وكانت الدماء قد تجمدت في عروقه لحظتها "لماذا نُحاسب ونلاحق على إساءة لم تصدر مني أو من غيري من أبناء طائفتي بل من شخص واحد ينبغي محاسبته وفق القانون، أعلم جيداً أن أبناء الطائفة السنية غير موافقين على ما يحدث من اقتتال لأننا كلنا أبناء بلد واحد، زميلي في الجامعة الذي أخذ بيدي وقدم لي الحماية هو طالب سنّي".
الحياة الجامعية الصعبة
في غضون ذلك ارتفعت أصوات مناشدة الحكومة بتقديم حماية الطلبة القادمين من مناطق تشهد توترات ومنها الساحل والسويداء، فيما خرج مفتي الجمهورية في سوريا، الشيخ أسامة الرفاعي ليحرم الاقتتال وإراقة الدماء. وتحكي الطالبة "مي" التي تدرس العلوم في جامعة دمشق، عن حال تخبط تشهدها حياتها الجامعية خلال الفصل الدراسي الحالي مع تزايد الاشتباكات والأخطار، وهي الحريصة على المواظبة في تحصيلها العلمي.
ومع تزايد الحرب بين فلول النظام وقوى الأمن العام من جهة، والانتهاكات الفردية في حق أبناء الطائفة العلوية من جهة ثانية، كان قرار عائلة مي يقضي بمكوثها داخل المدينة الجامعية، لكن مع تزايد الحديث الطائفي على خلفية أحداث جرمانا فضلت الانتقال إلى بيت أحد أقاربها في العاصمة دمشق "ريثما تهدأ النفوس، وبعدها يمكنني العودة إلى غرفتي، لدي صديقات تركن الدراسة، وفضلن إكمالها في العام الدراسي المقبل".
ونشر مركز السويداء الإعلامي بياناً صادراً عن مجموعة من طلاب المحافظة عبروا فيه عن معاناتهم اليومية، وخوفهم من مواصلة دراستهم الجامعية بسبب ما قالوا إنها تهديدات طائفية غير مباشرة جعلت من الحضور إلى الجامعة مخاطرة قد تكلفهم حياتهم.
رحيل وأمل العودة
في المقابل تحدث وزير التعليم العالي والبحث العلمي السوري، الدكتور مروان الحلبي، عن سير الأوضاع داخل السكن الطلابي بشكل طبيعي، وهادئ، ونفى في بيان "ما جرى تداوله أخيراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي من مقاطع تظهر مشاهد توتر داخل المدن الجامعية"، قائلاً إنها "قديمة ولا تعكس الواقع الحالي".
وطمأن مصدر مسؤول في جامعة دمشق، فضل عدم ذكر اسمه لـ"اندبندنت عربية"، الطلاب حيال واقع الحال في المدينة الجامعية، وأكد مداومة أعضاء الهيئة التدريسية والطلاب من دون أي خلل على الإطلاق.
من جهته نفى مدير المدينة الجامعية، عماد الأيوبي، الادعاءات بإجراء إجلاء قسري أو طرد أي طالب من السكن الجامعي، كذلك حدد تاريخ مقطع مصور تدُوول أخيراً، ويظهر طلاباً يجرّون حقائب السفر للعودة إلى السويداء، وقال إنه يعود لتاريخ الثامن من مايو (أيار) الجاري في اليوم الذي تلا انتشار مقطع التسجيل الصوتي، وحمل إساءة للرسول محمد، وأشعل فتنة عارمة في ضاحيتي العاصمة دمشق صحنايا وجرمانا.
الموقف الحكومي تجاه طلبة السويداء بات يتكشف أكثر لا سيما بعد إعلان وزير الإعلام، حمزة المصطفى، عن تواصله مع وزير التعليم العالي الذي أبدى استعداده للتعاون مع محافظة السويداء ووزارة الداخلية لإعادة الطلاب والطالبات وحمايتهم، متعهداً بأن "تبقى الجامعات منارة للفكر وحماية للتنوع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وطلب رجل الدين الإسلامي، محمد حبش في نداء وجهه إلى وزير التعليم العالي بإيجاد حل أمني صارم يفرض القانون وسلطة الدولة، ويحفظ دور الجامعات بالمبادرة إلى وقف التنمر بكل أشكاله، وتوفير ظروف الطمأنينة والأمن للطلبة المستهدفين وتقديم الرعاية والحماية لهم بالسكن والاختبار والتعليم، وأضاف حبش "كل تسرب من الجامعة بدافع الخوف والتنمر هو فشل أكاديمي ومجتمعي، ومجتمع اللون الواحد عصابي تائه، قُتلت فيه روح المنافسة، وانسحقت فيه الأخلاق".
إزاء ذلك ابتعث التجمع المدني المسمى "الطائفة السورية" وفداً لزيارة الطلاب والطالبات من أبناء محافظة السويداء المقيمين بجامعة حلب في الوحدات السكنية الجامعية، والعمل على طمأنتهم، والحرص على توفير بيئة آمنة وداعمة لهم، وزيارة الطالب المصاب في مستشفى حلب الجامعي على خلفية الأحداث الأخيرة.
ميرا بين الزواج والدراسة
في الأثناء ضجّ الشارع السوري بقصة الشابة ميرا وظهورها بعد اختطافها مرتدية اللباس الشرعي برفقة ثلة من عناصر الأمن العام الذين اصطحبوها إلى أهلها في بلدة تلكلخ في ريف حمص، وقالت إنها تزوجت من أحد الشبان بعد تلقيها ضغوطاً من عائلتها.
في المقابل تداول ناشطون عن كون قضية ميرا الطالبة في معهد إعداد المدرسين في حمص تمثل إحدى قصص "السبي" التي بدأت تتفاقم. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان نشر في الثامن من مايو الجاري عن اختطافها من المعهد بتاريخ الـ27 من أبريل (نيسان) الماضي، من داخل المعهد بعدما دخلت لأداء امتحان بناءً على اتصال من "آنسة" في المعهد.
واعتبر المرصد الذي يوثق الانتهاكات الفردية في مناطق الأقليات ومنها الساحل السوري ما حدث مع ميرا "انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان بعد ظهورها منقبة بحماية فصيل مسلح، وفي تحول واضح من قضية اختطاف إلى ’زواج رضائي‘ تحت حماية أمنية لإخفاء الجريمة".
معالجة فورية
وبالعودة إلى المدن الجامعية فإن أغلب الطلبة من الذين تواصلت معهم "اندبندنت عربية" أكدوا أنهم أخلوا غرفهم خوفاً من الهجمة الطائفية، والاعتداءات التي وصلت إلى درجة القتل والتهديد بالقتل بعد إصابة عدد من الطلاب من أبناء الطائفة الدرزية.
في المقابل يرى مراقبون أن تصرف الطلاب فردي، وليس موقفاً رسمياً، مشيرين إلى أنه "لا يكفي أن تتفرج الحكومة على ما يحدث بل يجب أن توقف التحريض الطائفي في الجامعات، بل والتشدد بالعقوبات لمن يتحدث بلغة طائفية وتصعيدية وأن تصل العقوبة إلى درجة الفصل من الجامعة التي من المفترض أن تكون أماكن علم ونور".