طوفان نازحي الضفة أعلى من قدرة الحكومة والـ"أونروا"

1 week ago 5
ARTICLE AD BOX

<p>فلسطيني من "نور شمس" يراقب من تلة مطلة بينما تقوم القوات الإسرائيلية بهدم منازل في المخيم (أ ف ب)</p>

بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على تهجير الجيش الإسرائيلي نحو 50 ألف فلسطيني من مخيمات اللاجئين شمال الضفة الغربية، تزداد الانتقادات لغياب خطة موحدة لإيوائهم ودعهم مالياً.

منذ شهر يناير (كانون الثاني) الماضي أجبر الجيش الإسرائيلي سكان مخيم جنين على ترك منازلهم ودمر عدداً كبيراً منها، قبل أن يكرر الأمر نفسه في مخيمي "طولكرم" و"نور شمس" شمال الضفة الغربية.

واجتاح الجيش الإسرائيلي مئات من منازل تلك المخيمات، ويعمل على تغيير طابعها الجغرافي وتحويلها إلى أحياء تابعة للمدن، مشيراً إلى أن عملياته العسكرية فيها ستتواصل حتى نهاية العام الحالي في الأقل.

وتسبب ذلك في أزمة نزوح هي الأولى من نوعها للاجئين داخل الضفة الغربية منذ سيطرة إسرائيل عليها قبل 58 عاماً.

ليس سوى الوعود

قبل ثلاثة أشهر، اضطر الحكم الفلسطيني لكرة القدم ثائر دراغمة إلى استئجار منزل مع عائلته في ضاحية ذنابة القريبة من مخيم "طولكرم" بعد طرده من منزله داخله.

واشتكى دراغمة من غياب الدعم المالي، سواء من الـ"أونروا" أو الحكومة الفلسطينية، اللتين "لم نسمع منهما سوى الوعود، وثمن إيجار الشقق السكنية تضاعف".

 

غالب النازحين اضطروا إلى استئجار شقق سكنية في ضواحي وقرى محافظتي طولكرم وجنين، بسبب صعوبة العيش لفترات طويلة داخل مراكز الإيواء التي افتتحت في مدارس ومراكز ومساجد.

ويعيش غالب النازحين داخل شقق سكنية أو عند أقاربهم، في حين بدأت الحكومة الفلسطينية دفع بدل مالي لاستئجار الشقق، ولكن لعدد محدود من العائلات، وكذلك فعلت وكالة الـ"أونروا".

لكن "أكثر من 80 في المئة من النازحين اضطروا لاستئجار شقق سكنية على حسابهم الخاص"، وفق رئيس اللجنة الشعبية في مخيم "نور شمس" نهاد أبو شاويش.

ويبلغ عدد العائلات داخل المخيم 2400، و3700 ضمن مخيم "طولكرم" أصبحوا مشتتين في ضواحي وقرى المحافظة.

وبحسب أبو شاويش، فإن وكالة الـ"أونروا" قدمت دعماً مالياً بقمية 800 دولار لثلاثة أشهر لنحو 190 عائلة في "طولكرم" بدل دفع إيجار، وذلك للعائلات التي تحوي مرضى ومسنين، فيما دفعت الحكومة الفلسطينية 270 دولاراً لعدد قليل من العائلات بصورة شهرية.

وعبر أبو شاويش عن غضبه من طبيعة استجابة الحكومة والـ"أونروا" لأزمة النازحين، ومن غياب خطة حقيقية للتعامل معها، قائلاً "معقول بعد 100 يوم لا توجد خطة دعم محكمة".

وأوضح أن "معظم ما نسمعه وعود من دون تنفيذ عملي، فيما الناس يعانون وهم يشاهدون منازلهم في المخيم والقوات الإسرائيلية تهدمها".

ووفق أبو شاويش، فإن إسرائيل "تضع عراقيل أمام إخراج أهالي المخيمات مقتنياتهم من المنازل قبل هدمها"، مشدداً على أن "النازحين لا يريدون سوى العودة إلى المخيم، وإعادة بناء منازلهم المدمرة".

لا مخيمات جديدة

يقع مخيم "نور شمس" على المدخل الشرقي لمدينة طولكرم وتنتشر المحال التجارية على امتداده، لكنها مغلقة منذ ثلاثة أشهر بسبب منع الجيش الإسرائيلي أصحابها من فتحها وتدميره بعضها.

ويبلغ عدد المحال التجارية داخل المخيم 270، تلقى 80 من أصحابها تعويضات مالية قليلة.

وكشف رئيس اللجنة الشعبية في مخيم "طولكرم" فيصل سلامة عن دفع وكالة الـ"أونروا" بدلاً مالياً لـ190 عائلة، من أجل استئجار شقق سكنية الأسبوع الماضي. ووعدت الحكومة الفلسطينية بتوفير 200 بيت متنقل للمخيمين.

لكن سلامة شدد "لا يُستجاب إلا لعدد محدود، إذ يتجاوز عدد عائلات المخيمين الـ5 آلاف"، مطالباً الدول العربية والمنظمات الدولية بـ"التدخل لدعم النازحين، إذ إن الكارثة التي سببتها القوات الإسرائيلية تفوق إمكانات السلطة الفلسطينية ووكالة الـ’أونروا‘".

وأشار إلى أن النازحين "يريدون العودة إلى المخيمات لإعادة إعمار منازلهم، في ظل منع الجيش الإسرائيلي لهم من القيام بذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن مدير مركز الاتصال الحكومي محمد أبو الرب شدد على أن الحكومة خصصت 1.3 مليون دولار إضافية كدفعة إسعافية للعائلات النازحة في "جنين" و"طولكرم"، و1.9 مليون للمتضررين من أصحاب المنشآت.

وأوضح أن الجزء الأكبر من النازحين يعيشون عند أقاربهم فيما اضطر آخرون إلى استئجار شقق سكنية، إذ تكفلت الحكومة بدعهم مالياً، فيما تدفع وكالة الـ"أونروا" البقية.

وأشار إلى أن الوكالة حصلت على دعم مالي بقيمة 4 ملايين دولار لدعم النازحين شمال الضفة الغربية، فيما ستقدم الحكومة نحو 5 ملايين، وستبدأ خلال أيام بتوزيع 400 بيت متنقل مجهزة وفق المواصفات العالمية، ومتصلة بشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي.

لكن تلك البيوت لا تكفي سوى 400 عائلة من آلاف العائلات النازحة داخل "طولكرم" و"جنين"، وهنا يشدد أبو الرب على أن الحكومة حريصة على "إنهاء معاناة النازحين ولكنها لا تريد إنشاء مخيمات جديدة لهم، وتعمل على إعادتهم إلى مخيماتهم الأصلية للإقامة فيها بعد إعادة إعمارها".

وبحسبه، فإن الحكومة شكلت لجنة وزارية تعمل على وضع الخطط لإعادة إعمار المخيمات فور انسحاب قوات الاحتلال منها.

ما يجب فعله

وأشار نائب رئيس اللجنة الشعبية في مخيم "جنين" فداء تركمان إلى أن المخيم "لم يعد صالحاً للحياة، وسكانه لا يعرفون متى يعودون إليه لإعادة إعماره".

وأوضح أن الحكومة الفلسطينية تدفع مبالغ مالية قليلة للعاطلين من العمل في المخيم، وكذلك تفعل وكالة الـ"أونروا" و"ذلك لا يكفي".

وأشار إلى أن الحكومة الفلسطينية تعهدت بدفع مبالغ مالية للنازحين بدلاً من استئجار الشقق السكنية، وذلك بعد انتهاء فترة تبرع أصحاب عمارات سكنية قرب الجامعة الأميركية لإسكان عشرات العائلات.

 

في المقابل، قال محافظ طولكرم عبدالله كميل إن "طول مدة منع عودة النازحين إلى المخيمات يستوجب إيجاد بدائل لهم وإسكانهم في شقق سكنية، لأن بقاءهم في مراكز الإيواء يسبب مشكلات صحية واجتماعية".

وأشار إلى أن المحافظة "ستعمل على توفير الدعم المالي لـ700 عائلة لاستئجار شقق خلال الأشهر المقبلة، فيما تعمل وكالة الـ’أونروا‘ على مساعدة بقية العائلات".

وشدد كميل على أنه "لا يمكن للفلسطينيين التخلي عن مخيمات اللاجئين لأنها تبقى شاهدة على قضيتهم، ويجب العودة إليها".

وعن الانتقادات لضعف عملية تعويض أصحاب المصالح الاقتصادية، أوضح كميل أنها "مفهومة في ظل معاناة التجار وآلامهم"، موضحاً أن الحكومة "قدمت نحو مليوني دولار لدعم أصحاب المصالح التجارية المتضررة في محافظتي جنين وطولكرم".

كميل يقر بأن ذلك لا يكفي لتعويضهم بعد مرور أشهر على تعطل مصالحهم، ولكن الحكومة، بحسبه، "تعاني حصاراً مالياً يمنعها من القيام بما يجب".

دون مستوى الحدث

إلى بلدة "عنبتا" القريبة من مدينة طولكرم، لجأ نحو 215 عائلة للإقامة بصورة موقتة، والذين عاشوا داخل مراكز إيواء في البداية.

لكن تلك العائلات أصبحت تقيم في شقق سكنية ومنازل قديمة مستأجرة، وتعمل محافظة طولكرم على دفع إيجارها لمدة ثلاثة أشهر، وفق رئيس البلدية ثابت إعمر الذي قال إن "الحكومة تقوم أيضاً بدفع كلف التيار الكهربي لهؤلاء النازحين، مع توظيف ثمانية نازحين في مرافق البلدية تعمل على دفع أجورهم".

وعدَّ المحلل السياسي أيمن يوسف أن "الاستجابة الرسمية لأزمة النزوح أقل من التوقعات بناءً على كلام النازحين داخل طولكرم وجنين"، مشيراً إلى أن "المشكلة الأكبر تكمن في غياب خطة وطنية كاملة، تشارك فيها الفصائل الفلسطينية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والبلديات".

وأوضح يوسف أن ذلك تسبب "في فجوة بالمساعي والمبادرات التي كان جزء منها يتم بصورة موسمية".

ووصف النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني المنحل حسن خريشة الحلول المطروحة بأنها "ترقيعية، ولا ترقى إلى مستوى الحدث، لكنها تبقى ضمن الإمكانات المحدودة للسلطة الوطنية واتفاقاتها مع إسرائيل، وفي ظل محاربة إسرائيل وكالة الـ’أونروا‘ ومحاولة منع عملها".

subtitle: 
انتقادات لغياب خطة موحدة لإيوائهم ودعمهم مالياً و"رام الله" ترد: لا نريد مخيمات جديدة
publication date: 
السبت, مايو 10, 2025 - 18:00
Read Entire Article