عام على حكم لاي تشينغ تي... قلق تايوان في أوجه

4 hours ago 3
ARTICLE AD BOX

يمر العام الأول على ولاية الرئيس التايواني، لاي تشينغ تي في وقت تشهد فيه الجزيرة التي تطالب بالاستقلال عن البر الرئيسي الصيني وتعتبرها بكين جزءاً من أراضيها، حالة من عدم اليقين بسبب تقلبات السياسة الخارجية الأميركية، لا سيما بعد عودة ونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، نهاية العام الماضي، كان لاي تشينغ تي أثار غضب الصين، في خطابه الأول بصفته رئيساً بعد تنصيبه في 20 مايو/ أيار 2024، قائلاً حينها إن بكين وتايبيه "ليستا تابعتين لبعضهما بعضاً"، ما اعتبرته السلطات الصينية خطاباً مليئاً بالعداء والاستفزاز والأكاذيب والخداع. واتهمت الرئيس التايواني بأنه "أكثر تطرفاً" في نهجه من سلفه الرئيسة تساي إنغ ون، وأنه بذلك أرسل "إشارة خطيرة" بشأن استقلال تايوان. أما بمناسبة عام على تنصيبه، فقال لاي للصحافيين، الثلاثاء الماضي: "أنا أيضاً ملتزم بالسلام، لأن السلام لا يقدر بثمن، ولا رابح في الحرب، لكن عندما يتعلق الأمر بالسعي للسلام، لا يمكن أن نسير وراء أحلام أو أوهام". وشدد في الوقت نفسه على أن بلاده ستواصل تعزيز قدراتها الدفاعية، لأن الاستعداد للحرب أفضل طريقة لتجنبها.

من جهة أخرى، ومنذ تسلم لاي منصبه، كثّف الجيش الصيني تدريباته العسكرية في محيط الجزيرة، كان أكبرها في شهر إبريل/ نيسان الماضي، بإجراء مناورات مشتركة واسعة النطاق حول تايوان، عقب تحذيرات شديدة اللهجة وجهتها بكين إلى تايبيه من أن الجهود الرامية لضمان استقلال الجزيرة قد تؤدي إلى اندلاع حرب. وكانت وزارة الدفاع الصينية قد وجهت تهديداً شديد اللهجة لتايبيه في أعقاب امتناع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في فبراير/ شباط الماضي، عن التعليق بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستسمح للصين بالسيطرة على تايوان بالقوة. وقالت إن طلب الدعم من الولايات المتحدة سيأتي بنتائج عكسية في نهاية المطاف، محذرة من أن أي خطوة في هذا الاتجاه لن تنتهي إلا بالتدمير الذاتي. وأضافت: "سنأتي ونأخذكم عاجلاً أم آجلاً".

كذلك تسبب سعي تايبيه، في مارس/ آذار الماضي، إلى زيادة الإنفاق الدفاعي لما لا يقل عن 3% من الناتج المحلي الإجمالي، في اضطرابات شعبية واسعة النطاق في الجزيرة. وأثار تساؤلات حول جدوى هذه الخطوة وتأثيرها المحتمل على الإنفاق الحكومي، وما إذا كانت الزيادة في الميزانية الهادفة إلى إظهار تصميم تايوان على الدفاع عن نفسها، كافية لإرضاء الرئيس الأميركي، الذي دعا مراراً إلى رفع ميزانية الدفاع لدى الدول الحليفة.

مدمر براغماتي

في تقييمها لعامه الأول، وصفت وسائل إعلام صينية، لاي، بأنه مدمر براغماتي لتايوان. وقالت إنه رسخ خلال العام الماضي صورته بصفته "مثيراً للمشاكل" و"مخاطراً" و"محرضاً على الحرب". وأضافت أن أفعال لاي أوضحت للعالم الحقيقة القبيحة وراء "استقلال تايوان" - محاولاته لتقسيم البلاد والتملق للقوى الأجنبية - وأقنعت العالم الخارجي أكثر بأن طريق "استقلال تايوان" يتجه نحو طريق مسدود.

ولفتت إلى أن لاي لم ينعم بالاستقرار الذي ينشده، بل بعد عام واحد من توليه منصبه، وجد نفسه غارقاً في دوامة سياسية متفاقمة داخلياً وخارجياً، إذ سلط الاختراق الذي شهدته المحادثات الأميركية الصينية، الأسبوع الماضي، الضوء على واقع مقلق لإدارة لاي. فحتى واشنطن، أقرب داعميها وأكبر موردي الأسلحة إليها، مستعدة لإبرام صفقات مع بكين تبقي تايبيه على هامش اللعبة. في الوقت نفسه، قوبلت جهود لاي لتعزيز جاهزية تايوان العسكرية وزيادة الإنفاق الدفاعي لإرضاء واشنطن باستجابة فاترة من البيت الأبيض، وأصبح شباب الجزيرة أقل ميلاً للانضمام إلى القوات المسلحة.

وأضافت، وسائل الإعلام، أن الأسوأ من ذلك كله أن لاي يواجه هيئة تشريعية تسيطر عليها المعارضة، والتي عرقلت بعض مبادراته الرئيسية، ووصفته بأنه "ديكتاتور"، وهي التسمية التي أصبحت تترسخ بشكل متزايد في المناقشات العامة. ولفتت إلى أن تعاملات الرئيس الأميركي مع تايوان أظهرت أن استراتيجية لاي الأميركية غير فعالة، على الرغم من شعاراته السابقة والتزاماته بمحاولة إرضاء واشنطن.

جيانغ قوه: يُدرك لاي تشينغ تي نفسه "المأزق الذي وُضع فيه" 

رهانات لاي تشينغ تي

رأى الباحث في العلاقات الدولية في مركز النجمة الحمراء في بكين، جيانغ قوه، أن "رهانات لاي تشينغ تي الهشة على المظلة الأميركية في سعيه إلى الاستقلال، أدخلت الجزيرة في متاهة كبيرة، خصوصاً في ظل السياسة الانتهازية التي انتهجها دونالد ترامب في التعامل مع حلفائه في المنطقة، لا سيما تايوان". وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن ترامب كرر في أكثر من مناسبة أن الولايات المتحدة قد لا تكون ملزمة بالتعامل مع أي تهديد صيني مستقبلاً، عملاً بشعار "أميركا أولاً". وأدرك لاي، بحسب جيانغ قوه، نفسه "المأزق الذي وُضع فيه، وهو ما انعكس في تصريحاته الأخيرة، الثلاثاء الماضي، بمناسبة عام على تنصيبه، حين أبدى استعداده للحوار مع بكين والتزامه بالسلام".

خيارات محدودة

اعتبر الباحث في مركز يون لين (تايوان) للأبحاث والدراسات، دا مينغ، أن "استجابة لاي تشينغ تي لمطالب ترامب من خلال رفع قيمة الإنفاق الدفاعي إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي، أظهرت مدى اعتماد تايبيه على واشنطن، وأرسلت إشارة واضحة للداخل والخارج عن مدى تبعية الجزيرة للمظلة الأميركية". ولفت في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "السؤال: هل سيكون ذلك كافياً لكسب الدعم الأميركي المطلوب في ظل التهديدات الصينية؟".

دا مينغ: ترامب لا يلقي بالاً لأي اعتبارات للتعهدات السياسية بين الدول

وبرأي دام ينغ "يشير الواقع إلى أن ترامب رجل الصفقات الأول، وهو لا يلقي بالاً لأي اعتبارات لها علاقة بالمصالح المشتركة أو التعهدات السياسية والبروتوكولات الثنائية بين الدول". ورأى أنه "لذلك، يجب أن يكون ذلك واضحاً للقادة في تايبيه، من أجل تحديد موقف الجزيرة، لأن الخيارات المتاحة محدودة، والصين لن تقبل بأقل من إعادة التوحيد بالقوة إذا لزم الأمر".

Read Entire Article