عدد القتلى والدمار يثيران تساؤلات إسرائيلية حول جدوى الحرب مع إيران

4 hours ago 2
ARTICLE AD BOX

تحاول بعض الأصوات الإسرائيلية التحذير من عواقب الحرب على إيران، مشككة بجدواها، وبدوافع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى الدمار الذي تتسبب به الصواريخ الإيرانية فضلاً عن عدد القتلى والجرحى المتزايد. ورغم ذلك تبقى هذه الأصوات في الظل إلى حد كبير مع التهليل المستمر في وسائل الإعلام العبرية للعدوان على إيران وحالة النشوة التي يعيشها معظم الإسرائيليين، على وقع الضربات الإسرائيلية، وما تصنفه إسرائيل إنجازات "تاريخية".

في صحيفة هآرتس العبرية، اعتبر الصحافي والناقد روغل ألبير، الاثنين، أن قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إعلان الحرب على إيران "هو خطأ استراتيجي كارثي وغير بريء مدفوع باعتبارات سياسية وشخصية، ومدعوم من جمهور وإعلام أعمى وساذج"، مضيفاً أن الجيش الإسرائيلي سيكون عاجزاً، بدون الولايات المتحدة وحتى معها، عن القضاء على البرنامج النووي الإيراني، "فقد فات الأوان وإيران على عتبة دولة نووية، والقدرة على تأخير ذلك بالوسائل العسكرية محدودة للغاية. حتى لو دُمرت صناعتها النووية بالكامل، فستتمكن من استعادتها في غضون عام. قد يؤدي تغيير النظام في إيران إلى إلغاء المشروع النووي، لكن وضع تغيير النظام هدفاً للحرب أشبه بانتصار مطلق في غزة: شعار منفصل عن الواقع".

كما اعتبر أن محاولة استخدام الحرب من أجل الضغط على إيران للتراجع عن مواقفها في المفاوضات مع الولايات المتحدة سيفشل. وأشار إلى أن "الأضرار التي تلحق بالجمهور الإسرائيلي واضحة (..) في منطقة غوش دان، هناك شوارع تبدو في صور الطائرات المُسيرة مثل خاركيف (في أوكرانيا) وغزة. ووفقاً للجيش الإسرائيلي، ستستمر الحملة العسكرية لعدة أسابيع (..) إيران ستطلق صواريخ باليستية على مراكز سكانية، وسيتعرض الإسرائيليون للقتل والإصابة وسيفقدون منازلهم (..) السيناريو الذي وافق عليه الكابنيت كشف عن استعداد لتحمّل أربعة آلاف قتيل (إسرائيلي)، في أول وابل من الرد الإيراني. هذه هي قيمة حياة الإسرائيليين في نظر حكومتهم: لا تساوي شيئاً. الحكومة ترى لنفسها الحق في قتلهم بالآلاف كل ليلة من أجل حرب لا تستطيع تحقيق أي من أهدافها".

لكنها تحقق أهدافاً أخرى، ضرورية لنظام نتنياهو الديكتاتوري، وفقاً للكاتب، "إذ تحول المعارضة ووسائل الإعلام إلى مؤيدين متحمسين للنظام، كما هو معتاد في الديكتاتورية، وتوحد الشعب ضد عدو مشترك أكثر صموداً من حماس وحزب الله، وتنسيهم فشل السابع من أكتوبر وأزمة تجنيد الحريديم، وتدفع قضية المحتجزين الإسرائيليين في غزة إلى الهامش، وتخلق رافعة إضافية لتعزيز الانقلاب السياسي، وتعميق الفصل العنصري والاحتلال في الضفة الغربية، وتأجيل/إلغاء الانتخابات وتزيد من فرص نتنياهو في الفوز".

من جانبه، كتب الصحافي والمعلق في القناة 13 العبرية، رفيف دروكر، مقالاً في الصحيفة ذاتها، معتبراً أن "المفاجأة كانت مذهلة... والضربات التي وجهها الجيش الإسرائيلي والموساد كانت قوية. ومع ذلك، فإن المقارنة بالمفاجآت الاستراتيجية السابقة في التاريخ تغفل نقطة مهمة. هتلر فاجأ ستالين بغزو روسيا، وندم على ذلك لاحقاً. اليابان فاجأت الولايات المتحدة في بيرل هاربر، ونعلم جميعاً كيف انتهى ذلك. حماس فاجأت إسرائيل في السابع من أكتوبر، ويمكن التقدير إلى حد كبير جداً أن ذلك كان خطأً فادحاً. في التاريخ، كانت هناك أيضاً مفاجآت انتهت بشكل أفضل، لكن عندما تهين قوة كبيرة مثل الولايات المتحدة أو روسيا أو إسرائيل أو إيران، فإنك تخلق دافعاً قوياً للجانب الآخر للرد بالانتقام".

وأضاف دروكر أن نتنياهو "أقدم على مخاطرة غير معقولة، ينبغي لقائد دولة ألا يقوم بها في ما يتعلق بمصير بلاده. إسرائيل لا تستطيع منع الضربات القوية للصواريخ الباليستية الإيرانية. حتى الآن، لم نتمكن من اعتراضها، رغم الادعاءات الإعلامية الدعائية. والاعتبارات الاقتصادية لمنظومة الدفاع الجوي تفرض أولويات قاسية، وإيران تحقق إصابات بدقة لم يسبق لأي عدو أن حققها من قبل. العديد من هذه الضربات لا يتم الإبلاغ عنها في الإعلام بحجة عدم إعطاء معلومات للعدو، ولكن في المقابل، هذا يعني أن الجمهور الإسرائيلي لا يدرك التكاليف الفعلية التي يدفعها الآن وسيدفعها لاحقاً". وأشار الكاتب الى تقديرات خبراء بأنه لا يمكن القضاء على القدرات الصاروخية الإيرانية، ولا على البرنامج النووي الإيراني ولا تغيير النظام.

من جهته، اعتبر عيناف شيف، في صحيفة يديعوت أحرونوت، أن "الحكومة المسؤولة عن فشل 7 أكتوبر وترفض تحمل أي مسؤولية عنه، وتعمل على سحق القطاع الذي يخدم في الجيش (من خلال الدفع بقانون التجنيد)، وتقويض التضامن الأساسي (في ما يتعلق بقضية المحتجزين)، ولم تحصل على أغلبية في أي استطلاع رأي خارج فقاعة الإعلام المؤيد للحكومة منذ شهور طويلة، تدخل حرباً ضد قوة قديمة تضم 90 مليون نسمة، وتضع أهدافاً مشكوكاً في إمكانية تحقيقها"، وتتمسك بمصطلحات مثل "السيناريو المرجعي" أو "سيناريو افتراضي مرجعي"، أي بشأن النتائج المتوقعة للحرب وما قد تعتبره إسرائيل إنجازات مقابل خسائرها، "حتى يمكن في النهاية إخبار العائلات المنكوبة والجمهور المذعور أن الأمر كان يستحق".

كما اعتبر الكاتب أن رئيس وزراء يخضع لجلسات استماع في محاكمة جنائية، "ليس لديه تفويض أخلاقي أو شعبي لاتخاذ قرارات مصيرية لدولة إسرائيل". وتساءل كم من الوقت يمكن احتمال الأوضاع التي تؤثر في الاقتصاد، والتعليم، والنظام صحي، والمجتمع، والاستقرار النفسي، خاصة بعد خمس سنوات من الأزمات العالمية (كورونا) وبعد الحرب على غزة.

ووجه الكاتب انتقادات للمعارضة وللتغطية الإعلامية الإسرائيلية معتبراً أنهما تتحركان "بين نشوة متعجرفة، وتبرير للمؤسسة الأمنية، وفصل صارم بين الحزن والألم الذي أصاب السكان المتضررين وبين الأسئلة الجوهرية التي تثيرها الصور الخطيرة القادمة من وسط إسرائيل. حتى التاريخ القريب، الذي يُظهر أن إسرائيل تعرف كيف تدخل الحروب لكنها تميل إلى نسيان كيفية الخروج منها (حتى ضد أعداء أصغر بكثير)، لا يثير أدنى الحد الأدنى من الشكوك الصحية، وكالعادة، ستأتي فقط في مرحلة الندم".

Read Entire Article