عن سلاح القمح العراقي وشراء الولاءات

3 days ago 4
ARTICLE AD BOX

في غضون سنوات قليلة تحول العراق من أحد أكبر مستوردي القمح في الشرق الأوسط إلى أكثر دول المنطقة إنتاجاً للسلعة الاستراتيجية، وبعد أن كان يستورد القمح من الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وفرنسا لتلبية احتياجاته المحلية، ويستورد أكثر من 3.2 ملايين طن من القمح في السنة وربما أكثر، وتتزايد وارداته عاماً بعد عام بسبب ارتفاع عدد السكان، توقف عن استيراد الدقيق من تركيا والإمارات والكويت، كما ألغت الحكومة خطط استيراد القمح.

وللعام الثالث على التوالي نجح العراق ليس في الاكتفاء الذاتي من القمح، بل وتحقيق فائض بالإنتاج، حيث أنتج هذا العام أكثر من ستة ملايين طن، بفائض يبلغ 1.5 مليون طن. وحل العراق في المرتبة الثانية على مستوى الدول العربية في إنتاج محصول القمح لعام 2024، بحسب إحصائية (الفاو). وجاء في المرتبة التالية بعد مصر التي تصدرت القائمة بإنتاج 9.2 ملايين طن. بل إن الحكومة واجهت مشكلة لافتة العام الماضي نتج عنها خسارة قُدرت بنصف مليار دولار، بسبب إنتاج كميات كبيرة من القمح تفوق حاجة الأسواق، مع عدم وجود أماكن لتخزينها، مما دفع الحكومة لبيع القمح بأسعار متدنية.

ما حدث في العراق تجربة ملهمة لدول عربية، سواء على مستوى الاكتفاء الذاتي من القمح، أو تقديم المساعدات الغذائية للدول العربية التي تعاني شحاً في السلع الغذائية والدقيق

وبسبب غزارة الإنتاج والوفرة غير المسبوقة التي حققها العراق من القمح والشعير والذرة، امتلأت الصوامع ومخازن الحبوب بالحبوب. هذه الوفرة مكّنت الدولة من تقديم مساعدات إلى دول عربية، مثل اليمن وسورية ولبنان، وتونس، ومن المتوقع أن تعلن قريباً عن تقديم مساعدة غذائية ضخمة لدول عربية أخرى. فقد تبرعت العراق بـ 300 ألف طن إلى سورية، و250 ألف طن إلى اليمن، و200 ألف طن إلى لبنان، و50 ألف طن إلى تونس، وتقترب من إرسال تبرع ضخم إلى مصر، لكنها تريّثت بسبب هجوم من قبل قوى معارضة عراقية، حليفة لإيران، على الحكومة.

ما حدث في العراق تجربة ملهمة لدول عربية، سواء على مستوى الاكتفاء الذاتي من القمح، أو تقديم المساعدات الغذائية للدول العربية التي تعاني شحاً في السلع الغذائية والدقيق، واستخدام الحكومة العراقية القمح أداة لتقوية العلاقات مع الدول المجاورة، مثل سورية ولبنان، لكن البعض يتخوف من استخدام السلعة الغذائية سلاحاً سياسياً في شراء الولاءات والمواقف، كما حدث قبل أسابيع، إذ جرى إرسال شحنة قمح إلى تونس في محاولة لإقناع الرئيس قيس سعيّد بحضور القمة العربية، التي عُقدت في بغداد يوم 17 مايو/ أيار الحالي، كما ردد معارضون للنظام التونسي، أو للترويج للنظام في بلاد تعاني من الفقر وسوء التغذية والقلاقل الأمنية والسياسية، كما هو الحال مع اليمن والسودان.

Read Entire Article