ARTICLE AD BOX
كان صدور مذكّرات نائب الرئيس السوري، وزير الخارجية الأسبق فاروق الشرع، "الرواية المفقودة" عام 2015، عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مفاجئاً للمهتمّين، من جهة مادّة الكتاب وجهة إصداره، وكذلك جاء نشر الجزء الثاني من مذكّرات الشرع أخيراً (2025)، إذ يستكمل الكاتب روايته للأحداث السورية، وما يتّصل بها، بعد أن توقّف في الجزء الأول عند عام 2000، حين توفي الرئيس حافظ الأسد وخلفه بشّار الأسد.
وقد نشر المركز الجزء الثاني بالتزامن مع سقوط نظام الأسد، وهذا لا يعني أن المركز قد اختار التوقيت، فالنائب الشرع كان قد فرغ من كتابة الجزء الثاني عام 2019، وهو يغطّي الفترة منذ عام 2000 وحتى 2017، إذ شغل الشرع موقع وزير الخارجية، ومن ثمّ نائباً للرئيس، وانتهى معتكفاً عام 2013، ليكتب مذكّراته، وليشهد لحظة سقوط النظام، ويبارك العهد الجديد، منتقداً بشّار الأسد الذي لم يترك مجالاً للحلّ السياسي، وهرب من البلاد من دون تسليم إدارة الدولة بشكل دستوري، وشاجباً استغلال إسرائيل وضع سورية لاحتلال مزيد من الأراضي السورية كما جاء في مقطع صوتي سجّله كاتب هذه السطور لتلفزيون العربي.
نجد في تضاعيف الكتاب تحليلاً عميقاً لشخصية بشّار الأسد، ووصفاً دقيقاً لطرائقه في إدارة البلاد والتعامل مع مرؤوسيه وحتى ضيوفه السياسيين. كما يسرد الكتاب تفاصيل علاقة الشرع ببشّار الأسد منذ صعود الأخير، وطلب حافظ الأسد من الشرع تدريبه على السياسة الخارجية، وانتهاءً بفرض بشّار العزلة السياسية والاجتماعية على الشرع. كما نجد في الكتاب صوراً للتخبّط الحكومي في التعامل مع القضايا المصيرية، ولا سيّما لبنان، والتسوية مع إسرائيل، والعلاقة مع مصر والسعودية، كما نلاحظ أمثلةً من التبلّد والكسل واللامبالاة بمعالجة هموم الناس وتأثير الخيارات والقرارات عليهم.
مذكرات فاروق الشرع في جزئها الثاني الشهادة الأولى من مسؤول سوري كان حاضراً وفاعلاً في السنتَين الأولى والثانية من الثورة السورية
نطالع كواليس القمم العربية، وماذا يشغل بعض الزعماء العرب فيها، وكيف ترسم العلاقات العربية من خلال حسابات ضيقة وشخصية أحياناً كثيرة. وإن كانت شهادة الشرع في كتابه الأول "الرواية المفقودة" تكاد تكون الرواية السورية الرسمية اليتيمة عن المفاوضات السورية الإسرائيلية، ووديعة إسحق رابين تحديداً، فإن مذكرات الشرع في جزئها الثاني هي الشهادة الأولى من مسؤول سوري كان حاضراً وفاعلاً في السنتَين الأولى والثانية من الثورة السورية، فأدار المؤتمر التشاوري وترأّسه، وهو المؤتمر الذي شكّل أول خطوة جدّية لمعالجة سياسية سرعان ما أُجهضت بتراجع بشّار عنها، كما كان يدير اللجنة السياسية خلال هذه الأحداث.
يغفل الشرع بعض الأحداث، ومنها اجتماعات اللجنة السياسية برئاسته، وفي مكتبه، وكانت تشهد نقاشات وجدالات بشأن الخيارات السياسية والأمنية. كما لا يشير إلى موضوع استعداده وفريقه للسفر إلى موسكو لبداية الحوار مع المعارضة، وحين جاءت أوامر بشّار الأسد بعدم السفر في اللحظات الأخيرة. كما لا نجد تفاصيل خطاب الأسد في مجلس الشعب في 30 مارس/ آذار 2011، وبعض النقاط التي اتفق عليها مع الشرع، ولماذا أسقطها الأسد من خطابه.
شخصية بشّار الأسد
يخلص الشرع إلى أن بشّار الأسد نرجسي مريض بالسيكوباتية، "وهي حالة نفسية يفتقد أصحابها كلّياً المشاعر، فلا خوف من العواقب، ولا شعور بالندم تجاه الخطأ، ولا تفاعل مع آلام الناس أو حتى هموم المحيطين به". يتفق الشرع مع معظم من التقى بشّار بأنه يعد ولا يفي بالتزاماته، وكثيراً ما يكذّب: "كان بشّار يبدو لطيفاً مع محاوريه في اللقاءات الرسمية ويقوم بالموافقة على ما يطلبون، ولكنّه سرعان ما يتراجع عن الموافقة بعد مغادرة الوفد مطار دمشق الدولي".
في صفحات مختلفة من الكتاب يصف الشرع بشّار بالنرجسي الغارق في حبّ ذاته، ولا يستطيع سوى سماع كلمات المديح، ويورد أمثلةً على ذلك، إذ يرسل مبعوثين قبل الزيارات الخارجية لتنسيق التغطية الإعلامية وتسويق صورة جذّابة عنه، وعن زوجته. كما يؤكّد الشرع الصورة المعهودة عن عناد بشّار واستهتاره بقرارات مرؤوسيه، "وخير مثال على ذلك تراجعه عن الحوار الوطني الذي بدأ بمبادرة منه وكلّفني بترؤّسه".
إعداد الوريث
يبدأ النائب مذكّراته بكيفية إعداد بشّار للحكم، فقد توسّط الشرع عند السفارة البريطانية ليحصل بشّار ومرافقون له على تأشيرة ليكمل دراسته في لندن. يضيف "ورث بشّار بعد عودته عن أخيه باسل، الإشراف على الجمعية المعلوماتية، التي هي من بين هواياته المفضّلة، فهو لم يكن مولعاً بركوب الخيل مثل باسل، ولا بارتداء البزّة العسكرية كعمّه رفعت، لكن اتضح مبكّراً أنه مثلهما مولع بالسلطة والثروة معاً. ما زلت أتذكّر كيف غادر السرادق المعدّ لتلقي العزاء بأخيه باسل، ليلتقي مجموعة من شباب القرداحة المرحّبين بعودته من لندن، يرفعونه تارةً على أكتافهم ويهزجون، غير مبالين بالمعزّين الذين قدموا من بلدان عربية شتى".
بدأ بشّار التدرّب على السلطة "وكان يقيس درجة الولاء له بمدى قبول الضابط الأعلى رتبةً عسكريةً منه السير إلى جانبه أو خلفه وليس أمامه"
بدأ بشّار التدرّب على السلطة "وكان يقيس درجة الولاء له بمدى قبول الضابط الأعلى رتبةً عسكريةً منه السير إلى جانبه أو خلفه وليس أمامه"، "اشتكى إليّ مرة أن اللواء إبراهيم صافي، قائد إحدى أبرز الفرق العسكرية، كان يتخطاه فيمشي أمامه حين كان يزور لبنان. كان اللواء صافي يتصرّف بوصفه عسكرياً عريقاً تراتبياً".
يسرُد الشرع تفاصيل مواقف بشّار رئيساً، المتخبّطة، ولا سيّما في الشأن الخارجي والعلاقات العربية، فنجد كثيراً من هذه المواقف، مثلاً موقفه اللامبالي من رفض الرئيس اللبناني إميل لحّود مخاطبة الرئيس ياسر عرفات (المُحاصَر) القمة العربية في بيروت عام 2002، وموقفه الرافض تبنّي ورقة الإصلاحات العربية في قمّة تونس عام 2004، كذلك تعليقه على دعوة الشرع إلى التدخّل بين معمر القذافي والملك عبد الله بن عبد العزيز في قمّة الدوحة عام 2009: "ما لنا علاقة".
العلاقة مع السعودية
يتحدّث الشرع كيف أصدرت الخارجية السعودية بياناً تذكره بالاسم، وتتهمه بتخريب العلاقات العربية عندما أدلى بتصريح في عيد الصحافيين عن الدور السعودي المشلول في المنطقة، وشكّل الأسد ثلاث لجان لدراسة الردّ على البيان السعودي، وفي الأخير لم يصدر أي ردّ سوري. ويسرد بعض التفاصيل المتعلّقة بالمبادرة العربية للسلام التي تبنّاها ولي العهد عبد الله بن عبد العزيز حينها: "قرأها الرئيس بشّار الجالس قبالة ولي العهد على كرسي منفصل، ثمّ ناولني النصّ وطلب مني قراءته، فقرأته بإمعان مرَّتين، وقلت إنه في حاجة إلى بعض التعديلات. علّق ولي العهد السعودي بتوتّر غير معهود: إذا كنتم تريدون استعادة أرضكم فوافقوا على هذه المبادرة كما هي واتكلوا على الله. قلت له نحن العرب دائماً نتوكل على الله"، و"اكتفيت بتعليق مختصر على شكل سؤال عن خلو الفقرات من حقّ اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم، الذي لا بد من إضافته إلى المبادرة". كان الملك عبد الله متعجّلاً لإقرار المبادرة العربية للسلام، وقد قال لي في أحد لقاءاتنا العديدة بعد قمّة بيروت: "كله منك يا أخ فاروق، رفض الأميركان استقبال الوفد لأنك أصرّيت على حقّ العودة".
تهديد الحريري وسردية "سورية مختلفة"
يقدّم فاروق الشرع أول قراءة رسمية من النظام السوري السابق للاجتماع بين الأسد ورفيق الحريري (26/4/2004)، ويورد في الكتاب محضر الجلسة كما صاغها القصر الجمهوري السوري، وهي تخالف ما قاله شهود عن الحريري.
يقول: "أعترف أني شعرت بقلق، وخصوصاً بعد صدور تسريبات إعلامية تزعم بأن الرئيس بشّار الأسد كان قد هدد رفيق الحريري، لكي يرغمه على تصويت كتلته في مجلس النواب اللبناني لصالح التمديد للرئيس لحود. سألت الرئيس مباشرة عن مدى صحّة هذه التسريبات، فنفى الأمر، لكنّه لم ينفِ اللقاء الذي لم يُعلن سابقاً، فطلبت إن كان في إمكاني الاطلاع على محضر اللقاء، فأرسل لي نسخة منه في مغلّف مغلق".
ثمّ يسرد المؤلّف تفاصيل علاقته بالحريري "كان رفيق الحريري لطيفاً كما عرفته خلال اللقاءات، وبعض المآدب التي كان أغلبها في منزل عبد الحليم خدّام نائب الرئيس السوري، وأحياناً في مزرعة حكمت الشهابي رئيس الأركان العامة. لا يفرّق الحريري كثيراً بين السياسة ودهاليزها المعقدة إلا من زاوية تأثيرها في الاقتصاد والبورصة ومستقبل السوليدير ومستقبل علاقته الشخصية بسورية والسعودية، وخصوصاً الملك فهد بن عبد العزيز، وفرنسا، لا سيّما رئيسها جاك شيراك. كان متحرراً في أفكاره وثرياً يصعب تقدير ما في حوزته من مال، ولم يكن شديد التواضع. فقد روى مرّة بحضوري أن زوجته في صباها حاولت السفر وحدها من جدّة إلى بيروت، فمنعت في المطار لعدم وجود زوجها معها. فقالت لموظفي الجوازات هل هناك امرأة في العالم يكون زوجها رفيق الحريري وتحاول الهرب منه".
حاول الحريري شراء الشرع كما فعل مع مسؤولين سياسيين وأمنيين سوريين
حاول الحريري شراء الشرع كما فعل مع مسؤولين سياسيين وأمنيين سوريين: "زارني الحريري أوّل مرّة صيف عام 1986 في شقّتي المستأجرة من الدولة. كان أول تعليق له بعد أن تفقّد الصالون والأثاث البسيط على الطريقة الغربية: "هذا لا يليق بوزير خارجية سورية"، وكأنه يلمّح إلى أنه سيساهم في تغيير السكن أو إعادة تأثيث المنزل. وقد سمعتُ لاحقاًَ أنه كان يقدّم ذلك إلى عدد من المسؤولين السوريين الكبار لتغيير أثاث بيوتهم وحتى بناء منازل".
يورد الشرع تفاصيل عن التحقيق مع سبعة من الضبّاط السوريين في فيينا من لجنة التحقيق الدولية باغتيال الحريري، وكيف استبقى المحقّقون العميد رستم غزالي لإقناعه بتبرئة نفسه مقابل الاعتراف أن بشّار هو من أمر باغتيال الحريري. وعن انتحار غازي كنعان، سأل الشرع الأسد إن كان حادث موت كنعان انتحاراً فطلب الأسد من مدير مكتبه أبو سليم قراءة رسالة غازي كنعان التي أرسلها إليه قبيل وفاته وفيها يرجو كنعان الرئيس فيها أن يرعى عائلته وأولاده من بعده.
ثورة وأزمة
يتحدّث الشرع عن وعيه وتنبيهه (منذ وقت مبكّر) إلى أن ما يحصل في سورية وطريقة تعامل بشّار معه سيؤدّيان إلى كارثة مصيرية.
يتحدّث عن مظاهرة الحريقة (17/2/2011)، وتهدئة وزير الداخلية سعيد سمّور المتظاهرين، ولكن بعض الأجهزة الأمنية رأت أن تصرّف وزير الداخلية قلّل من "هيبة الوزارة". و"عند أوّل تغيير وزاري، فقد سعيد سمّور منصبه، وجرى تعيين وزير جديد يعيد إلى الوزارة "هيبتها" المفقودة".
بدأت أحداث درعا، وكان الأهالي ينتظرون زيارة الرئيس، فإذا بهم يجدون جنوداً ملثّمين بقمصان سوداء، "ظنّ بعض الأهالي الذين لمحوهم عن بعد أنهم إيرانيون..أمّا قصة القمصان السوداء فتبين أنها مستوردة من إيران قبل مدّة من الزمن، كما أخبرني الرئيس نفسه في وقت لاحق". هبّت القرى المجاورة لدرعا بالآلاف تضامناً. تمكن وزير الدفاع علي حبيب أن يوقف إطلاق النار من الجنود، فأقاله الأسد بعد فترة قصيرة. شكل الرئيس في 20 مارس/ آذار 2011، وفداً للتعزية برئاسة وزير الإدارة المحلّية تامر الحجّة: "تمنيت أن يكون الوفد برئاسته (بشّار) لأن وجوده في مقدّمة المعزّين سيكون له وقع خاصّ لا سيما أنه لم يزر درعا سابقاً، فابتسم معتبراً كلامي إطراءً، ولكنّه لم يقبل فكرة أن يذهب هو شخصياً للتعزية".
ترأس الأسد اجتماعاً للقيادة القطرية في 23 مارس 2011: "انزعاجه كان متمحوراً حول ما أصاب صورته من تشويه في درعا بالدرجة الأولى، فقال بصوت متهدّج: أنا لا يهمّني سوى الاعتداء على تمثال الرئيس حافظ الأسد، ولا تهمني صورتي الشخصية". وعن خطاب الأسد في مجلس الشعب في 30 مارس، الذي وعد الشرع أنه سيكون مفرحاً للسوريّين، كتب الشرع: "لقد أحبطني بشدّة ما سمعته، خاصّة أنه جاء مخالفاً لما اتفقنا عليه. لكنّها ليست المرة الأولى أو الأخيرة التي لا يعمل فيها الرئيس بالنصيحة التي أسديتها إليه، رغم الموافقة الظاهرية عليها".
اللقاء التشاوري
يفصّل الشرع مجريات اللقاء التشاوري، الذي عقد في 10/6/2011، وكان الشرع يشاور الأسد في كلّ تفاصيله، وهو يوافق، ثمّ يوعز إلى آخرين بتخريب ما تم الاتفاق عليه. لم يكن الأسد راضياً عن فكرة نقل اللقاء على الهواء مباشرة، وقد انزعج أكثر عندما ألقى المفكر طيّب تيزيني كلمته الجريئة. وقد هاتف الأسد الشرع طالباً منه ألا يقبل مناقشة المادة الثامنة في الدستور، التي تنصّ على أن حزب البعث العربي الاشتراكي هو القائد في الدولة والمجتمع، فردّ الشرع أنه لا يستطيع، لأن المؤتمر سيّد نفسه، ولكن كلّ قرارات المؤتمر لا تعتبر نافذةً إلا بتوقيعه عليها.
أبعد الأسد الشرع، وكلّ القيادة الحزبية في المؤتمر العام لحزب البعث عام 2013، وتم إغلاق مكتبه
قبل تلاوة البيان الختامي، اقترحت بثينة شعبان إدخال فقرة جديدة إلى نصّ البيان، تتعلق بدور المرأة في المجتمع، رفض الشرع مقترحها لأنه سيفتح باب النقاش مرّة أخرى، فانسحبت وغادرت القاعة "معلنةً لي استقالتها، فقلت لها إن الاستقالة يجب أن تقدّم للرئيس بشّار الأسد الذي عيّنها". بعد صدور البيان الختامي، صدرت توجيهات من الأسد لاتحادات الفلاحين والطلبة بالتنديد باللقاء ومخرجاته، ووصفه بـ"المؤتمر التآمري".
اعتقال مرافق الشرع
بعد سقوط نظام الأسد، أعلنت عائلة حسّان زكريا مرافق الشرع فتح عزاء به، بعد أن صفّاه النظام معتقلاً. واعتقل هذا المرافق أواخر عام 2013، وكان قد سبق أن اعتقل عام 2002 من رئيس شعبة الأمن السياسي اللواء محمّد منصورة، واضطر الشرع إلى التدخل عند بشّار الذي أخبره أنهم وجدوا مع زكريا أرقام مرافقي وزير الخارجية العراقي محمّد سعيد الصحاف. "قلت للرئيس هل الاتصالات الهاتفية ممنوعة بين بلدَين عربيَّين، ولا سيّما حين أصبحت العلاقات بين سورية والعراق في أحسن أحوالها؟ صمت الرئيس طويلاً، فاضطررت إلى قطع الصمت قائلاً: ربّما كشف مرافقي عن دور لرئيس الأمن السياسي منصورة بالذات، الذي كانت له علاقة بقسائم النفط مقابل الغذاء مع كبير مرافقيكم اللواء ذي الهمة شاليش، الذي كان يخصّص رشوة راتباً شهرياً لمن ينال رضاه في القصر. بدت علامات الدهشة ترتسم بصعوبة بالغة على وجه الرئيس".
الانشقاق
يؤكّد الشرع أنه لم يفكّر في الانشقاق يوماً "ليس لأنني أحبّ بلدي أكثر من الذين يموتون من أجله، وإنّما ليقيني بأن الدول التي يمكن أن أنشق إليها، لن تجعل سورية أفضل حالاً". أدرك الشرع بعد اللقاء التشاوري أن الأسد حسم أمره بالخيار العسكري" حتى تدمير البلد، وأن الحوار السوري - السوري جرى اغتياله، والحوار السوري - العربي أفشل، فلم يتبقَّ سوى احتمالات بعيدة جدّاً لحلّ دولي، وإن جرى فستتم فيه التضحية بسورية بسبب تناقضات الدول الأجنبية المتورّطة".
قرّر الشرع الاعتكاف في منزله رغم عدّة نصائح جاءته من حلقة الأسد لتغيير موقفه، ورفض
قرّر الشرع الاعتكاف في منزله رغم عدّة نصائح جاءته من حلقة الأسد لتغيير موقفه، ورفض: "عندما يرتئي الرئيس إعادة عجلة الحوار السوري - السوري ويزوّدني أو غيري بصلاحيات حقيقية لإنجاحه، فسوف أكون موجوداً فقط حينها".
أبعد الأسد الشرع، وكلّ القيادة الحزبية في المؤتمر العام لحزب البعث عام 2013، وتم إغلاق مكتبه، و"سُرّح معظم الكادر الوظيفي الذي كان يعمل معي بمن فيهم عمّال النظافة، ونُقل قلّة منهم إلى وزارات أخرى في الدولة. وبعدها وصلت رسائل لكلّ من كان له علاقة بي، ويعمل في الدولة، بمنع زيارتي أو التواصل معي".
لم يكن فاروق الشرع بكامل عافيته وصحّته عندما انتهى من تدوين الجزء الثاني من مذكّراته، فللعمر حقّه، فضلاً عمّا تركته تجربته مع الوريث بشّار الأسد من غصّة ومرارة أثّرت في نفسيته وصحّته.
يتمتّع الرجل بكامل اللياقة الذهنية والعقلية، ولكنّه يعاني صعوبة الحركة والنطق.
