ARTICLE AD BOX
أصدرت قاضية فيدرالية أمراً تقييدياً مؤقتاً لمصلحة جامعة هارفارد الأميركية، وذلك في إطار دعواها القضائية في وجه قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب القاضي بمنعها من قبول الطلاب الأجانب، من خلال إلغاء اعتماد الجامعة في برنامج الطلاب الأجانب وتبادل الزوار. وصدر الأمر بعد أقلّ من ساعتَين على الدعوى التي قدّمتها جامعة هارفارد في محاولة لوقف وزارة الأمن الداخلي من إنهاء الاعتماد. ووافقت القاضية في المحكمة الجزئية أليسون د. بوروز، التي حكمت في قضايا عدّة تتعلّق بجامعة هارفارد في السابق، على أنّه في حال مضيّ وزارة الأمن الداخلي قدماً في قرارها، فإنّ جامعة هارفارد "سوف تتكبّد أضراراً فورية لا يمكن إصلاحها قبل أن تُتاح لها فرصة الاستماع إلى جميع الأطراف".
وكانت جامعة هارفارد قد رفعت دعوى قضائية ضدّ إدارة ترامب، في وقت سابق من اليوم الجمعة، بعد قرار حرمانها من حقّ تسجيل الطلاب الأجانب الصادر أمس الخميس. ووصفت الجامعة، في الشكوى التي قدّمتها إلى المحكمة الاتحادية في مدينة بوسطن بولاية ماساتشوستس، الإجراء المتّخذ من قبل إدارة ترامب بأنّه "انتهاك صارخ" للدستور الأميركي والقوانين الاتحادية الأخرى، مشيرةً إلى أنّ قرار ترامب كان له "تأثير فوري ووخيم" على الجامعة وعلى أكثر من سبعة آلاف من الطلاب الأجانب.
وبيّنت جامعة هارفارد أنّ إدارة ترامب أدّت "بجرّة قلم، إلى طرد نحو ربع طلاب الجامعة"، لافتةً إلى أنّهم "طلاب أجانب لهم إسهامات كبيرة في الجامعة ورسالتها". وجاء في ملف الدعوى المرفوعة أمام المحكمة الفيدرالية في ولاية ماساتشوستس أنّ "هذه هي أحدث خطوة تتّخذها الحكومة (الأميركية) في انتقام واضح من ممارسة هارفارد حقوقها التي يكفلها لها التعديل الأوّل (من الدستور)، لرفضها مطالب الحكومة بالسيطرة على إدارة هارفارد ومنهجها الدراسي والأيديولوجيا الخاصة بهيئة التدريس والطلاب".
Without its international students, Harvard is not Harvard. https://t.co/V8uvTNaL64
— Harvard University (@Harvard) May 23, 2025ولا يخفي ترامب غضبه إزاء جامعة هارفارد التي خرّجت 162 من حائزي جائزة نوبل، وذلك لرفضها طلبه الخضوع للرقابة على القبول والتوظيف بعدما اتّهمها بأنّها معقل لمعاداة السامية ولـ"أيديولوجيا اليقظة". وسوف تكون خسارة الطلاب الأجانب الذي يشكّلون أكثر من ربع طلابها (27%) مكلفة لجامعة هارفارد التي تتقاضى من كلّ منهم عشرات آلاف الدولارات الأميركية سنوياً، على شكل رسوم دراسية.
وجاء في رسالة وجّهتها وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نويم إلى رابطة "آيفي ليغ" التي تضمّ ثمانياً من أشهر جامعات البلاد، أنّ "بمفعول فوري، أُبطل الترخيص الممنوح لبرنامج الطلاب وتبادل الزوار الأجانب في جامعة هارفارد"، في إشارة إلى النظام الرئيسي الذي يُسمَح بموجبه للطلاب الأجانب بالدراسة في الولايات المتحدة الأميركية.
وقالت نويم، في بيان منفصل، إنّ إدارة ترامب "تحمّل جامعة هارفارد مسؤولية تعزيز العنف ومعاداة السامية والتنسيق مع الحزب الشيوعي الصيني في حرمها الجامعي". ويمثّل الطلاب الصينيون أكثر من خمس إجمالي عدد الطلاب الأجانب المسجّلين في جامعة هارفارد، وفقاً لأرقامها الرسمية، وقد رأت بكين أنّ القرار "لن يؤدّي إلا إلى الإضرار بصورة الولايات المتحدة الأميركية ومكانتها الدولية". وقالت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، اليوم الجمعة، إنّ "الجانب الصيني لطالما عارض تسييس التعاون التعليمي".
بدورها، انتقدت وزيرة البحث العلمي في ألمانيا دوروثي بير، اليوم الجمعة، القرار الذي اتّخذته إدارة ترامب القاضي بمنع جامعة هارفارد من قبول الطلاب الأجانب، وعبّرت عن أسفها إزاء ذلك. وقالت، في خلال اجتماع مع نظرائها الأوروبيين في بروكسل، إنّ القرار "يحزنني بشدّة. هو ليس علامة إيجابية، لا بالنسبة إلى الجيل الشاب ولا بالنسبة إلى العالم الحرّ". أضافت: "آمل، بشدّة، أن تلغي الحكومة الأميركية هذا القرار، لأنّه خطر حقاً".
أضرار جسيمة في جامعة هارفارد بعد قرار إدارة ترامب الأخير
في الإطار نفسه، أصدر رئيس جامعة هارفرد آلان غاربر بياناً، اليوم الجمعة، قال فيه: "ندين هذا الإجراء غير القانوني وغير المبرر. إنّه يعرّض مستقبل آلاف الطلاب والباحثين في هارفارد للخطر، ويُعَدّ تحذيراً لعدد لا يحصى من الطلاب في المعاهد والجامعات بكلّ أنحاء البلاد من الذين قدموا إلى الولايات المتحدة الأميركية لمتابعة دراستهم وتحقيق أحلامهم". وأكّد غاربر: "لقد قدّمنا شكوى وسيليها طلب لإصدار أمر تقييدي مؤقّت".
من جهته، قال الطالب في جامعة هارفارد كارل مولدن، من النمسا، إنّه تقدّم بطلب للدراسة في جامعة أكسفورد في بريطانيا، لأنّه كان يخشى مثل هذه الإجراءات. أضاف مولدن، البالغ من العمر 21 عاماً، لوكالة فرانس برس أنّ "الأمر مخيف ومحزن"، واصفاً قبوله في الجامعة الأميركية المرموقة بأنّه كان "أعظم امتياز" في حياته. وتابع الطالب النمساوي: "من المؤكّد أنّ هذا (قرار إدارة ترامب الأخير) سيغيّر تصوّر الطلاب الذين قد يفكّرون في الدراسة هناك، فالولايات المتحدة الأميركية صارت أقلّ جاذبية للتعليم العالي".
تجدر الإشارة إلى أنّ قادة فرع جامعة هارفارد لدى الجمعية الأميركية لأساتذة الجامعات وصفوا قرار إدارة ترامب الأخير بأنّه "الأحدث في سلسلة من التحرّكات السلطوية والانتقامية ضدّ أقدم مؤسسة للتعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية".
وفي شهر إبريل/ نيسان الماضي، هدّد ترامب بمنع جامعة هارفارد من قبول الطلاب الأجانب في حال لم توافق على مطالب حكومية من شأنها وضع المؤسسة المستقلة تحت إشراف سياسي خارجي. وكتبت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نويم، في بيانها الأخير، "مثلما شرحت لكم في رسالتي في إبريل، فإنّ تسجيل الطلاب الأجانب هو امتياز". وشدّدت الوزيرة على "وجوب أن تمتثل كلّ الجامعات لمتطلبات وزارة الأمن الداخلي، بما فيها متطلبات الإبلاغ بموجب أنظمة برنامج الطلاب والزائرين، للاحتفاظ بهذا الامتياز".
This administration is holding Harvard accountable for fostering violence, antisemitism, and coordinating with the Chinese Communist Party on its campus.
It is a privilege, not a right, for universities to enroll foreign students and benefit from their higher tuition payments… pic.twitter.com/12hJWd1J86
وتفيد بيانات جامعة هارفارد بأنّ الطلاب الأجانب يمثّلون نحو 27% من مجموع الطلاب المسجّلين فيها للعام الدراسي 2024-2025، مع نحو 6800 طالب أجنبي. ويأتي قرار إدارة ترامب الأخير ليجبرها على العدول عن قبول آلاف الطلاب، الأمر الذي سوف يؤدّي إلى إرباك عدد لا يُحصى من البرامج الأكاديمية والعيادات والدورات ومختبرات الأبحاث قبل أيام قليلة من التخرّج. وقد شدّدت الجامعة التي أُنشئت قبل 389 عاماً، على أنّ "هارفارد لن تكون هارفارد بدون طلابها الأجانب".
في سياق متصل، تواجه ملكة بلجيكا المستقبلية الأميرة إليزابيث، البالغة من العمر 23 عاماً، خطر عدم استكمال دراستها في الولايات المتحدة الأميركية، بعد القرار الذي اتّخذته إدارة ترامب بخصوص جامعة هارفارد من قبول الطلاب الأجانب. وأفادت المتحدثة باسم القصر الملكي البلجيكي لور فاندورن بأنّ "الأميرة إليزابيث أكملت للتوّ عامها (الدراسي) الأوّل"، مضيفة أنّ "تأثير قرار (إدارة ترامب) سوف يتّضح أكثر في الأيام والأسابيع المقبلة. نحن نتحقّق حالياً من الوضع". في غضون ذلك، قال مدير الاتصالات في القصر الملكي البلجيكي خافيير بايرت: "نعمل حالياً على تحليل هذا الأمر"، مشيراً إلى أنّ "أموراً كثيرة من الممكن أن تحدث في الأيام والأسابيع المقبلة". وتتابع إليزابيث السياسة العامة في جامعة هارفارد، وهو برنامج مخصّص لطلاب الماجستير يمتدّ على عامَين.
(فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس، العربي الجديد)
