ARTICLE AD BOX

<p class="rteright">منذ بروز تهديد الشطب في الولاية الأولى لترمب سعت الكثير من الشركات الصينية إلى إدراج ثانوي في بورصة هونغ كونغ (أ ف ب)</p>
تلوح في الأفق أزمة جديدة مصدرها الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، فعلى رغم الهدنة الموقعة بين الطرفين لمدة 90 عاماً، فإن المحللين يتحدثون الآن عن أن الرسوم ليست وحدها ساحة المعركة التي يجب مراقبتها في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين بالعالم، فقد يستخدم الوصول إلى "وول ستريت" كورقة ضغط في المفاوضات خلال الـ90 يوماً، مما يعرض قرابة 300 شركة صينية مدرجة في الولايات المتحدة لخطر الشطب من البورصات الأميركية، بما في ذلك عملاقا التجارة الإلكترونية "مجموعة علي بابا" و"جي دي"، وهي أزمة ستهوي بالتداولات مرة أخرى.
شركات تريليونية
ويقول المحللون إن الهدنة موقتة في شأن الرسوم الجمركية، لكن التوصل إلى اتفاق تجاري نهائي لحل الخلافات قد يستغرق وقتاً أطول، وفي هذه الأثناء، فإن إعادة تصعيد التوترات تظل احتمالاً قائماً
وما أكد ذلك، هو السؤال الذي طرح على وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أخيراً عما إذا كان الرئيس دونالد ترمب سيفكر في طرد الشركات الصينية من بورصتي نيويورك وناسداك كجزء من المحادثات التجارية، إذ صرح بيسنت بأن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة" لذا قد تكون شركات بقيمة سوقية إجمالية تبلغ 1.1 تريليون دولار عرضة لهذا الخطر.
شطب الأسهم الصينية
المحللون أكدوا أنه في فبراير (شباط) الماضي، أصدر ترمب مذكرة تحدد "سياسة الاستثمار أميركا أولاً"، ووصفت الصين بأنها "خصم أجنبي"، وذكرت المذكرة أنه سيتم وضع قواعد جديدة لمنع المستثمرين الأميركيين من دعم إستراتيجية "الاندماج العسكري المدني" الصينية، التي تستخدم فيها الشركات المدنية لدعم الأنشطة الأخرى.
وتسعى إدارة ترمب إلى التحقق مما إذا كانت الشركات الصينية تلتزم بمعايير التدقيق المنصوص عليها في قانون "محاسبة الشركات الأجنبية" بعدما أثارت ممارسات المحاسبة لدى الشركات التي تتخذ من الصين وهونغ كونغ مقراً لها والمدرجة في البورصات الأميركية قلقاً كبيراً خلال فترة رئاسة ترمب الأولى. ويمنح هذا القانون لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية "SEC" صلاحية شطب الشركات الصينية إذا لم تتمكن من فحص عمليات تدقيقها لعامين متتاليين.
مخاوف رقابية
وقد اعتبرت المخاوف في شأن الرقابة المالية محلولة في عام 2022، بعدما قال مسؤولون أميركيون إنهم حصلوا على وصول كاف لمراجعة وثائق التدقيق، ولكن عودة ترمب وإحياء الحرب التجارية أعادا تهديد الشطب إلى الواجهة.
وفي المذكرة نفسها الصادرة في فبراير الماضي، وعد ترمب بمراجعة هياكل الإدراج التي تستخدمها الشركات الصينية للتداول في البورصات الأميركية، إذ تعتمد بعض الشركات على شركات واجهة مثيرة للجدل تعرف بـ"كيانات المصلحة المتغيرة" لإدراج أسهمها في نيويورك، على رغم التعقيدات القانونية والتنظيمية.
وبهذه الطريقة، لا يمتلك المستثمرون أسهماً مباشرة في الشركة الصينية، بل يمتلكون حصة في كيان مسجل في ملاذ ضريبي خارجي مثل جزر كإيمان أو جزر العذراء البريطانية.
ومن بين 286 شركة صينية مدرجة في البورصات الأميركية اعتباراً من أوائل مارس (آذار) الماضي، تستخدم أكثر من نصفها هيكل "كيانات المصلحة المتغيرة"، بحسب لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأميركية الصينية.
استغلال صيني
المحللون أكدوا أيضاً أن بعض الساسة المتشددين في واشنطن يرون أن المستثمرين الأميركيين يستغلون لتمويل شركات صينية على حساب منافسين أميركيين محليين، وربما يسهمون في تطوير تقنيات لا تصب في مصلحة الأمن القومي الأميركي، مثل المنتجات القابلة للاستخدام في التطبيقات العسكرية.
ويشكك هؤلاء المتشددون أيضاً فيما إذا كانت ملكية المستثمرين الأميركيين لأسهم الشركات الصينية مضمونة قانونياً، نظراً إلى الغموض المحيط بوضع كيانات المصلحة المتغيرة.
وفي أوائل مايو (أيار) الجاري، ذكرت تقارير أن مجموعة من المشرعين الجمهوريين كتبوا إلى رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات بول أتكينز، مطالبين بشطب 25 شركة، من بينها مشغل محرك البحث "بايدو"، وشركة سيارات الأجرة الذاتية "بوني إيه آي"، ومنصة التواصل الاجتماعي "ويبو"، مشيرين إلى أن لها روابط عسكرية تهدد الأمن القومي الأميركي.
وأجمع المراقبون على أن تنفيذ ترمب لقرار الشطب يعتمد على ما إذا كان يتماشى فعلياً مع المتشددين ويؤمن بوجود تهديد حقيقي للأمن القومي، أو أنه يرى في هذه الخطوة مجرد أداة للضغط في الحرب التجارية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى عكس سياسته المتقلبة في شأن الرسوم الجمركية، فإن شطب الشركات الصينية من البورصات الأميركية سيكون تصعيداً يصعب التراجع عنه، وقد ينظر إلى تأخير فرض حظر على "تيك توك" الأميركي كمؤشر إلى احتمال تبني ترمب نهجاً أقل حدة.
ومن بين أكثر الشركات هشاشة "بي بي دي هولدنغ" المالكة لتطبيق "تيمو"، و"بي أي بي شوب"، ومجموعة "تي ايه ال ايديوكشن"، لأنها من بين القلائل التي ليس لديها إدراج في أي سوق أخرى، وإذا تم طرد هذه الشركات من البورصات الأميركية، فقد تزال من المؤشرات العالمية الكبرى، مما قد يؤدي إلى سحب 11 مليار دولار من صناديق المؤشرات السلبية، وفق تقديرات "جي بي مورغان".
الاستعداد للشطب
منذ بروز تهديد الشطب في الولاية الأولى لترمب، سعت الكثير من الشركات الصينية إلى إدراج ثانوي في هونغ كونغ كوسيلة تحوط ضد الأخطار التنظيمية في الولايات المتحدة.
وقد حولت بعض الشركات، مثل "علي بابا"، إدراجها الأساس إلى هونغ كونغ، مما يجعلها مؤهلة لبرنامج "ربط البورصات" الذي يربط هونغ كونغ ببورصتي شنغهاي وشنتشن، ويتيح لها الوصول إلى رأس المال الصيني المحلي ويضمن بقاء اهتمام المستثمرين.
لكن هونغ كونغ ليست الحل المثالي، لأن السيولة فيها أقل من نيويورك، وبحسب بيانات "مورغان ستانلي"، فإن متوسط حجم التداول اليومي لشهادات الإيداع الأميركية الخاصة بـ"علي بابا" أعلى بنحو 80 في المئة من حجم التداول في هونغ كونغ.
تأثر المستثمرين
وبالنسبة إلى الشركات التي لا تملك إدراجاً مزدوجاً، قد يتكبد المستثمرون الأميركيون خسائر، إذ لن يتمكنوا من تحويل أسهمهم المتداولة في أميركا إلى أسهم يمكن تداولها في أسواق أخرى.
أما بالنسبة إلى الشركات المدرجة في هونغ كونغ، فبإمكان المستثمرين تحويل ممتلكاتهم إلى ما يعادلها من الأسهم في بورصة هونغ كونغ والاحتفاظ بانكشافهم الاستثماري، ومع ذلك، فإن بعض المؤسسات مقيدة بالقوانين من الاستثمار خارج الولايات المتحدة، وقد يواجه المستثمرون الأفراد صعوبة في إدارة حسابات وساطة أجنبية أو الوصول إليها، وقد تدفع هذه التحديات بعض المستثمرين إلى تصفية ممتلكاتهم.
ويقدر محللو "غولدمان ساكس" أن المستثمرين الأميركيين قد يجبرون على بيع أكثر من 800 مليار دولار من استثماراتهم إذا حظر عليهم الاستثمار في الشركات الصينية.
ويشمل ذلك نحو 250 مليار دولار في شهادات الإيداع الأميركية، و522 مليار دولار في أسهم هونغ كونغ، و0.5 في المئة من الأسهم في البر الرئيس الصيني.
وإذا أمرت بكين المستثمرين الصينيين ببيع أصولهم المالية الأميركية رداً على ذلك، فإن "غولدمان ساكس" يقدر أن حجم مبيعاتهم من الأسهم قد يصل إلى 370 مليار دولار، مما يعني أزمة ضخمة ستحدث في "وول ستريت".
ويرى محللون أن لجنة الأوراق المالية والبورصات يمكنها أن تأمر البورصات بشطب الشركات الصينية أو تلك المسجلة في هونغ كونغ، كما يمكنها أن تلغي تسجيل الشركات للتداول.