قنبلة الديون الأميركية: خفض التصنيف الائتماني يرفع مخاوف الأسواق

6 days ago 3
ARTICLE AD BOX

جردت وكالة موديز الولايات المتحدة الأميركية من أعلى تصنيف ائتماني، لتنضم بذلك إلى وكالتي فيتش وستاندرد آند بورز غلوبال في تصنيف أكبر اقتصاد في العالم دون المستوى الأعلى، وهو AAA. أما السبب فيعود إلى القلق المتزايد من أن الديون المتضخمة والعجز سوف تلحق الضرر بمكانة أميركا باعتبارها الوجهة الرئيسية لرأس المال العالمي وتزيد من تكاليف الاقتراض الحكومية.

ويأتي هذا التخفيض درجة واحدة بعد أكثر من عام من تغيير موديز نظرتها المستقبلية للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى سلبية، وقد غيرت النظرة المستقبلية إلى مستقرة. وتشكل ديون الولايات المتحدة الجزء الأكبر من ديون العالم، حيث بلغت 36 تريليون دولار في عام 2024، أي ما يعادل 34.6% من الإجمالي العالمي، استناداً إلى بيانات وزارة الخزانة الأميركية.

وواصل الدين الأميركي الزيادة بعد تولي دونالد ترامب منصبه حيث بلغ 36.22 تريليون دولار حتى يناير/ كانون الثاني 2025. وتُعاني الولايات المتحدة من عجز ضخم في الميزانية، حيث بلغ إجمالي العجز المالي 1.05 تريليون دولار وفق أحدث الارقام، وهناك توقعات لمكتب الميزانية في الكونغرس، أن يبلغ عجز الموازنة الفيدرالية 1.9 تريليون دولار هذا العام. وأثار قرار موديز خفض تصنيف أميركا ردة فعل عنيفة من البيت الأبيض، الذي وصفه على لسان ستيفن تشيونغ، المتحدث باسم الرئيس دونالد ترامب بأنه قرار سياسي.

وهاجم تشيونغ، مارك زاندي، الخبير الاقتصادي في شركة موديز أناليتيكس، بأنه منتقد لسياسات الإدارة منذ فترة طويلة. وقال: "لا أحد يأخذ تحليله على محمل الجد. لقد ثبت خطؤه مرارًا وتكرارًا".

فيما تلقفت الأسواق هذا القرار بقلق متزايد من قبل المستثمرين بشأن قنبلة ديون موقوتة تلوح في الأفق قد تحفز حراس سوق السندات الذين يريدون رؤية المزيد من ضبط النفس المالي من جانب واشنطن.

ارتفاع الديون

وجاء خفض تصنيف الولايات المتحدة الصادم للبيت الأبيض في الوقت الذي يسعى فيه الجمهوريون، الذين يسيطرون على مجلسي النواب والشيوخ، إلى الموافقة على حزمة شاملة من التخفيضات الضريبية، وزيادات الإنفاق، وتخفيضات شبكات الأمان الاجتماعي، والتي قد تضيف تريليونات إلى ديون الولايات المتحدة. ويُثير عدم اليقين بشأن الشكل النهائي لما يُسمى "مشروع القانون الكبير الجميل" قلق المستثمرين، حتى مع ظهور تفاؤل بشأن التجارة، إذ تقدر لجنة الميزانية الفيدرالية أن يضيف مشروع القانون ما يقرب من 3.3 تريليونات دولار إلى ديون البلاد بحلول عام 2034.

وبالأرقام، ومن دون تعديلات على الضرائب والإنفاق، توقعت "موديز" في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، أن تظل مرونة الميزانية محدودة، مع توقع ارتفاع الإنفاق الإلزامي، بما في ذلك نفقات الفائدة، إلى حوالي 78% من إجمالي الإنفاق بحلول عام 2035 من حوالي 73% في عام 2024.

إذا تم تمديد قانون تخفيضات الضرائب والوظائف لعام 2017، وهو السيناريو الأساسي، فسوف يضيف حوالي 4 تريليونات دولار إلى العجز المالي الأساسي الفيدرالي (باستثناء مدفوعات الفائدة) على مدى العقد المقبل. نتيجةً لذلك، تتوقع "موديز" اتساع عجز الموازنة الفيدرالية ليصل إلى ما يقارب 9% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، ارتفاعًا من 6.4% في عام 2024، مدفوعًا بشكل رئيسي بزيادة مدفوعات فوائد الديون، وزيادة الإنفاق على الاستحقاقات، وانخفاض توليد الإيرادات نسبيًّا.

وتتوقع أن يرتفع عبء الدين الفيدرالي إلى حوالي 134% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، مقارنةً بـ 98% في عام 2024. وفشلت الإدارات الأميركية المتعاقبة والكونغرس في الاتفاق على تدابير لعكس مسار العجز المالي السنوي الكبير وتكاليف الفائدة المتزايدة.

ولا تعتقد موديز أن المقترحات المالية الحالية قيد الدراسة ستؤدي إلى تخفيضات جوهرية متعددة السنوات في الإنفاق الإلزامي والعجز. على مدار العقد المقبل، توقعت عجزًا أكبر مع ارتفاع الإنفاق على الاستحقاقات، بينما تبقى الإيرادات الحكومية مستقرة بشكل عام. في المقابل، سيؤدي العجز المالي الكبير والمستمر إلى زيادة عبء الدين الحكومي وفوائده. من المرجح أن يتدهور الأداء المالي للولايات المتحدة مقارنةً بماضيها، ومقارنةً بالدول السيادية الأخرى ذات التصنيف الائتماني العالي.

وحذرت من أنه قد يُخفَّض التصنيف الائتماني أيضاً إذا تآكلت فاعلية السياسات أو قوة المؤسسات إلى درجة تُضعف بشكل ملموس الوضع الائتماني للدولة. وسيكون هذا هو الحال إذا أدى ذلك إلى تدهور النمو متوسط الأجل أو قدرة الاقتصاد على الصمود في وجه الصدمات، أو إذا رافقه تخلٍّ كبير ودائم من جانب المستثمرين العالميين عن الدولار الأميركي.

تأثر الأسواق

على صعيد الأسواق، قالت كبيرة استراتيجيي السوق في بنك بي إم أو برايفت ويلث، كارول شليف، إن "سوق السندات تراقب من كثب ما يحدث في واشنطن هذا العام على وجه الخصوص"، مشيرة إلى أن خفض موديز للتصنيف الائتماني ربما يجعل المستثمرين أكثر حذراً.

وأضافت: "بينما يناقش الكونغرس مشروع القانون الضخم الجميل فإن مراقبي السندات سوف يراقبون من كثب إجبارهم على اتباع خط مسؤول مالياً" في إشارة إلى مستثمري السندات الذين يعاقبون السياسات السيئة من خلال جعل الاقتراض باهظ التكلفة بشكل لا يطاق بالنسبة للحكومات.

وقال مؤسس شركة تولو كابيتال مانجمنت في نيويورك، سبنسر حكيميان، إن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من جانب موديز، والذي يأتي في أعقاب خطوات مماثلة من جانب فيتش في عام 2023 وستاندرد آند بورز في عام 2011، "سيؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للقطاعين العام والخاص في الولايات المتحدة".

مع ذلك، من غير المرجح أن يُؤدي خفض التصنيفات الائتمانية إلى عمليات بيع قسرية من الصناديق التي لا تستثمر إلا في الأوراق المالية عالية التصنيف، وفقًا لجينادي غولدبرغ، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأميركية في شركة تي دي للأوراق المالية، حيث عدّلت معظم الصناديق إرشاداتها بعد خفض تصنيف ستاندرد آند بورز. وأضاف: "لكننا نتوقع أن يُعيد هذا الأمر تركيز اهتمام السوق على السياسة المالية ومشروع القانون الجاري التفاوض عليه في الكونغرس".

Read Entire Article