لماذا ترتفع أسعار العقارات في بغداد؟ هل غسيل الأموال هو السبب الحقيقي؟

1 week ago 19
ARTICLE AD BOX

لماذا ترتفع أسعار العقارات في بغداد؟ هل غسيل الأموال هو السبب الحقيقي؟

في وقت يعاني فيه العراقيون من تدنّي القدرة الشرائية وتراجع الدخل الفردي، تواصل أسعار العقارات في بغداد ارتفاعها الجنوني، حتى في المناطق الشعبية والمتهالكة عمرانيًا.
تُطرح الأسئلة على نطاق واسع: من يشتري بهذه الأسعار؟ ولماذا لا تنخفض السوق رغم الركود الاقتصادي؟ وهل فعلاً هناك شبهة غسيل أموال ترفع الأسعار بشكل مصطنع؟

الجواب ليس بسيطًا، لكنه بالتأكيد يكشف خيوط لعبة اقتصادية معقّدة... قد يكون فيها غسيل الأموال اللاعب الخفي الأبرز.


العاصمة الأغلى في المنطقة… بلا خدمات!

مقارنة بمدن إقليمية مثل عمّان، بيروت، أو حتى إسطنبول، تأتي بغداد في مراتب صادمة من حيث أسعار المتر المربع.
في بعض أحيائها كـ المنصور، زيونة، الكرادة، الجادرية، تجاوز سعر المتر 3,000 دولار، بينما تصل المنازل في المناطق الراقية إلى أكثر من مليون دولار.

والسؤال:
هل تتناسب هذه الأسعار مع البنية التحتية، الأمان، أو مستوى الخدمات؟
الإجابة ببساطة: لا.


من يشتري إذًا؟

وسط الأزمة الاقتصادية، وتآكل الطبقة الوسطى، تبدو حركة الشراء في السوق العقاري غير منطقية. فالغالبية عاجزة عن شراء شقة بسيطة، في حين تُباع منازل فارهة نقدًا وبالدولار.
هنا يبدأ الحديث الجاد عن دخول أموال مجهولة المصدر إلى سوق العقار... بهدف تبييضها.


غسيل الأموال: السر المكشوف في بغداد

غسيل الأموال هو عملية تحويل أموال غير مشروعة (مثل عائدات الفساد، الرشى، التهريب، أو تجارة غير قانونية) إلى أصول "نظيفة"، ويُعد القطاع العقاري من أكثر الطرق المفضلة عالميًا لذلك، بسبب:

  • سهولة إدخال الأموال فيه نقدًا.

  • ارتفاع قيمة العقارات يجعل الصفقة تبدو منطقية.

  • ضعف الرقابة على مصادر تمويل المشترين.

  • غياب الأنظمة التي تربط العقار بالبنوك والتحويلات.

وفي العراق، يندر وجود نظام تحقق فعّال من مصادر دخل المشتري، أو تتبع الأموال المستخدمة في الشراء، ما يجعل بغداد أرضًا خصبة لعمليات تبييض ضخمة.


الفساد والروتين الحكومي يعمّق الأزمة

من المعروف أن العراق يُصنّف ضمن أكثر الدول فسادًا إداريًا وماليًا، ويُعتقد أن كثيرًا من المسؤولين أو التجار المرتبطين بالأحزاب قاموا بضخ أموالهم المشبوهة في العقارات، ليس فقط لحفظها، بل لرفع قيمة السوق بشكل وهمي.

كل هذا يؤدي إلى فقاعة عقارية، لا تعكس العرض والطلب الحقيقيين، بل ترتكز على عمليات غامضة تتجاوز قواعد السوق العادلة.


آثار غلاء العقارات على المجتمع

  • حرمان الشباب من تملك السكن، ودفعهم نحو الإيجار المرتفع أو الهجرة.

  • انفصال طبقي حاد بين القادرين على الشراء (غالبًا عبر المال السياسي أو غير المشروع) وبقية المواطنين.

  • تضخم سوقي يعرقل النمو الاقتصادي بدل أن ينعشه.

  • تفاقم العشوائيات بسبب العجز عن شراء العقارات الرسمية.


ما الذي يجب فعله؟

  • إطلاق نظام تحقق مالي شفاف لمصادر شراء العقارات.

  • ربط التسجيل العقاري بالنظام المصرفي وفرض الدفع البنكي.

  • سنّ قانون لمكافحة غسيل الأموال في السوق العقارية وتفعيل العقوبات.

  • تشجيع مشاريع سكنية حقيقية مدعومة لصالح الطبقة المتوسطة والفقيرة.


الخلاصة

الغلاء العقاري في بغداد ليس مجرد انعكاس للعرض والطلب، بل نتيجة مباشرة لمزيجٍ سامّ من غسيل الأموال، الفساد، وغياب الرقابة.
في بلد يعاني من أزمة سكن حادة، لا يمكن القبول بأن تُستخدم بيوت الناس كأدوات لتبييض المال، في حين يُدفع المواطن البسيط نحو الإيجارات أو العشوائيات.

ما لم تتدخل الدولة بصرامة وتنظّف السوق، فإن العقارات ستبقى ملاذًا لغسيل الفساد... لا موطنًا آمنًا للعراقيين.