لماذا تعترض "أوكسفام" على مواصلة بريطانيا تسليح إسرائيل؟

5 days ago 5
ARTICLE AD BOX

<p>تعمل "أوكسفام" في مجال الدعم الإنساني في غزة وشهد عاملوها انتهاكات عديدة على مر الشهور (أوكسفام)</p>

تدرك منظمة "أوكسفام" في بريطانيا أن اللجوء إلى القضاء ليس أمراً هيناً، لكنها شعرت بأنها مضطرة إلى التدخل في القضية المرفوعة من منظمة الحق الفلسطينية لحقوق الإنسان وشبكة العمل القانوني العالمية (ومقرها المملكة المتحدة)، التي تطعن في استمرار الحكومة البريطانية في بيع الأسلحة لإسرائيل. وتعقد جلسات هذه القضية، التي تشارك فيها أيضاً منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" كجهات متدخلة [هي أطراف ليست من المدعين الأصليين أو المدعى عليهم، لكنها تتدخل رسمياً في الدعوى القضائية لتقديم وجهة نظرها أو دعم أحد الجانبين]، في المحكمة العليا هذا الأسبوع.

ولا شك في أن المشاعر جياشة حالياً تجاه ما تشهده غزة، ونظراً إلى الاهتمام الإعلامي المتوقع أن تحظى به القضية، أعتقد أنه من المهم ومن البداية توضيح إلام ستتطرق إليه القضية وما لا تتعلق به.

أولًا، ما لا تتعلق به القضية: أوكسفام منظمة إنسانية وليست سياسية، فمبادئها التأسيسية تحتم عليها حماية أرواح جميع البشر، بغض النظر عن جنسيتهم أو دينهم أو انتمائهم السياسي. ونحن لا نحيد عن تفويضنا الأساسي المتمثل في منع الفقر وتخفيفه وتعزيز حقوق الإنسان، بل نحن نجسد هذا التفويض وندافع عنه.

وجوهر هذه القضية قانوني صرف، وسيركز على قرار الحكومة البريطانية بمواصلة السماح ببيع قطع غيار لمقاتلات "إف-35" لإسرائيل، على رغم إقرار وزير الخارجية ديفيد لامي بوجود خطر واضح بأن أي عتاد عسكري يجري تصديره من المملكة المتحدة قد توظفه إسرائيل لارتكاب أو تسهيل انتهاك جسيم للقانون الإنساني الدولي في غزة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتقع على عاتق المملكة المتحدة التزامات بموجب القانونين المحلي والدولي بوقف إصدار تراخيص بيع الأسلحة في حال توافر خطر واضح بأن تستخدم تلك الأسلحة في مثل هذه الانتهاكات.

وبصفتنا منظمة إنسانية تعمل في غزة، تقدمت "أوكسفام" بطلب لتقديم أدلة ومرافعات قانونية في هذه القضية، ونحن ممتنون للمحكمة العليا لمنحنا الإذن بذلك.

وبدأت جلسات المحكمة يوم الثلاثاء الماضي، وخلال الأيام القليلة المقبلة، سنقدم معلومات مفصلة عن حجم التدمير الواسع النطاق الذي طاول البنية التحتية للمياه والصرف الصحي وقطاع الصحة، وسنستعرض أدلة على الهجمات التي استهدفت العاملين في المجال الإنساني، والقيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية.

لقد شهدنا بأم أعيننا كيف دمرت الهجمات العسكرية الإسرائيلية بصورة ممنهجة البنية التحتية الحيوية للمياه والصرف الصحي في غزة، إذ دمر ما يقرب من 1700 كيلومتر من شبكات المياه والصرف الصحي، إلى جانب جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي و70 في المئة من محطات ضخ مياه المجاري. وفقدت بعض أجزاء القطاع قدرتها الإنتاجية للمياه بالكامل، في ظل تدمير غالبية الآبار.

حتى الحروب قوانين تحكمها، ومن المسلم به على نطاق واسع أن إسرائيل تنتهكها. لقد شهد زملاؤنا وشركاؤنا على الأرض بصورة مباشرة كيف يستخدم التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين، وكيف قامت حكومة إسرائيل باستغلال مورد المياه وتحويله إلى سلاح.

ومن العار أن تحمل غزة الآن الرقم القياسي كأخطر مكان في العالم للعاملين في المجال الإنساني.

وبطبيعة الحال، فإن جميع العاملين في أسرة "أوكسفام" حول العالم تنتابهم مشاعر قوية للغاية تجاه غزة، حيث فقدنا زملاء لنا في هذه المذبحة التي لم تتوقف.

فقد لقي اثنان من شركائنا المشاركين في تقديم الرعاية الصحية الضرورية حتفهما جراء غارات جوية إسرائيلية على جباليا، وتشير التقارير إلى مقتل أكثر من 400 عامل في مجال الإغاثة وأكثر من 1300 عامل في القطاع الصحي في غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، على رغم أن القانون الإنساني الدولي يفرض حماية العاملين في المجال الإنساني.

إن مقتل 15 مسعفاً ومنقذاً فلسطينياً أخيراً، الذين عثر على جثثهم مدفونة في مقبرة جماعية، أثار غضب العالم أجمع، لكن عدداً من الانتهاكات والهجمات لا يبلغ عنها.

وعليه، فإننا نعتقد أن الحكومة البريطانية تساعد وتحرض على ارتكاب جرائم حرب، من خلال استمرارها في بيع قطع غيار مقاتلات "إف-35".

وترى "أوكسفام" أن على الحكومة البريطانية احترام القانون الدولي وإعلاء شأنه، وأن توقف فوراً جميع تراخيص الأسلحة الحالية والجديدة ما دام أن إسرائيل تواصل ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي.

هناك من يتحدثون بنبرة يأس واستسلام عن أن النظام القديم القائم على القوانين والأعراف يتجه نحو الانهيار، لكن لا يمكننا أن نلزم الصمت ونسمح بحدوث ذلك.

يجب الاعتزاز بسيادة القانون في المملكة المتحدة، وإذا كان التاريخ علمنا درساً، فهو – على حد تعبير مارتن لوثر كينغ – إذا سمحنا بالظلم في أي مكان، فإننا نهدد العدالة في كل مكان.

 

الدكتورة حليمة بيغوم هي الرئيسة التنفيذية لمنظمة "أوكسفام المملكة المتحدة"

subtitle: 
وفقاً للرئيسة التنفيذية للمنظمة فإن الجماعات الحقوقية لا يمكن أن تكف مكتوفة الأيدي حين يكون القانون الدولي معرضاً للخطر
publication date: 
الخميس, مايو 15, 2025 - 14:15
Read Entire Article