ARTICLE AD BOX
اختتم الرئيس الأميركي دونالد ترامب جولته في الخليج أمس الجمعة بعد أن ضمن، حسب ما يقول البيت الأبيض، أكثر من تريليوني دولار للاقتصاد الأميركي في إجمالي الصفقات. ولم تتضح طريقة حساب هذا الرقم. واستناداً إلى إحصاء أجرته وكالة رويترز، لجميع الصفقات المحددة التي تم الإعلان عنها، فالقيمة الإجمالية تزيد عن 700 مليار دولار. لكن المبالغة في حجم الصفقات ليست بالأمر الغريب في أي زيارة مهمة، خاصة إذا كانت زيارة رئيس أميركي لطالما تباهى بأنه خبير في إبرام الصفقات.
وتضمنت الرحلة طلبيات كبيرة لطائرات بوينغ، وصفقات لشراء معدات دفاعية أميركية، واتفاقيات تتعلق بالبيانات والتكنولوجيا وعقوداً أخرى. لكن خبراء ماليين ودبلوماسيين يقولون إن الأرقام الرئيسية شابتها المبالغة من الطرفين رغبة في إظهار مدى التعاون بينهما. ويظهر تحليل أجرته رويترز، أن اتفاقيات الشركات التي تصل قيمتها إلى 549 مليار دولار أثناء جولة ترامب في الخليج كان كثير منها مجرد مذكرات تفاهم غير ملزمة.
وتشير الحسابات إلى أن المبيعات الدفاعية في الصفقات مع السعودية وقطر رفعت الحصيلة الإجمالية إلى 730 مليار دولار. ولم تتمكن الوكالة من التحقق بشكل مستقل من التوقيع على صفقات أخرى لم يعلن عنها. وقال جاستن ألكسندر، مدير مركز خليج إيكونوميكس الاستشاري "المبالغ تعرضت للتضخيم، والإنفاق المحتمل يحتسب على أنه فعلي، ومعظم الصفقات المحورية كانت ستحدث بغض النظر عمن في البيت الأبيض".
وتشير بيانات لمعهد دول الخليج العربي أن ترامب قال فترة ولايته الأولى إن السعودية وافقت على صفقات بقيمة 450 مليار دولار مع الولايات المتحدة، لكن التدفقات التجارية والاستثمارية الفعلية بلغت أقل من 300 مليار دولار بين عامي 2017 و2020.
ترامب كبير صانعي الصفقات
قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي لرويترز، رداً على سؤال حول هذه الأرقام، "الرئيس ترامب هو كبير صانعي الصفقات، وهذه الاتفاقات الاقتصادية التي تبلغ قيمتها تريليونات الدولارات هي أخبار رائعة للشركات والعمال الأميركيين. الرئيس يفي بسرعة بوعوده بجعل أميركا قوية وثرية مرة أخرى". ولم يرد مسؤولون خليجيون على طلبات الحصول على تفاصيل.
ومذكرات التفاهم أقل من حيث الصفة الرسمية من العقود، ولا تتحول دائماً إلى معاملات نقدية. وأعلنت شركة أرامكو السعودية، على سبيل المثال، أنها وقعت 34 صفقة مع شركات أميركية تصل قيمتها إلى 90 مليار دولار في مجال البنية التحتية للذكاء الاصطناعي ومجالات أخرى. لكن معظم هذه الارتباطات كانت مذكرات تفاهم غير ملزمة ودون قيمة ملحقة بها.
وكان قد أُعلن قبل شهور عن اتفاق أرامكو على شراء 1.2 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً لمدة 20 عاماً من شركة نكست ديكيد، لكن هذا الاتفاق أُدرج في حصيلة صفقات يوم الأربعاء. وقال البيت الأبيض إن الاتفاقات التي تم توقيعها مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "ستنتج تبادلاً اقتصادياً بقيمة 1.2 تريليون دولار على الأقل"، وشملت الاتفاقات صفقة طائرات بقيمة 96 مليار دولار للخطوط الجوية القطرية. لكنها لم تقدم تفصيلاً شاملاً.
وقال مسؤول قطري إن صندوق الثروة السيادي القطري (جهاز قطر للاستثمار) قدم "تعهداً اقتصادياً" باستثمار 500 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي على مدى السنوات العشر المقبلة، لكن ذلك لم يتضمن أي شيء ملموس حتى الآن. وقال فراس مقصد، المدير الإداري في شركة أوراسيا غروب الاستشارية: "إذا كان لنا في الماضي عبرة، فإن الصفقات الموعودة التي ليس لها عائد حقيقي على الاستثمار ستوضع على الرف في نهاية المطاف بعد أن تحقق الغرض السياسي منها".
ووقعت واشنطن صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار مع السعودية تشمل مشتريات من أكثر من 12 شركة أميركية، ووقعت أيضاً ما قال ترامب إنه صفقة دفاعية بقيمة 42 مليار دولار مع قطر. وتباهي ترامب أثناء زيارته للسعودية، في فترة ولايته الأولى، بالإعلان عن مبيعات أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار تقريباً. لكن مثل هذه الصفقات تمتد على مدى سنوات طويلة ويصعب تتبعها عن كثب.
ماذا يكمن وراء الأرقام؟
على الرغم من غموض الالتزامات والجداول الزمنية، عززت الأخبار بعض الأسهم في الأسواق. وقال دويتشه بنك إن ارتفاع سهم إنفيديا 4.16% يوم الأربعاء، يرجع الفضل فيه إلى مذكرة التفاهم التي أعلنت عنها شركة النفط الحكومية السعودية العملاقة أرامكو.
وبلغت قيمة طلبية الخطوط الجوية القطرية لشراء 160 طائرة بوينغ مزودة بمحركات جنرال إلكتريك إيروسبيس 96 مليار دولار. وستنفق شركة الاتحاد للطيران في أبوظبي 14.5 مليار دولار لشراء 28 طائرة بوينغ بمحركات جنرال إلكتريك. وأغلقت أسهم بوينغ على ارتفاع بنسبة 0.64% يوم الأربعاء بعد الكشف عن الصفقة في الدوحة. لكن بعض المكاسب الحقيقية من جولة ترامب تكمن وراء الأرقام الأولية.
وأهم شيء هو أن دول الخليج الثلاث ضمنت دعم الولايات المتحدة لملفات تعتبرها أساسية. وتقترب السعودية من تحقيق طموحها الذي يراودها منذ فترة طويلة في تطوير صناعة الطاقة النووية المدنية، وهو أمر فصله ترامب عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في ما يعد مكسباً كبيراً للمملكة. ووقعت الإمارات على اتفاق إطار عمل يضعها على طريق للحصول على أشباه الموصلات المتقدمة التي تريدها من أجل تحقيق الطموح الذي لطالما راودها بالريادة في الذكاء الاصطناعي.
ويقول حسن الحسن، الباحث البارز في سياسات الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية "أعتقد أن هناك عائداً رمزياً على نطاق أوسع هنا". وأضاف "بينما مر كثيرون من شركاء الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين بأشهر قليلة من التوتر الشديد في علاقاتهم مع الولايات المتحدة، محاولين التعامل مع سياسات ترامب الاقتصادية ونهجه المثير للجدل في الحرب الروسية الأوكرانية، ها هي ذي دول الخليج تبرم صفقات تجارية ومشتريات أسلحة غير مسبوقة وترتقي بعلاقاتها الثنائية إلى مستوى أعلى".
(رويترز)
