مجاعة غزة في إحصائيات الأمم المتحدة

2 weeks ago 6
ARTICLE AD BOX

لا تزال المساعدات التي كان يتلقاها الفلسطينيون في قطاع غزة متوقفة منذ الثاني من مارس/آذار الماضي بسبب إغلاق المعابر ومنع سلطات الاحتلال إدخال أي شاحنات، وهو ما كشف سريعا عن هشاشة الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه الأسر بسبب استمرارية الحرب على غزة أكثر من عام ونصف عام. ووفق احصائيات أممية، فإن قرابة 90% من المواطنين يعتمدون على المساعدات الإغاثية مصدرا رئيسيا للدخل والمعيشة، في ظل نسب بطالة هي الأعلى عالميا وصلت إلى 83%، ومعدلات فقر تعدّت 90% وسط تدهور اقتصادي مستمر منذ سنوات.

وأكد البنك الدولي أن الاقتصاد الغزي يعاني من انكماش حاد، ما يجعل الوضع الاقتصادي غير مستدام في ظل توقف المساعدات، وهو ما يزيد من معاناة السكان ويهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع. ويعرب الفلسطيني عماد أبو لبن، من مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، عن استيائه من توقف توزيع المساعدات الغذائية منذ أكثر من شهرين ونصف شهر، ما أدى إلى تفاقم معاناة عائلته وحرمان أطفاله من أبسط احتياجاتهم الأساسية.

وقال عماد، وهو أب لأربعة أطفال، في حديث لـ"العربي الجديد": "كنا نعتمد على المساعدات لتأمين قوت يومنا، لكن منذ توقفها، لم أتمكن من توفير الطعام لأطفالي، نعاني من الجوع ولا نستطيع الاستمرار من دون دعم". وأضاف: "الأوضاع تزداد سوءا مع كل يوم يمر من دون إدخال المساعدات، ولا نرى أي بوادر لتحسن الوضع، أطفالي يبيتون من دون طعام، وأنا أصبحت عاطلا عن العمل بعد تدمير الاحتلال مصنع الحلويات الذي عملت فيه مدة ست سنوات".

ووفقا لتقرير صدر في بداية الحرب على غزة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) لعام 2023، فإن 80% من الغزيين يعتمدون على المساعدات الدولية حتى قبل اندلاع الحرب. ومع تصاعد الحرب في عامي 2024 و2025، ازدادت الأوضاع سوءا بشكل كبير، حيث أشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولجنة إسكوا إلى أن 91% من سكان غزة يواجهون الآن انعداما حادا في الأمن الغذائي، وهو ما يعادل المرحلة الثالثة أو أسوأ من بين خمس مراحل لتصنيف الأمن الغذائي.

واشتكى محمود العالول، صاحب بسطة لبيع البقوليات في سوق الصحابة وسط مدينة غزة، من شح البضائع وتراجع حركة البيع منذ توقف توزيع المساعدات وإدخال الشاحنات التجارية، مشيرا إلى أن هذا الوضع يتفاقم مع استمرار إغلاق المعابر منذ مطلع مارس الماضي. وقال العالول لـ"العربي الجديد": "كنا نعتمد على المقايضة مع الناس الذين كانوا يستبدلون بعض المواد الغذائية التي يحصلون عليها من المساعدات ببضائع أخرى مثل البقوليات والسكر والأرز، لكن الآن لا يوجد شيء، توقف المساعدات جعل السوق خاليا تقريبا".

وأضاف أن "معبر كرم أبو سالم مغلق منذ أكثر من شهرين ونصف شهر ولا توجد شاحنات تجارية تدخل إلى غزة، وهذا يعني أن المخازن فرغت والأسعار ارتفعت، بينما قدرة الناس على الشراء تزداد ضعفا". وأوضح العالول أن الأزمة الاقتصادية تسببت في ركود السوق وتراجع مداخيل التجار، محذرا من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى إفلاس الكثير من التجار وتفاقم الفقر بين السكان.

تداعيات خطرة

بدوره، حذّر المختص في الشأن الاقتصادي عماد لبد من التداعيات الخطيرة لتوقف المساعدات الإنسانية على الأسر في قطاع غزة، مشيرا إلى أن منع إدخال الشاحنات واستمرار إغلاق المعبر يعمّقان الأزمة الاقتصادية ويزيدان من معاناة السكان بشكل غير مسبوق.

وقال لبد لـ"العربي الجديد" إن توقف المساعدات يضع الأسر في غزة أمام تحديات كبيرة، من أبرزها: انعدام الدخل حيث يعتمد أكثر من 90% من الأسر في غزة على المساعدات مصدرا رئيسيا للدخل، وفي ظل توقفها، تجد هذه العائلات نفسها بلا أي دخل ثابت، ما يعرضها للجوع والفقر المدقع.

وأوضح أن ارتفاع أسعار السلع أيضا يعتبر تحديا كبيرا أمام الغزيين، إذ "أدى إغلاق المعابر وندرة المواد الأساسية إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل كبير، ما زاد من صعوبة حصول الأسر على احتياجاتها الأساسية". وشدّد على أن استمرار توقف المساعدات سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 90%، ما يعني كارثة اقتصادية واجتماعية تهدد استقرار المجتمع بأكمله، مشيرا إلى أن توقف المساعدات لا يعني فقط فقدان الدعم الغذائي والمالي للأسر، بل يكشف أيضا عن ضعف الاقتصاد المحلي الذي يعتمد بشكل كبير على هذا الدعم لتأمين أساسيات الحياة.

ولفت إلى أن إغلاق المعابر يحرم غزة من تدفق البضائع والمواد الخام، ما يعرقل عجلة الاقتصاد ويضعف قدرة الأسواق على الاستمرار، في وقت يعاني فيه القطاع من نسب بطالة هي الأعلى عالميا، داعيا المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى التحرك العاجل لإعادة تدفق المساعدات وفتح المعابر لتجنب كارثة إنسانية محتملة في القطاع.

Read Entire Article