مدارس سورية تنهض من الركام عبر مبادرات أهلية

1 week ago 4
ARTICLE AD BOX

وسط صفوف مهدّمة وساحات غمرتها الأعشاب، قرّر عدد من الأهالي العائدين إلى مدنهم وقراهم حديثاً في سورية ألّا ينتظروا تمويلاً خارجياً أو قراراً حكومياً، فبادروا إلى جمع تبرعات بسيطة، وشراء بعض مواد البناء، واستقدام عمّال من المدينة لترميم عدد من المدارس المهجورة منذ سنوات.

وتشهد هذه المبادرات المحددة تزايداً ملحوظاً في عدة مناطق سورية، وخصوصاً في الأرياف والمدن التي تضررت بشدة خلال سنوات الحرب، ومع عودة نسبية للاستقرار في بعض المناطق، تلتقي جهود الأهالي مع تحركات من وزارة التربية والمجالس المحلية لإعادة المدارس إلى الخدمة.

يقول الحاج محمود معترماوي، من أهالي معرة النعمان لـ"العربي الجديد": "بعد عودتنا إلى الديار كان أولادنا يضطرون إلى المشي أكثر من 4 كيلومترات للوصول إلى أقرب مدرسة. تعبنا من الانتظار، وبدأنا نتحرك بالحد الأدنى، رممنا الصفوف بأيدينا، جلب الأهالي المقاعد، المعلمات ساعدن في التنظيف والطلاء، لم يكن لدينا خيار آخر". وأضاف: "لا تزال آثار الحرب بادية على الجدران المتشققة، لكننا أعدنا إصلاح طاولات خشبية مهترئة بجهود ذاتية. هنا، بدأت الحياة تعود تدريجياً إلى واحدة من أكثر المدن المنكوبة في ريف إدلب الجنوبي".

أما المعلمة هبة العلي في مدينة كفرنبل جنوب إدلب، التي عادت للتدريس هذا العام بعد توقف دام سنوات، فتقول لـ"العربي الجديد": "بدأنا من الصفر تقريباً، المدرسة كانت شبه مهدمة، الجدران سوداء من آثار القصف، والنوافذ بلا زجاج، تواصلنا مع أهالي المدينة، وبدأوا بجمع التبرعات وشراء الإسمنت والدهان، حتى الطلاب ساعدوا في التنظيف، لم ننتظر أحداً، فالتعليم كان أولوية لنا جميعاً".

وتابعت المعلمة: "لم نحصل على دعم حكومي كافٍ، لكننا أعدنا افتتاح المدرسة بعدة صفوف هذا الفصل بجهود أهلية، خشية أن يطول زمن ترميمها، وما زلنا نفتقر إلى الكثير من المواد والكتب، لكننا ندرس بما يتوفر، حتى إننا اضطررنا حتى إلى تدوير أثاث من مدارس أخرى مهجورة، ومع ذلك، لا يزال الدعم والترميم وإعادة التأهيل غير كافية، وهناك أكثر من 60 طالباً بحاجة لمقاعد وقرطاسية".

وبينت المعلمة أنه "رغم كل شيء، لا تزال المدارس تفتح أبوابها يوماً بعد يوم، بجهود معلمين لا يتقاضون رواتب كافية، وأهالٍ لا يملكون إلا القليل من المال والكثير من الإرادة، نعلمهم وسط الركام، لكننا نزرع فيهم أملاً نظيفاً. نحن هنا لنثبت أن هذه المدن المنسية ما زالت تقرأ".

وفي ساحة مدرسة ذات النطاقين وسط معرة النعمان، تجمّع عدد من الأطفال خلال الاستراحة، يتبادلون السندويشات والضحكات. يقول علي الشردوب (10 سنوات) لـ"العربي الجديد": "حلمي أن أدرس وأصبح مهندساً، ولكننا عدنا إلى المدرسة أخيراً. إن الحلم قريب، الصف بلا نوافذ ولا أبواب، لكننا فرحون بالعودة".

والمبادرات الأهلية في ترميم المدارس داخل المدن والبلدات التي عاد أهلها إليها أخيراً أثبتت فعاليتها في عدد من البلدات، لكنها لا تصلح في كل مكان، خصوصاً في القرى الأشد فقراً، حيث لا يملك الأهالي القدرة حتى على شراء طلاء الجدران، ورغم كل الصعوبات، تشهد بعض المناطق عودة تدريجية بطيئة للحياة المدرسية.

Read Entire Article