ARTICLE AD BOX
واسط / جبار بچاي
يُعد مشروع ريّ البتيرة أحد أبرز المشاريع الإروائية الستراتيجية التي انطلقت بعد عام 2003، ويهدف إلى استصلاح 165,500 دونم من الأراضي الزراعية في محافظتي واسط وميسان. وعلى الرغم من إعداد تصاميمه وجدواه الاقتصادية منذ عام 1988 على يد الاستشاري الفرنسي «جيرسار»، فإن المشروع لا يزال متعثرًا بسبب تعاقب الأزمات، من نقص التمويل إلى غياب الإدارة الفنية، وغياب الإرادة السياسية لتفعيله.
مستشار محافظ واسط لشؤون الموارد المائية والمدير العام الأسبق في وزارة الموارد المائية، علي حسين حاجم، قال في تصريح لـ«المدى»، إن «مشروع ريّ البتيرة يُعد من المشاريع الإروائية الحيوية، ويقع على جانبي نهر دجلة، ممتدًا من مدينة الكوت إلى نهر البتيرة المتفرع في قضاء علي الغربي بمحافظة ميسان، إلا أنه متوقف حاليًا نتيجة لنقص التمويل وعدم تشغيل محطة الضخ المكتملة، رغم مناشدات الفلاحين والحكومة المحلية».
وأشار إلى أن المشروع يحدّه من الشمال مدينة الكوت، ومن الشرق نهر دجلة والطريق العام كوت–عمارة، ومن الغرب هور المصندك (السعدية) والدجيلة، بينما يحده من الجنوب مشروع أبو بشوت في ميسان.
وأوضح حاجم أن «أراضي المشروع تمتد كحزام على الجانب الأيمن من نهر دجلة بعمق يصل إلى خمسة كيلومترات. وتبلغ المساحة الكلية للمشروع 165,500 دونم، منها 68,838 دونمًا في محافظة واسط، و87,662 دونمًا في محافظة ميسان، فيما تبلغ المساحة الصافية 135,370 دونمًا (57,970 في واسط و77,400 في ميسان)».
ويتوزع المشروع على تسعة قطاعات: خمسة منها ضمن محافظة واسط، وأربعة ضمن محافظة ميسان. ولكل قطاع مصدر إروائي مستقل متمثل بمحطات ضخ تقع على نهر دجلة، ويشتركون جميعًا في نظام بزل واحد. وتشمل القواطع من (1 إلى 4) إضافة إلى القاطع (9) في واسط، بينما تقع القواطع (5 إلى 8) في ميسان.
وبيّن حاجم أن «القاطع الوحيد المنجز بالكامل هو القاطع الرابع، وتبلغ مساحته 10,800 دونم. وقد أُنجزت فيه جميع الأعمال المدنية، من قنوات ريّ وبزل ومحطة البزل الرئيسية، إلا أن طواقم الضخ لا تزال متوقفة، ما يحرم واسط من الاستفادة من هذه الأراضي المستصلحة، والتي تُروى حاليًا بوسائل بدائية باستخدام مضخات الفلاحين».
وأرجع السبب إلى «غياب الفهم العميق لهذا المشروع الحيوي، وانتهاج سياسات مائية تقوم على حسابات ضيقة لا تضع المصلحة العامة في الحسبان، ما دفع فلاحو ناحية شيخ سعد لتكرار مناشدتهم لوزارة الموارد المائية والجهات المختصة لتشغيل مضخات المشروع دون استجابة».
وعن تفاصيل القواطع، أشار حاجم إلى أن «القطاع الأول بمساحة 13,640 دونمًا، والثاني 12,705 دونمات، وكلاهما قيد الإحالة. أما القاطع الثالث فيغطي 22,000 دونم، ويُعد قيد الاستصلاح. أما القاطع الخامس فتبلغ مساحته 8,607 دونمات».
وفي إشارة إلى خلل تقني جوهري، أكد المدير العام الأسبق للهيئة العامة لتشغيل وصيانة مشاريع الري، أن «المشروع يعتمد على أسلوب الريّ بالغمر، وهو نمط بدائي ومفرط في استهلاك المياه، تخلّت عنه معظم دول العالم، ما يتعارض مع مبادئ الدراسة الاستراتيجية للموارد المائية في العراق، خاصة في ظل شح المياه»، مشددًا على «أهمية اعتماد تقنيات الريّ الحديثة، كالريّ بالرش أو تحت السطحي، في هذا المشروع وفي جميع مشاريع الاستصلاح الجاري تنفيذها».
أما من حيث الإرواء، فتتم تغذية المشروع بالكامل من نهر دجلة عبر تسع محطات ضخ، بطاقة تصريف تتراوح بين 1 و4 م³/ثا، تغطي القطاعات الثمانية الواقعة على الجانب الأيمن للنهر، باستثناء القاطع التاسع الواقع على الجانب الأيسر. كما تخدم محطة بزل واحدة القطاعات الأربعة، ويتم تصريف المياه الزائدة جزئيًا إلى الأهوار عبر نظام السيح، وجزئيًا عبر محطات ضخ متخصصة.
وكانت التصاميم الأصلية والجدوى الاقتصادية للمشروع قد أُنجزت عام 1988، فيما قامت وزارة الموارد المائية بتحديث التصاميم لاحقًا عبر مركز الدراسات والتصاميم الهندسية، ضمن برامج الهيئة العامة لمشاريع الري والاستصلاح، غير أن التمويل والسياسات أعاقت تنفيذه الكامل حتى اليوم.
في السياق ذاته، جدّد عدد من فلاحي واسط مناشدتهم إلى وزارة الموارد المائية لتشغيل مضخات المشروع الجاهزة للعمل، مؤكدين أن كافة مكوناته أصبحت مكتملة، بما فيها القنوات المبطنة والمبازل والنواظم وبيوت الحراس، إضافة إلى الكوادر الفنية المشغّلة.
وقال الفلاح سعيد عبد كاظم: «نطالب السيد الوزير بالإيعاز إلى الدوائر المعنية في واسط لتشغيل محطة الضخ، إذ أن هذه الأراضي ستُحدث فارقًا كبيرًا في إنتاج المحافظة من الحبوب».
ويؤكد زميله محسن اللامي أن «التعمد بعدم تشغيل محطات ضخ المشروع يعني محاربة الفلاحين في تلك المناطق الذين استبشروا خيرا عند الشروع بالمشروع بداية الأمر لكنهم أصيبوا بخيبة شديد نتيجة السياسة المائية الخاطئة لدوائر المياه في المحافظة كذلك إهمال الوزارة لهذا المشروع الذي من المفترض أن يكون أنجز كليا ليضف مساحات واسعة من الاراضي الزراعية المستصلحة لمحافظتي واسط وميسان».
The post مشروع ريّ البتيرة.. عالق بين نقص التمويل والسياسات المتخبطة ومطالبات فلاحية متكررة appeared first on جريدة المدى.