ARTICLE AD BOX

<p>تعمل الحكومة على تعزيز دور صندوق مصر السيادي ونقل حزمة من الأصول المملوكة للدولة إليه (غيتي)</p>
في إطار تحركات تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة كشف وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري حسن الخطيب عن الانتهاء للمرة الأولى من حصر شامل لجميع الرسوم والأعباء المالية غير الضريبية المفروضة على المستثمرين بهدف تخفيف الأعباء وتعزيز الحوكمة والشفافية.
وقال خلال مشاركته فعاليات منتدى الأعمال المصري - الأميركي الذي نظمته غرفة التجارة الأميركية بمشاركة واسعة من الشركات الأميركية العاملة في مصر والمنطقة وعدد من المسؤولين الحكوميين وممثلي القطاع الخاص اليوم الأحد إن هذا الإصلاح يجري عبر مرحلتين: المرحلة الأولى تركز على الأعباء المفروضة على جميع القطاعات، مثل رسوم صندوق تمويل التدريب والتأهيل، والذي جرى تعديل نسبته بموجب قانون العمل الصادر أخيراً، لتصبح ربع في المئة من الحد الأدنى للأجر التأميني بدلاً من واحد في المئة من صافي الربح.
وتشمل هذه المرحلة المساهمة التكافلية، إذ اتخذ قرار من مجلس الوزراء بأن تحسب من صافي الأرباح بدلاً من الإيرادات، والتنسيق جارٍ حالياً مع الجهات المعنية لتحديد النسبة المناسبة والإعلان عنها قريباً.
تقليل البيروقراطية وتخفيف الضغوط على المستثمرين
في تعليقه قال المتخصص في الشأن الاقتصادي أشرف غراب إن توحيد وحصر الرسوم والأعباء مهم جداً للمستثمرين في وقت تسعى فيه الحكومة المصرية إلى جذب استثمارات أجنبية وعربية مباشرة. وأشار إلى أن قرار استبدال ضريبة إضافية موحدة تخصم من صافي الربح بالرسوم التي تتقاضاها الجهات والهيئات المختلفة من المستثمرين والشركات هو قرار مهم ويعد أحد الحوافز التي تدعم المستثمرين وتقلل الضغوط المالية عليهم، في ظل التحديات الراهنة والتوترات الاقتصادية العالمية وتصاعد الحرب التجارية بعد رسوم الرئيس الأميركي الجمركية.
وأوضح أن هناك رسوماً ثانوية تحصل من الشركات لمصلحة عديد من الهيئات والوزارات، وهي تمثل عبئاً وكلفة زائدة على المستثمر، موضحاً أن قرار استبدال هذه الرسوم ضريبة إضافية موحدة تخصم من صافي الربح رفع هذا العبء والكلفة الزائدة من على الشركات، علاوة على أن الضريبة تحددت بناءً على تحقيق صافي ربح بعد خصم الكلفة والمصروفات من إجمال الإيرادات، موضحاً أن القرار مرتبط بآلية التنفيذ وسهولة تطبيقه وتحديد قيمة الضريبة.
وأشار إلى أن مثل هذه القرارات تقلل من البيروقراطية وتؤكد إصرار الدولة في السعي نحو تحسين بيئة الاستثمار وتبسيط الإجراءات وتعزيز العدالة الضريبية بين المستثمرين، وتخفيف الأعباء المالية والإدارية التي كانت تمثل عائقاً أمام أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة وصغار المستثمرين، مشيداً بقرار إتاحة سداد رسوم الإفراج الجمركي بعد انتهاء ساعات العمل بالبنوك، بهدف خفض عدد الأيام اللازمة للإفراج الجمركي من ثمانية إلى ستة أيام، مع استمرار عمل الخدمات الجمركية بالعطلات الرسمية وأيام الجمعة، موضحاً أن تلك القرارات تمنح القطاع الخاص دوراً مهماً في دفع عجلة الاقتصاد وزيادة حجم الصادرات. ولفت إلى أن هذا الاتجاه يعزز الشفافية والعدالة ويعمل على جذب الاستثمارات وتوسع المستثمرين في أنشطتهم القائم، بخاصة أن تلك الرسوم كانت تتسبب في إحجام بعض المستثمرين عن التوسع في مشاريعهم القائمة، مضيفاً أن تلك القرارات الرئاسية تستهدف تبسيط المنومة المالية وتسهم في تحسين بيئة الأعمال، مضيفاً أن إزالة جميع العوائق التي تعوق المستثمرين تشجع الاستثمار المحلي والأجنبي على ضخ استثماراته خلال الفترة المقبلة.
تحركات لزيادة العائد على أصول الدولة
قال الوزير المصري إنه يجري العمل في الوقت الحالي على استراتيجية شاملة لتعزيز دور صندوق مصر السيادي ونقل حزمة من الأصول المملوكة للدولة إلى الصندوق بهدف تعظيم العائد على أصول الدولة وتحقيق قيمة اقتصادية ملموسة، مشيراً إلى أن الصندوق السيادي سيلعب دوراً محورياً في إدارة محفظة الأصول العامة وتعظيم العائد منها. وأوضح أن المرحلة الثانية تستهدف إعادة تنظيم وتخفيف الأعباء المالية غير الضريبية وإعادة هيكلة العلاقة المالية بين الدولة والمستثمر، ووضوح حقوق والتزامات المستثمر تجاه الدولة خلال فترة الاستثمار.
أما على الصعيد الإجرائي فأشار الوزير إلى أنه خلال الأيام المقبلة ستطلق المنصة الموقتة للتراخيص الاستثمارية، والتي ستضم في مرحلتها الأولى 389 خدمة وترخيصاً إلكترونياً، على أن تطلق لاحقاً منصة "الكيانات الاقتصادية" التي ستغطي دورة حياة المشروع بالكامل، من التأسيس مروراً بالتراخيص وحتى التشغيل.
وأكد الوزير في كلمته أن هذا المنتدى يمثل منصة مهمة لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة، وبناء جسور جديدة للتعاون في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة. وأوضح أن مصر شهدت خلال العقد الأخير نقلة نوعية في تطوير البنية التحتية من إنشاء مدن جديدة وشبكات الطرق والموانئ والمطارات إلى جانب مشروعات الطاقة وغيرها، مما أسهم في تهيئة بيئة أكثر تنافسية وجاذبية للاستثمارات المحلية والأجنبية.
وأشار الوزير إلى أن وضوح واستقرار السياسات الاقتصادية الكلية يشكلان ركيزة أساسية في رؤية الحكومة لجذب الاستثمار، موضحاً أن الدولة تعمل حالياً على تنفيذ حزمة من الإصلاحات المالية والنقدية والتجارية تضمن الشفافية وتحفز النمو.
استراتيجية لمضاعفة الصادرات المصرية
فيما يخص التجارة الخارجية أكد الخطيب أن الحكومة تستهدف مضاعفة الصادرات لتصل نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمال إلى 20 في المئة. وأشار إلى التعاون الجاري مع وزارة المالية لتسريع عمليات الإفراج الجمركي من 14 يوماً إلى يومين فقط بنهاية عام 2025، عبر تنفيذ 29 إجراءً مشتركاً لتحسين كفاءة سلاسل الإمداد وتيسير حركة التجارة. وأوضح أن الحكومة المصرية تبذل جهوداً متواصلة لإزالة جميع العوائق غير الجمركية التي قد تعرقل حركة التجارة، وتعمل على تيسير الإجراءات بما يتماشى مع المعايير الدولية، ويعزز من انسيابية تدفق السلع.
ولفت الوزير إلى اعتماد معايير السلامة الأميركية للسيارات المستوردة إلى السوق المصرية، بما يسهم في توسيع الخيارات أمام المستهلك المصري، ويسهل دخول العلامات التجارية العالمية، واتخاذ عدد من الإجراءات التنظيمية المرتبطة بشهادات "حلال" من أبرزها إلغاء اشتراط شهادة "حلال" على واردات الألبان ومنتجاتها، بما يتوافق مع المعايير الدولية، ولقي ترحيباً من شركاء مصر التجاريين، إضافة إلى العمل على فتح الباب أمام شركات جديدة للتسجيل لمنح شهادة "حلال"، بما يعزز مبدأ المنافسة، ويضمن خفض الكلفة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتُجرى في الوقت الحالي دراسة تخفيض رسوم تقييم المطابقة للمنتجات والمنشآت الغذائية، بما يخفف العبء على المصدرين إلى السوق المصرية، ويشجع التجارة العادلة، بحسب الوزير الذي سلط الضوء على عدد من المزايا التنافسية لمصر، بما في ذلك موقعها الجغرافي الفريد الذي يربط ثلاث قارات، واتفاقات التجارة الحرة مع أكثر من 70 دولة، إضافة إلى بنية تحتية حديثة وقاعدة عمالية شابة ومدربة تتجاوز 31 مليون عامل.
واستعرض أمثلة لعدد من قصص النجاح لشركات أميركية تعمل في مصر، ووسعت من استثماراتها أخيراً، مؤكداً أن هذه النماذج تعكس ثقة المستثمرين في السوق المصرية، وتبرهن على الفرص الواعدة المتاحة في مختلف القطاعات.
ودعا الوزير مجتمع الأعمال الأميركي إلى تعزيز استثماراته في مصر والاستفادة من الحوافز التنافسية والإصلاحات الجارية، مؤكداً التزام الحكومة الحوار المستمر مع المستثمرين وتذليل جميع التحديات أمامهم، لضمان بيئة أعمال مستقرة ومستدامة.
ضغوط صعبة تواجه جميع المستثمرين
في حديثه إلى "اندبندنت عربية" قال المحلل المالي نادي عزام إن التوجه إلى حصر الرسوم وجميع الأعباء المالية والضريبية وإعادة النظر فيها من قبل الحكومة المصرية، أمر في غاية الأهمية لجميع المستثمرين، سواء المحليون أو الأجانب والعرب.
وأوضح عزام أن غالب الدول التي تعتمد على الاستثمارات الخارجية غالباً ما تتعامل بصورة موحدة مع جميع المستثمرين، والرسوم والجمارك والضرائب أيضاً موحدة، وفي حال انتهاء الحكومة المصرية من تقليص حجم الضغوط والأعباء المالية التي تواجه المستثمرين، فإن هذا التوجه سيعمل بصورة مباشرة على تعزيز الاستثمارات الأجنبية، ويعطي للمستثمر المحلي فرصاً أكبر للتوسع في أنشطته واستثماراته. ولفت إلى أن جميع المستثمرين يواجهون في الوقت الحالي ضغوطاً كبيرة، وبخاصة تلك القادمة من الخارج مع توسع حرب الرسوم التي بدأها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يضاف إلى ذلك استمرار دورة التشديد النقدي على مستوى العالم حتى الآن، وهذه ضغوط صعبة تقع على عاتق جميع المستثمرين في الوقت الحالي، لذلك فإن توجه الحكومة المصرية لتخفيف الأعباء المالية، فإن ذلك سيكون أحد أهم محفزات مضاعفة الاستثمار الأجنبي والمحلي في مصر.