مناورات "الأسد الأفريقي" في المغرب.. الرسائل والدلالات

1 week ago 3
ARTICLE AD BOX

تثير النسخة الـ21 من مناورات "الأسد الأفريقي" المشتركة بين الولايات المتحدة والقوات المسلحة الملكية المغربية، التي انطلقت يوم الاثنين الماضي، تساؤلات بشأن رسائلها ودلالاتها، خاصة في ظل سياق إقليمي ودولي مضطرب، وتحديات أمنية متصاعدة تُلقي بظلالها على المنطقة. وقد شهدت مدينة أكادير، يوم الأربعاء، الانطلاق الرسمي للجزء الخاص بالمملكة المغربية من مناورات "الأسد الأفريقي 2025"، التي تُعد أكبر تمرين عسكري مشترك سنوي يُقام في القارة الأفريقية. وتُجرى فعاليات هذه النسخة في عدد من مناطق المغرب، من بينها أكادير، طانطان، تزنيت، القنيطرة، بنجرير وتيفنيت، وذلك إلى غاية 23 مايو/أيار الحالي.

وتُنظَّم هذه المناورات سنوياً بشكل مشترك بين القوات المسلحة الملكية المغربية ونظيرتها الأميركية، وتشهد هذه السنة مشاركة جيوش 13 دولة أخرى، من بينها المملكة المتحدة، فرنسا، الاحتلال الإسرائيلي، البرتغال، هنغاريا، نيجيريا، الكاميرون، غانا، غينيا بيساو، الرأس الأخضر، كينيا، جيبوتي وغامبيا. وفي حفل الافتتاح الذي احتضنه مقر قيادة المنطقة الجنوبية بأكادير، أكّد رئيس أركان الحرب بالمنطقة الجنوبية، الفريق محمد بن الوالي، أن محاور هذا التمرين تهدف إلى "الرفع من قدرات المشاركين وتعزيز التشغيل البيني للقوات، ترسيخاً لمبادئ التنسيق بين مختلف الوظائف، مما ينعكس إيجاباً على الأداء الجماعي ويعزز الجاهزية الميدانية ويسهم في توحيد المعايير العملياتية".

من جهته، أكد الملحق العسكري الأميركي بالرباط، الكولونيل سيوارد ماتويك، أن تمرين "الأسد الأفريقي 25" يجسد "الشراكة القوية والمستمرة بين الولايات المتحدة والمغرب"، مشدداً على أن "هذا التعاون يعكس التزام البلدين المشترك بالأمن والاستقرار الإقليميين، ويعزز الجاهزية العملياتية والتنسيق مع باقي الدول المشاركة". يُذكر أن أول نسخة من هذه المناورات انطلقت عام 2007، بمشاركة المغرب والولايات المتحدة، قبل أن تتوسع لاحقاً لتشمل دولاً أوروبية وأفريقية، حيث تُنظم سنوياً، وأُقيمت بعض النسخ أكثر من مرة خلال العام نفسه.

أبعاد استراتيجية ورسائل إقليمية

ويرى الخبير المغربي في الشؤون الأمنية والعسكرية، محمد شقير، أن النسخة الحالية من "الأسد الأفريقي" تحمل دلالات استراتيجية مهمة، أبرزها تعزيز مكانة المغرب كحليف استراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة، خصوصاً أن هذه النسخة تعرف مشاركة أكثر من 10 آلاف عسكري، وتمتد إلى مجالات جغرافية جديدة تشمل تونس، غانا، والسنغال، مما يمنحها بُعداً استراتيجياً إضافياً من حيث عدد المشاركين ونوعية العتاد والتوزيع الجغرافي. وقال شقير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المناورات تكرّس موقع المغرب كقوة إقليمية ذات وضع عسكري خاص، يُحفّز الولايات المتحدة على تزويده بأحدث الأسلحة وتنظيم أكبر التمارين في المنطقة الأورو-متوسطية، فضلاً عن تعزيز التنسيق لحل النزاع مع الجزائر بطرق غير تقليدية.

أما الباحث في تاريخ العلاقات الدولية، بوبكر أونغير، فاعتبر أن مناورات "الأسد الأفريقي" تجسد الشراكة الاستراتيجية المتعددة الأبعاد بين المغرب والولايات المتحدة وشركائهما في حلف "ناتو"، مؤكداً أن هذه المناورات تعكس متانة العلاقات الدولية للمملكة، المبنية على الاحترام المتبادل لمؤسساتها وجيشها. وأضاف أونغير، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تنظيم النسخة الـ25 من هذه المناورات يمثل دليلاً جديداً على الدور المحوري الذي تلعبه المملكة في حفظ الأمن والاستقرار إقليمياً ودولياً، خاصة في ظل الأدوار الطلائعية التي تضطلع بها الرباط في حل النزاعات بالطرق السياسية والعسكرية المبتكرة. وأشار إلى أن هذه المناورات تُبرز بوضوح جاهزية القوات المسلحة الملكية بجميع تشكيلاتها، البرية والبحرية والجوية، لمواجهة التحديات الأمنية الراهنة، وتؤكد قدرتها على مواكبة التطور التكنولوجي العسكري السريع. وختم أونغير بالقول: "مخطئ من يعتقد أن المغرب يستفيد فقط من المناورات، بل هو أيضاً يقدّم خبراته ويؤثر في محيطه، مما يعزز موقعه كفاعل أساسي في توازنات الأمن والدفاع في المنطقة والعالم".

Read Entire Article