هل تستغني مصر عن الغاز الإسرائيلي وتتحول للقطري؟

6 hours ago 1
ARTICLE AD BOX

 

على الرغم من تصاعد الحديث في مصر عن البحث عن بدائل للغاز الإسرائيلي لأسباب تتعلق بخلافات سياسية وأخرى اقتصادية لمطالبة تل أبيب بزيادة سعر توريد المليون وحدة حرارية لأكثر من ثمانية دولارات، بينما يتراوح سعر السوق ما بين أربعة وخمسة دولارات، كشفت منصة الطاقة "ميس" (mees)، 16 مايو/أيار الحالي، أن مصر زادت من واردات الغاز الإسرائيلي التي بلغت ذروتها في إبريل/ نيسان 2024، بمستوى قياسي بلغ 1.08 مليار قدم مكعبة يومياً.
وفقاً للمعلومات المتوفرة، يبلغ سعر المليون وحدة حرارية من الغاز الإسرائيلي إلى مصر حوالي 6.7 دولارات، بناءً على صفقة استيراد الغاز بقيمة 15 مليار دولار لـ 64 مليار متر مكعب، ومع ذلك، تطلب إسرائيل زيادة السعر بنسبة 25%، مما قد يرفع السعر إلى حوالي 9.4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، وفق صحف إسرائيلية.

استكشاف موردين بديلين

تشير تقارير اقتصادية إلى أن مصر بصدد استكشاف موردين بديلين للغاز الطبيعي، خاصة القطري والقبرصي، وذلك في ظل التوتر الحالي مع إسرائيل بشأن أسعار الغاز والتلاعب في شحنات الغاز لفرض شروط معينة، بخلاف حرب غزة.
ويقول خبراء مصريون إن تل أبيب تمارس ضغوطاً على القاهرة تتعلق باستيراد الغاز، وتستغل صادرات الغاز أداة ضغط، بعدما زادت مصر من وارداتها من الغاز الإسرائيلي، ووصلت إلى حوالي مليار قدم مكعبة يومياً.
وأفادت تقارير بأن إسرائيل أرجأت تسليم شحنة جديدة من الغاز إلى مصر، واشترطت رفع السعر بما يتناسب مع ارتفاع أسعار الغاز في السوق العالمية في مارس/ آذار الماضي، ما أثار غضباً مصرياً.

وهناك اتفاقيات لزيادة هذه الواردات بين مصر وإسرائيل بأكثر من أربعة مليارات متر مكعب سنوياً لمدة 11 عاماً، وهذا الاعتماد المتزايد يشير إلى وجود علاقة معقدة حيث تستخدم إسرائيل الغاز أداة للتأثير على مصر.
ووسط هذه التطورات، قالت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، يوم 12 مايو الجاري، إن مصر تبحث مع قطر إمكانية تأمين إمدادات الغاز الطبيعي من الدولة الخليجية عبر عقود طويلة الأجل لتلبية احتياجاتها المحلية قبل فصل الصيف.
وقالت الوزارة إن هذه الخطوة تهدف إلى تجنب النقص في إمدادات الغاز الطبيعي الضرورية لمحطات توليد الكهرباء في مصر.
وبحث الجانبان خلال زيارة وفد مصري لقطر سبل تسريع إطلاق مشروعات الغاز الطبيعي المشتركة، وتوقيع عقود طويلة الأجل لتوريد الغاز الطبيعي من الجانب القطري، لمساعدة مصر في تأمين احتياجاتها من الغاز المنزلي.
كما وقعت مصر اتفاقية مع قبرص لتعزيز إمداداتها من الغاز بشكل كبير، إذ سيُضخ الغاز من أكبر حقلين بحريين في قبرص، وهما كرونوس في الجنوب الغربي وأفروديت في الجنوب الشرقي، عبر الأنابيب إلى مصر.

ثلاثة محاور للغاز

في ظل سعيها لتلبية احتياجات قطاع الكهرباء والسوق المحلي من الغاز الطبيعي، ولا سيما خلال فترات الصيف، تحركت مصر على ثلاثة محاور هي: زيادة الإنتاج عبر تكثيف برامج الحفر والاستكشاف، وتحسين شروط التعاقد مع الشركات الأجنبية لتشجيعها، وإبرام اتفاقيات مع قطر تمهيداً للاستغناء عن أو تقليص حجم استيرادها من الغاز الإسرائيلي.
واستوردت مصر كميات قياسية من الغاز الطبيعي من إسرائيل عبر خط أنابيب EMG، الذي يربط عسقلان بشبه جزيرة سيناء، بحسب صحف إسرائيلية. ولتعويض النقص المحلي، خططت مصر لزيادة وارداتها من الغاز الطبيعي من إسرائيل بنسبة تقارب 17% بدءاً من يناير/ كانون الثاني 2025، بهدف الوصول إلى 1.15 مليار قدم مكعبة يومياً.
وأوضحت منصة الطاقة "ميس"، أن القاهرة أبرمت أيضاً أربع اتفاقيات لوحدات عائمة لتخزين وإعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال (FSRU) لاستيعاب الغاز الإسرائيلي، ولتعزيز قدرتها على استيراد الغاز الطبيعي المسال في ظل انخفاض إنتاج الغاز المحلي وارتفاع الطلب على الطاقة.

وأكدت أنه مع اقتراب ذروة الطلب على الغاز في الصيف، سارعت مصر إلى تأمين البنية التحتية اللازمة لتلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي المسال خلال هذا الصيف وما بعده.
وتمتلك مصر وحدة هوغ جاليون العائمة لتخزين وإعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال (FSRU) بسعة 750 مليون قدم مكعبة يومياً، وهي راسية في العين السخنة منذ يونيو/ حزيران الماضي. ولكن بحلول فصل الصيف، تخطط مصر لتشغيل أربع وحدات عائمة جديدة.
وسبق أن أبرمت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (EGAS) المملوكة للدولة اتفاقية استئجار مع ألمانيا لوحدة عائمة لتخزين وإعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال (FSRU) بسعة 174 ألف متر مكعب، مما يُعزز البنية التحتية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال في مصر.

مزيد من الإنتاج المحلي

في تقرير آخر، أكدت "ميس" أيضاً أن مصر وقعت صفقات مع شركات عالمية لتعزيز إنتاج الغاز والنفط على أرضها، بعد أن حسنت شروط التعاقد، لذا يأمل منتجو النفط والغاز الرئيسيون في مصر أن تُسهم الشروط المُحسّنة الجديدة في تعزيز إنتاج النفط والغاز المُتناقص.
وأشارت إلى تحقيق حقل أباتشي رقم 1 في الصحراء الغربية زيادةً في إنتاج الغاز نتيجةً لارتفاع أسعاره، بعد توقيع اتفاقية جديدة مع القاهرة العام الماضي ستدفع بموجبها 4.25 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لإنتاج الغاز الجديد، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 60% عن السعر السابق البالغ 2.65 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية المتفق عليه سابقاً في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
وأوضح التقرير أن شركة أباتشي، المنتجة للغاز في الصحراء الغربية، ومقرها تكساس، حققت ارتفاعاً ملحوظاً في إنتاج الغاز، وتتوقع تحقيق المزيد من المكاسب بنهاية هذا العام، وهو ما يُسعد مصر، التي عانت من انخفاض إنتاج الغاز بنسبة 40% منذ أواخر عام 2021.
وتشير توقعات الربع الثاني إلى استمرار النمو ليصل إجمالي إنتاج الغاز إلى 470 مليون قدم مكعبة يومياً، وفقاً لما صرّح به الرئيس التنفيذي، جون كريستمان، وهو يستعرض أرباح شركته في 8 مايو الجاري.

وتستهدف وزارة البترول زيادة الإنتاج المحلي إلى مستوى يقلص الاستيراد إلى أربع شحنات شهرياً فقط، ما يعني رفع الإنتاج بما يصل إلى 500 مليون قدم مكعبة يومياً بنهابة مايو الجاري، وفق تقديرات حكومية مصرية.
وتنتج البلاد حالياً 4.3 مليارات قدم مكعبة يومياً، إلى جانب 900 مليون قدم مكعبة يومياً من الغاز المستورد، لكن الطلب حالياً يتجاوز ستة مليارات قدم مكعبة يومياً.
ووقعت مصر عقوداً مع شركتي شل وتوتال إنرجيز لشراء 60 شحنة من الغاز الطبيعي المسال في عام 2025، بقيمة تُقدر بحوالي ثلاثة مليارات دولار، وتوفر كل شحنة حوالي 500 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً لمدة أسبوع، مما يُسهم في سد الفجوة بين الإنتاج المحلي والطلب.
وتتأهب الحكومة المصرية لمواجهة الزيادة الكبيرة المرتقبة في الطلب على الكهرباء خلال أشهر الصيف، حيث تستهدف استيراد ما بين 155-160 شحنة من الغاز الطبيعي المسال هذا العام لسد الفجوة بين الطلب والعرض.
وفي الصيف الماضي، واجهت مصر نقصاً في الكهرباء تفاقم بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ولجأت الحكومة المصرية إلى قطع الكهرباء ما بين 2 و3 ساعات يومياً.
وتراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي خلال يناير الماضي بمقدار 960 مليون متر مكعب على أساس سنوي، ليظل عند أدنى مستوى في ثماني سنوات، فيما انخفض إلى 49.37 مليار متر مكعب خلال 2024، مقابل 59.29 مليار متر مكعب عام 2023، وفق تقارير أجنبية.
وكانت وكالة بلومبيرغ الاقتصادية قد أكدت، مارس الماضي، أن مصر زادت إمدادات الغاز الطبيعي من حقولها إلى محطات الإسالة في دمياط وإدكو، ورجحت أن تعاود القاهرة تصديره، لكن عادت مشكلة النقص مع حلول الصيف واللجوء للغاز الإسرائيلي.

Read Entire Article