ARTICLE AD BOX
كشف رئيس وزراء العراق الأسبق نوري المالكي، مساء السبت، عن "تريّث"، في موعد انسحاب القوات الأميركية من البلاد، والمقرر نهاية هذا العام، بسبب "الأحداث في سورية"، فيما أكد مراقبون أن الحديث عن الانسحاب منذ البداية لم يكن حقيقياً.
وكانت بغداد وواشنطن قد توصلتا، نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، إلى تحديد موعد رسمي لإنهاء مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في البلاد، لا يتجاوز نهاية سبتمبر/أيلول 2025، بعد جولات حوار امتدت لأشهر بين الجانبين، على إثر تصاعد مطالب الفصائل المسلحة والقوى العراقية الحليفة لإيران بإنهاء وجوده، خصوصاً بعد الضربات الأميركية في حينها لمقار تلك الفصائل رداً على هجماتها ضد قواعد التحالف في البلاد وخارجها، على خلفية حرب غزة.
وقال المالكي في لقاء متلفز إن "الحكومة العراقية عقدت اتفاقاً مع الولايات المتحدة بشأن انسحاب قواتها من العراق، لكن الانسحاب لم يحصل كما هو المطلوب والقواعد الأميركية ما زالت موجودة داخل البلاد". وبين أن "التطور بعد سقوط نظام بشار الأسد في سورية والمخاوف من مخيم الهول وبعض التهديدات الإرهابية داخل سورية تجاه العراق"، خلق وضعاً أمنياً يهدد البلاد. وأضاف: "ولهذا الحكومة تحتاج إلى الخبرة الأميركية والاستخبارات لدعم القدرات العراقية في مواجهة التحدي الأمني القادم للمنطقة". وتابع: "ستُعطى فرصة لوجود القوات الأميركية في العراق للمساهمة في دعم القوات العراقية في الاحتياط لاحتمالات التطور الأمني، إذا ما أطلق سراح الإرهابيين في مخيم الهول وسجون قسد، فالمنطقة ربما تكون فيها تحركات أمنية خطيرة، وهنا العراق قد يحتاج إلى قوات التحالف الدولي". وبين أن الحكومة العراقية "إذا ما وجدت نفسها بحاجة إلى القوات الأميركية، فيجب أن تتفق معها بالبقاء وفق شروط محددة، وهذا يجب أن يكون وفق قرار ودراسة وتقدير الأجهزة الأمنية المعنية".
ولم تُعلّق الحكومة العراقية على هذه التصريحات لغاية الآن، لكن عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي علي نعمة، قال لـ"العربي الجديد"، إن "العراق يتأثر بتغييرات المنطقة الحالية وأهمها الأمنية خاصة بالساحة السورية، وهو ما يدفعه نحو دراسة الموقف الأمني والعسكري بكل مستوياته حتى بما يتعلق بوجود التحالف الدولي". وبين نعمة أنه "لغاية الآن لا يوجد شيء رسمي يؤكد أن العراق قد طلب تمديد بقاء القوات الأميركية وعمل التحالف الدولي خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن جولات التفاوض السابقة، أكدت وضع جدول للانسحاب، لكن المتغيرات ربما تدفع نحو تغيير الموعد، وهذا الأمر سيتحدد في جولة التفاوض المرتقبة ما بين بغداد وواشنطن خلال الأيام المقبلة".
من جانبه، قال المختص في الشأن العسكري والاستراتيجي أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحديث الحكومي العراقي عن الانسحاب الأميركي منذ البداية لم يكن حقيقياً، وكل التصريحات الأميركية الرسمية تؤكد أن لا حديث عن الانسحاب خلال جولات الحوار والتفاوض، بل هي حوارات لتطوير العلاقة على مختلف الأصعدة وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي".
وبين الشريفي أن "وضع المنطقة وسورية تحديداً سيدفع نحو إبقاء القوات الأميركية لفترة أطول داخل العراق ولا وجود لأي انسحاب قريب إطلاقاً"، لافتاً إلى أن القوات الأميركية المنسحبة من سورية عززت وجودها ونفوذها داخل العراق، "مما يؤكد أن لا نية لها للانسحاب إطلاقاً". وأشار إلى أن الحكومة العراقية وأطرافاً سياسية في البلاد ترغب في عدم الانسحاب الأميركي، خشية أي تطور أمني.
وأضاف أن "حديث الحكومة العراقية السابق عن الانسحاب كان يهدف إلى تهدئة الفصائل ووقف عملياتها، لكن لا حديث الآن عن هذا الانسحاب، والكل يدرك خطورة الوضع الأمني الذي تمر به المنطقة خاصة مع بقاء التهديد الإسرائيلي للعراق، والذي منعت واشنطن تنفيذه خلال الأشهر الماضية".
ويوجد نحو 2500 عسكري أميركي في العراق ضمن التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن منذ سبتمبر/أيلول 2014. ويتوزع الجنود على ثلاثة مواقع رئيسية في العراق، هي قاعدة عين الأسد في الأنبار وقاعدة حرير في أربيل ومعسكر فيكتوريا الملاصق لمطار بغداد الدولي. وليست جميع هذه القوات أميركية، إذ توجد أيضاً قوات فرنسية وأسترالية وبريطانية تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق.
