هلع إسرائيلي من تصدع العلاقة بين ترمب ونتنياهو

1 week ago 6
ARTICLE AD BOX

<p>لم يتوقع نتنياهو أن تنقلب محاولاته لإحباط الاتفاق مع إيران إلى قرارات بددت أحلامه بشرق أوسط جديد (أ ف ب)</p>

مع بدء العد التنازلي لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى منطقة الشرق الأوسط مع تجاهل كامل لإسرائيل وحكومتها ورئيسها بنيامين نتنياهو، حذرت الأجهزة الأمنية وشخصيات سياسية وعسكرية من قرار قد يتخذه ترمب في شأن حرب غزة وصفقة الأسرى يفقد إسرائيل مكانتها الإقليمية ويعمق أزمتها الداخلية.

نتنياهو، الذي أصر على موقفه بتوسيع العملية العسكرية في غزة "عربات جدعون" وفرض الحكم العسكري هناك من جهة، وتصعيد تهديداته بشن هجوم على إيران وجهوده لمنع التوصل إلى اتفاق نووي من جهة أخرى وجد نفسه معزولاً حتى عمن اعتبره السند والداعم له ولمشاريعه دونالد ترمب.

ولم يتوقع رئيس الحكومة في إسرائيل أن تنقلب محاولاته لإحباط الاتفاق مع إيران عبر تواصله مع نواب أميركيين إلى قرارات بددت أحلامه بشرق أوسط جديد وفق ما يخطط، بل وأدت أيضاً إلى قطع العلاقة مع ترمب الداعم المركزي لتحقيق هذا الحلم، الذي وجه إهانة مباشرة له عندما استدعى وزير الشؤون الإستراتيجية في حكومته رون ديرمر، ليبلغه في واشنطن عن وقف العلاقة، رافضاً، وفق ما أبلغ ديرمر، سياسة تلاعب نتنياهو به بعد تواصله مع نواب أميركيين لإحباط الاتفاق النووي.

بلاد القلق

قرار ترمب أدخل متخذي القرار وأجهزة الأمن بل والإسرائيليين جميعاً في حال إرباك وصدمة لما يحمله من تداعيات على مكانة ووضع إسرائيل. وفي جهاز الأمن أعربوا عن قلقهم مما أعلن عن قرار ترمب المضي قدماً بتحركاته في الشرق الأوسط وعدم انتظار إسرائيل فترة أطول، أما القلق الأكبر فهو أن تشكل هذه الخطوة ورقة ضغط تستخدمها حركة "حماس" لتشديد مواقفها في مفاوضات الأسرى، مما سيجعل تنفيذ الخطة العسكرية في غزة أكثر تعقيداً.

سياسيون إسرائيليون أعربوا عن قلقهم من عدم مراعاة ترمب مصالح إسرائيل في صفقة الأسرى مقابل وقف نار دائم وخطة لليوم التالي في غزة، ويتوقعون إعلان قرار عشية أو خلال زيارته الشرق أوسطية يتعلق بملف غزة والأسرى، وهو قرار أحادي الجانب يتجاهل إسرائيل. وفي أعقاب جلسات تقييم أمنية جاءت التقديرات أن يحسم ترمب خلال زيارته مسألة المساعدات الإنسانية لغزة، التي تشترط الدول التي سيزورها تقديمها بوقف الحرب، وأن توزعها منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، وعدم إقامة نظام جديد للتوزيع مثلما تطالب إسرائيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صحيفة "هآرتس" نقلت في تقرير لها، تقديرات أمنيين ومطلعين على تطورات الأوضاع بأن إسرائيل ستكون أمام موقف مفاجئ، سواء في ما يتعلق بنظام جديد للمساعدات الإنسانية لغزة أو بمسألة "اليوم التالي"، إذ تشير التقديرات إلى مناقشات تدور حول بلورة خطة معينة برعاية أميركية من دون مشاركة إسرائيل، أو حتى الحصول على موافقتها.

أما بالنسبة إلى وقف الحرب فأضاف التقرير أن المطروح حالياً هو مقترح أميركي لاتفاق تبادل أسرى شبيه بمقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، ويقضي بدفعتي تحرير أسرى إسرائيليين وفلسطينيين، بحيث يُحرر نصف الأسرى في البداية ونصفهم الآخر في نهاية المفاوضات لإنهاء الحرب.

في هذه الحال، أضاف التقرير أن السيناريو المتفائل هو أن يقدم ترمب خطة مدعومة من الدول العربية لإنهاء الحرب من دون بقاء حكم "حماس" في القطاع، وخلال ذلك تحريك عملية تبادل الأسرى، أما السيناريو السيئ فهو أن يفقد ترمب اهتمامه بالموضوع، ومن ثم استمرار الحرب فترة طويلة مع كل ما تحمله من أخطار على الأسرى.

ضربة إستراتيجية

الأجهزة الأمنية في إسرائيل (الشاباك، الموساد، الجيش، الاستخبارات) تعتبر أن تصدع العلاقة بين واشنطن وتل أبيب سيجعل الأخيرة أكثر عزلة وغير قادرة حتى على اتخاذ قرار مستقبلي حيال غزة، ليشكل ذلك بالتالي ضربة إستراتيجية خطرة.

يعتبر المتخصص في الشؤون السياسية الإسرائيلية بن درور يميني، أن تداعيات تصدع العلاقة بين تل أبيب وواشنطن ستشكل "الضربة الإستراتيجية الأهم التي تتلقاها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وبحسبه فإن الأخيرة فقدت مكانتها إقليمياً، بل منحت أوراق مساومة لما سماه ’محور الشر‘ (إيران، حماس، حزب الله)"، ويضيف أن "نتنياهو من أجل الحفاظ على حكومته خسرنا جميعنا إسرائيل ومكانتها، وبدلاً من أن يجد طريقة لتحسين العلاقة مع ترمب يواصل تهديداته بتقويض ’حماس‘ عبر حملة عسكرية واسعة سيبقى معها الجيش في غزة لحين تحقيق هذا الهدف، والأمر الوحيد الذي ستجلبه هذه العملية العسكرية هو مزيد من القتلى الجنود، من دون تقويض ’حماس‘ ولا تحرير المخطوفين".

الضرر بالتفوق الأمني 

في جهاز الأمن حذروا من استمرار سياسة الحكومة الإسرائيلية، وانعكاس الأزمة بين تل أبيب وواشنطن على التفوق الأمني الإسرائيلي. ويتضمن التقرير الذي طرحته الأجهزة الأمنية حول تداعيات مثل هذه الأزمة أمام مختلف الجهات المسؤولة، تحذيرات في شأن ثلاثة ملفات أساس: الاتفاق النووي مع إيران، وصفقات أمنية إقليمية، والوضع في غزة مع التشديد على وضع الأسرى.

وبحسب التقرير، ففي مجال النووي الإيراني جاء أن الولايات المتحدة تدفع قدماً باتفاق لن يكون بعيداً في جوهره من الاتفاق النووي السابق الذي وقعت عليه إدارة أوباما قبل نحو عقد. ومطلب إسرائيل بتفكيك البرنامج النووي كاملاً ردته الولايات المتحدة، إلى جانب تجاهل موضوعين مركزيين يشغلان أيضاً المسؤولين الإسرائيليين وهما "الإرهاب الإقليمي، ومنظومة الصواريخ والمسيرات الإيرانية" وفق التقرير الإسرائيلي، الذي يرى أن التخوف هو من أن الاتفاق ليس فقط سيبقي لدى إيران المعرفة والوسائل للوصول في المستقبل إلى قدرة نووية، بل وسيحرر أيضاً أموالاً تتيح لها ترميم اقتصادها.

وبحسب التقرير الإسرائيلي سيعود ترمب وفي جعبته صفقات كبيرة، من بينها تعاظم عسكري يهدد التفوق النوعي لإسرائيل ويزعزع مكانتها وتفوقها في المنطقة.

أما الموضوع الثالث (غزة)، فتوقعات الإسرائيليين ترجح أن ينقلب ترمب على نتنياهو، وإلى جانب إعلان صفقة أسرى سيدعو إسرائيل إلى وقف الحرب. وأضاف التقرير في هذا الجانب أن "الانشغال المتناقص للإدارة ومبعوثها الخاص ستيف ويتكوف بمسألة المخطوفين يبعث على القلق، على خلفية مركزية الولايات المتحدة في ممارسة ضغط على قطر ومن ثم على قيادة ’حماس‘. صحيح أن الحركة تعيش ضائقة في غزة نتيجة الضغط العسكري الإسرائيلي، لكن من تصريحات مختلفة لمسؤوليها يفهم أنها تقدر أن إسرائيل خلال هذه الأيام بالذات في وضع إستراتيجي حرج من دون كفيل مما سيدفعها إلى الليونة".

 من جهتها، أعلنت الحكومة إصرارها على تنفيذ العملية العسكرية، بل واستدعت لواءين من الجيش النظامي، في وقت ارتفعت نسبة الاحتياط الرافضين الخدمة إلى 40 في المئة، وقدرت جهات أمنية أن مثل هذه الحرب قد تستمر أكثر من عامين إذا لم يحسم ترمب مستقبل غزة والأسرى بقرار يلزم إسرائيل تنفيذه. 

إزاء ما تشهده إسرائيل من نقاشات وتقارير حول تداعيات انهيار العلاقة بين نتنياهو وترمب، يشير المتخصص في الشؤون السياسة الإسرائيلية تسفي برئيل، إلى أن "من الخطأ أن نفهم أعمال ترمب وكأنها تنبع من خصومة شخصية مع نتنياهو. هو ببساطة يفعل ما يراه منطقياً وضرورياً في تلك اللحظة من زاوية نظر أميركية، أو لأن هذا ما همس به آخر شخص في أذنه. يوجد في إسرائيل كثر يحنون لزمن الرئيس بايدن وإدارته. صحيح أنهم قيدوا أيادي إسرائيل في بداية الحرب وعرقلوا إرسال الذخائر، لكن لدى إدارة بايدن كنت تعرف بالضبط أين تقف، ماذا يمكنك وماذا لا يمكنك عمله، أما لدى ترمب فكل الخيارات مفتوحة بما فيها الأسوأ".

subtitle: 
أجهزة الأمن تحذر من ضربة إستراتيجية تقوض مكانة تل أبيب في المنطقة وتهدد تفوقها
publication date: 
الأحد, مايو 11, 2025 - 17:15
Read Entire Article