هيبة الدولة

4 hours ago 3
ARTICLE AD BOX

بالتوازي مع الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الحكومة السورية لاستعادة دورها السياسي كدولة فاعلة على المستويين العربي والدولي، والتي ساعدها بشكل كبير الانفتاح العربي والدولي على الدولة السورية الجديدة، وتوافر إرادة دولية بما يشبه الإجماع العربي والإقليمي والدولي على مساعدتها للتحول إلى دولة مستقرة وآمنة ومتعافية اقتصادياً، لا تزال الدولة السورية الجديدة تعاني من مشكلة حقيقية في أخذ دورها على المستوى الداخلي، سواء على صعيد بسط سيطرة الحكومة على كل الجغرافيا السورية أو على صعيد فرض هيبة الدولة كمظلّة جامعة لكل السوريين، من خلال فرض قانون يضمن حقوق الجميع ويحاسب من يتجاوزه دون استثناءات تنقص من هيبة الدولة، وتفتح المجال أمام تجاوزات قد تفضي إلى حالة من الفلتان الأمني.

حادثة بمستوى الاعتداء على محافظ السويداء مصطفى البكور هي اعتداء سافر على هيبة الدولة لا يأتي حلّها من خلال وجاهات و"تبويس شوارب"، أو من خلال استقالة المحافظ الذي اعتُدي عليه بصفته ممثلاً للدولة في تلك المحافظة، وإنما بإجراءات حاسمة تحاسب المعتدين على هيبة الدولة، وتمنع حدوث اعتداءات لاحقة. كما أن حادثة هجوم بعض الفصائل على مدينة جرمانا منذ نحو شهر ليس من المقبول أن يكون التعاطي معها على أنها مجرد فصائل غير منضبطة ثأرت لأي سبب من الأسباب، ومن غير المنطقي أن يكون حلّ هذه المشكلة الأمنية باسترضاء الأطراف وعقد اجتماعات صلح في ما بينها. وأيضاً حادثة الاعتداء على حفل غنائي في محافظة إدلب وتحطيم أثاث الصالة التي استضافته بدعوى حرمة الغناء، هو تصرف لا يجب أن يمرّ من دون محاسبة.

هذه الحوادث، وحوادث كثيرة غيرها، من اعتداءات فردية أو جماعية خارج سلطة الدولة والتي وقعت دون تدخل من الدولة أو من خلال تدخّل الدولة بصفتها جهة مصالحة لا بصفتها دولة تمارس دورها بفرض سلطة وهيبة الدولة على المجتمع، من شأنها أن تؤسس لدولة مفكّكة داخلياً وغير مستقرة أمنياً. كما أن بقاء فصائل عسكرية خارج سلطة الدولة، سواء كانت فصائل تحت مظلة وزارة الدفاع ممن تُسمى بالفصائل غير المنضبطة أو من الفصائل التي لا تزال ترفض الانضمام أو حتى الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة، من شأنه أن يفضي إلى فلتان أمني تدريجي يصعب احتواؤه، ما لم تتخذ إجراءات حاسمة لفرض هيبة الدولة على المستوى الأمني، وتشكيل مؤسسة عسكرية حقيقية بعيدة عن الفصائلية.
 

Read Entire Article