وعد ترامب… الحذر واجب

1 week ago 4
ARTICLE AD BOX

يحقّ للسوريين أن يحتفلوا بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن بلادهم "لمنحهم فرصة جديدة"، بعد طول معاناةٍ من تأثيرات العقوبات المتراكمة على سورية منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي. ويحقّ للسوريين أيضاً النظر ببعض التفاؤل إلى ما سيحمله المستقبل من تغييرات ستطاول مختلف نواحي حياتهم، وستصل تأثيراتها إلى دول الجوار أيضاً، في حال مضى قرار رفع العقوبات إلى نهاياته المرتجاة. لكن الطريق إلى ذلك لن تكون يسيرة وقصيرة، خصوصاً أن إعلان رفع العقوبات ترافق مع مطالب كثيرة وضعتها الولايات المتحدة، من دون أن تربط تنفيذها بشكل مباشر بتطبيق إعلان ترامب، إلا أن التصريحات الأميركية لاحقاً أظهرت أن الأمريْن لا ينفصل بعضهما عن بعض.

المتحدث باسم الخارجية الأميركية، وبعد اللقاء الذي جمع ترامب مع الرئيس السوري أحمد الشرع، أوضح أن رفع العقوبات سيكون تدريجياً وسيخضع لإجراءات قانونية وإدارية كثيرة قبل أن يتحقق على أرض الواقع، مشيراً إلى أن "قسماً من العقوبات في حاجة الى موافقة الكونغرس لرفعها".

على السوريين اليوم انتظار عودة ترامب من جولته العربية لتبيان الآلية التي سيتّبعها لرفع العقوبات أو أجزاء منها، وما إذا كان سيلجأ مباشرة إلى إلغاء القرارات التنفيذية التي اتخذها الرؤساء الأميركيون السابقون، وهو منهم، لفرض عقوباتٍ على النظام السوري السابق، والتوجّه لاحقاً إلى الكونغرس، أم أن الأمر سيكون مرتبطاً بخطواتٍ تتخذها الحكومة السورية أولاً قبل المضي في مسار الرفع التدريجي للعقوبات.

لا تزال الأمور غامضة في هذا السياق، خصوصاً أن لائحة المطالب الأميركية لا تلبث أن تطول وتدخل في تفاصيل الحياة السياسية السورية. ولا يتوقّف الأمر عند ما تسرّب من طلبات قدمها ترامب للشرع، ومنها المساعدة في مكافحة الإرهاب ومنع عودة "داعش" وطرد "الإرهابيين الفلسطينيين"، بل تطرّقت إلى شكل الحكم في سورية، بحسب ما أوضح المتحدث باسم الخارجية، والذي قال إن "المطلوب من الشرع تشكيل حكومة سورية جديدة تمثل كل السوريين بغضّ النظر عن الدين والعرق، حكومة تتصرّف بطريقة مسؤولة لا تشكل أي خطر على جيرانها".

هل هذا شرطٌ مسبقٌ للمضي في تنفيذ إعلان ترامب؟ لا تزال الأمور غير واضحة عند المسؤولين السوريين أنفسهم. ربما تتضح الصورة مع لقاء وزيري الخارجية الأميركي ماركو روبيو والسوري أسعد الشيباني في تركيا، والمفترض أنه تركّز على آليات تنفيذ رفع العقوبات المطلوب من دمشق لتحقيق ذلك. وهناك سؤال آخر في هذا السياق، يتعلق بكيفية التواصل مع الولايات المتحدة لمتابعة مسار رفع العقوبات، وما إذا سيكون مباشراً مع المؤسّسات الرسمية الأميركية، ما يعني اعترافاً بالحكومة السورية الذي لم يحصل سابقاً رغم لقاء الشرع ترامب، أم أن التواصل سيكون عبر الوسطاء الذين ساهموا إلى حد كبير في قرار ترامب؟

أسئلة كثيرة لا تزال من دون إجابات، ما يدفع إلى الحذر، خصوصاً أن صاحب الوعد هو دونالد ترامب، والذي لا يتوانى عن التراجع عن قراراته أو التزاماته، وهو ما شهدناه خلال المائة والعشرين يوماً الأولى من حكمه، فكثير من الوعود التي أطلقها تراجع عنها، لعدم واقعيتها أو بفعل ضغوط سياسية واقتصادية. كذلك لا ينبغي نسيان أن ترامب لا يرى في المصلحة السورية أولوية، وهو الذي سبق أن اعترف بضم إسرائيل إلى الجولان المحتل، وسلّم ما يحدث في سورية إلى تركيا. وعلى هذا الأساس، كان إشراك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الاجتماع مع الشرع وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

لا يعني ما سبق عدم التفاؤل بوعد ترامب، لكن من الضروري الترقّب وعدم الانجرار في تبجيل الرئيس الأميركي، والذي لا يقدّم شيئاً مجاناً.

Read Entire Article