ARTICLE AD BOX
تشهد سورية منذ أواخر العام الماضي ارتفاعاً متواصلاً في الإصابات بالكوليرا، مع تزايد خطر تفشي المرض مع بدء ارتفاع درجات الحرارة. وقد دفعت هذه التطورات منظمة الصحة العالمية، أمس الأربعاء، إلى إطلاق استجابة طارئة في قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة لمدة ستة أشهر، بهدف حماية أكثر من 850 ألف شخص من الفئات الأكثر عرضة للخطر في محافظات حلب واللاذقية والحسكة ودمشق.
ووفق بيانات منظمة الصحة العالمية، سجّلت سورية بين أغسطس/ آب وديسمبر/ كانون الأول 2024 ما مجموعه 1,444 حالة كوليرا مشتبه بها، إلى جانب سبع وفيات مرتبطة بالمرض. وسُجّلت أعلى معدلات الإصابة في محافظات اللاذقية، الحسكة، وحلب، بالإضافة إلى مخيمات تؤوي نازحين، وعلى رأسها مخيم الهول.
وتتضمن خطة استجابة منظمة الصحة العالمية تدخلاتٍ صحية وأيضاً في مجال المياه والصرف الصحي والنظافة. وتركز على الكشف المبكر والتحقق من الحالات وتشخيص الكوليرا وإرسال فرق الاستجابة السريعة إلى المناطق ذات الخطورة العالية. كما تتضمن الاستجابة والتواصل وقت المخاطر والوقاية من العدوى ومراقبة جودة المياه بشكل مستمر، كما ستُوزّع حبوب تنقية المياه ومجموعات الفحص للحد من خطر الانتقال من المصادر غير الآمنة.
وتُظهر بيانات وزارة الصحة السورية أن أولى حالات الإصابة بالكوليرا سُجّلت في العاشر من سبتمبر/ أيلول 2022، في أول ظهور للمرض منذ عام 2009. وقد امتد انتشار المرض إلى 13 محافظة من أصل 14، ما يعكس اتساع نطاق التفشي ومخاطره.
وفي السياق، يقول الطبيب في مشفى اللاذقية أحمد علي، لـ"العربي الجديد"، إنّ تدهور خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الشخصية، وانتشار القمامة، وعدم ترحيلها وتخصيص مكبات بعيدة عن المناطق السكنية، ساهمت في انتشار المرض. كما يلفت إلى أنّ النزوح والازدحام السكاني في كارثة الزلزال الأخير الذي ضرب سورية، وانتهى بلجوء الآلاف من السكان إلى مراكز إقامة مؤقتة افتقلا بعضها إلى الخدمات الأساسية، زاد من خطر انتقال العدوى وتسجيل إصابات جديدة.
ويؤكد المتحدث أنّ مستشفيات اللاذقية سجلت عدة حالات اشتباه بالكوليرا خلال الأشهر الأخيرة، وهو مؤشر مقلق على تفشي المرض، موضحاً أن أهم أعراضها تتمثل في انخفاض ضغط الدم وتشجنات العضلات والجفاف والغثيان والإسهال وتسارع نبضات القلب والتقيؤ. ويشدد في حديثه على ضرورة طلب المشورة الطبية المبكرة في حال وجود تلك الأعراض لأهمية التدخل المبكر.
من جانبه، يوضح إبراهيم الحسن، وهو ممرض في مركز صحي بمدينة دير الزور شرقي سورية، أنّ مناطق شمال وشرق سورية تأثرت كثيراً بتلوث مياه نهر الفرات الذي يُعد مصدراً رئيسياً لمياه الشرب لأكثر من خمسة ملايين شخص، موضحاً أن انخفاض مستواه وتلوثه بمياه الصرف الصحي أدى إلى تفشي المرض.
ويطالب الحسن بضرورة تحسين الوصول إلى مياه الشرب النظيفة من خلال إصلاح البنية التحتية وتوفير مصادر مياه آمنة، وتعزيز حملات التوعية والتثقيف حول طرق الوقاية وأهمية النظافة الشخصية. كما يوصي بتوسيع نطاق التطعيم ودعم النظام الصحي وتوفير الموارد والتدريب اللازمين للعاملين في القطاع الصحي.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أطلقت بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، قبل عامين، حملات تطعيم ضد الكوليرا في شمال غرب سورية، وجرى الإبلاغ عن أكثر من 50 ألف حالة مشتبه فيها في محافظتي إدلب وحلب. كما نُفذ استعراض ميداني في مايو/ أيار 2023 لتقييم الاستجابة وتحديد الثغرات، مع توصيات لتحسين الترصُّد وخدمات المياه والصرف الصحي.
