الانتقام الفردي والحاجة لحلول متكاملة

2 hours ago 3
ARTICLE AD BOX

لا تزال بعض المناطق السورية تشهد بين الحين والآخر حوادث قتل بدافع الثأر والانتقام، رغم كل القرارات والإجراءات التي تتخذها الحكومة السورية للحد من هذه الظاهرة، ومنع هذا النوع من الجرائم التي تقع غالبيتها على أيدي منتسبين لفصائل بعضها انضم لوزارة الدفاع السورية، وبعضها الآخر لا يزال خارج نطاق تلك الوزارة. ويلجأ هؤلاء لعمليات تصفية جسدية لأشخاص يعتقدون أنهم أيّدوا النظام السابق في جرائمه بحقهم، أو شاركوا بتلك الجرائم، أو أنهم تسبّبوا بأذى شخصي لهم كالتسبب باعتقالهم أو اعتقال أحد أقاربهم.

وجاءت الفتوى التي صدرت أول أمس الجمعة عن مجلس الإفتاء الأعلى في سورية والتي تحرّم التعدي على الدماء والأموال والأعراض، وتؤكد وجوب استرداد الحقوق من خلال القضاء والسلطات المختصة من دون اللجوء للانتقام الفردي، كخطوة في الاتجاه الصحيح رغم تأخر صدورها، إلا أنها تساهم إلى حد بعيد في التخفيف من حالات الانتقام الفردي وحالات الثأر، لدى شريحة واسعة ممن يقومون بهذه الأعمال. إلا أن هذه الفتوى غير كافية لمنع هذه الظاهرة، إذ يجب أن تترافق بقرارات حكومية رادعة والأهم بجدية ومسؤولية تجاه تطبيق تلك القرارات.

ولا تزال التعزيزات الأمنية التي تأتي من وزارة الدفاع عند أي حادث أمني في المناطق التي تقطنها أقليات (وبشكل خاص مناطق الساحل السوري) تثير الذعر لدى سكان تلك المناطق، وتدفعهم لمغادرة بيوتهم إلى الأحراش والجبال خوفاً من تكرار المجازر التي وقعت بشكل انتقامي، والتي قامت بها بعض الفصائل (التي دعيت بالفصائل غير المنضبطة) في بداية العام الحالي، الأمر الذي يشير إلى حالة عدم ثقة بأداء الفصائل التي تتبع لوزارة الدفاع في ضبط الأمن. كما يشير ذلك إلى أن بعض تلك الفصائل لا تزال تمارس عمليات انتقامية حين تدخل إلى مناطق سكنية، الأمر الذي يوجب على الحكومة الاعتماد فقط على عناصر وزارة الداخلية في ضبط الأمن، وإبعاد عناصر وزارة الدفاع عن المناطق المأهولة خصوصاً مناطق الأقليات.

كما يوجب ذلك تفعيل قضاء نزيه يمكّن أصحاب الحقوق من استرداد حقوقهم بالقانون بدل اللجوء للانتقام، كما يتطلب من الدولة اعتماد سياسة إعلامية تقوم على صحافة السلام التي تقوم على استعادة المشتركات بين السوريين والتعاطي مع الضحايا بكل مكوناتهم كقصص وليس كأرقام، وتفعيل دور المجتمع المدني للقيام بمشاريع تدعم المصالحة بين أفراد المجتمع.

Read Entire Article