ARTICLE AD BOX
دعا البابا لاوون الرابع عشر مسيحيّي الشرق إلى "الصمود" في أرضهم، مشدّداً على وجوب أن تُتاح للمسيحيين إمكانية البقاء في مناطقهم بأمان. أضاف، أمام المشاركين في فعاليات "يوبيل الكنائس الشرقية" بالفاتيكان، اليوم الأربعاء: "أشكر المسيحيين، الشرقيين واللاتين، ولا سيّما في الشرق الأوسط الذين يثابرون ويصمدون في أراضيهم وهم أقوى من التجربة التي تدعوهم إلى تركها".
وعرض البابا، في خلال استقباله ممثلي الكنائس الكاثوليكية الشرقية الـ23 في الفاتيكان، التوسّط بين الأطراف المتحاربة في أنحاء العالم، متعهّداً ببذل كلّ جهده في سبيل تحقيق السلام. وأكد أنّ "الكرسي الرسولي في الخدمة حتى يلتقي الأعداء وينظر بعضهم في عيون بعض (...) وحتى تستعيد الشعوب الكرامة التي تستحقها، وهي كرامة السلام". يُذكر أنّ البابا لاوون الرابع عشر استقبل، صباح اليوم الأربعاء، في قاعة بولس السادس بالفاتيكان المؤمنين المشاركين في "يوبيل الكنائس الشرقية"، "خمسة آلاف حاج قدموا من المناطق التي شهدت ولادة تلك الكنائس، بالإضافة إلى بلدان الشتات، يتقدّمهم بطاركتهم وأساقفتهم"، وفقاً لما أوضح المركز الإعلامي في الفاتيكان.
وقد استهلّ البابا لاوون الرابع عشر كلمته، مشيراً إلى أنّه يفكّر في تنوّع أصول الحاضرين من مسيحيي الشرق، وفي "التاريخ المجيد والمعاناة المريرة التي عاشتها أو ما زالت تعيشها جماعات عدّة من بينهم". وتابع قائلاً: "في يومنا هذا، ثمّة إخوة وأخوات شرقيون كثيرون كانوا قد أُجبروا على الفرار من أراضيهم الأصلية بسبب الحرب والاضطهاد وعدم الاستقرار والفقر، ليواجهوا عند وصولهم إلى الغرب خطر فقدان هويّتهم الدينية، بالإضافة إلى أوطانهم". وحذّر من أنّ "إرث الكنائس الشرقية، الذي لا يُقدَّر بثمن، يُفقَد مع مرور الأجيال".
Pope Leo XIV welcomed Eastern Catholics to the Vatican on Wednesday for the Jubilee of Eastern Churches, offering them the traditional Easter greeting, “Christ is risen! He is truly risen!”https://t.co/UgpTxfqfWz pic.twitter.com/8B6k6QWNun
— Vatican News (@VaticanNews) May 14, 2025وفي لقاء اليوم، ندّد البابا لاوون الرابع عشر بالنزاعات التي تعصف بالعالم "من الأراضي المقدّسة (فلسطين) إلى أوكرانيا، ومن لبنان إلى سورية، ومن الشرق الأوسط إلى تيغراي (في إثيوبيا) والقوقاز"، قائلاً: "كم من العنف نجد". وتعهّد بالعمل شخصياً من أجل إحلال السلام، مؤكداً أنه "حتى ينتشر السلام، سأبذل، من جهتي، كلّ جهد ممكن".
أضاف بابا الفاتيكان المنتخب حديثاً، الذي يبدو أنّه يسير على خطى البابا فرنسيس الأول الراحل أخيراً، أنّ "الشعوب تريد السلام. وأنا، من كلّ قلبي، أقول للمسؤولين عن الشعوب: لنلتقِ ولنتحاور ولنتفاوض! الحرب ليست حتمية أبداً، والأسلحة يمكنها أن تصمت، ويجب عليها أن تصمت، لأنّها لا تحلّ المشكلات بل تفاقمها".
وشدّد البابا لاوون الرابع عشر، أمام المشاركين في "يوبيل الكنائس الشرقية"، على "وجوب أن تُتاح للمسيحيين، ليس بالكلام فقط، إمكانية البقاء في أراضيهم، مع كلّ الحقوق اللازمة من أجل حياة آمنة". يُذكر أنّ المسيحيين في الشرق الأدنى والأوسط أقليات متفاوتة الأحجام، في يومنا، في العراق وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان (من بينهم موارنة) ومصر (من بينهم أقباط)، بالإضافة إلى إيران وتركيا والهند وباكستان. وهؤلاء موجودن في المنطقة منذ بدايات الديانة المسيحية، وقد تعرّضوا على مرّ العهود للتمييز والاضطهاد.
ومن بين هؤلاء الشرقيين الذين تحدّث عنهم البابا لاوون الرابع عشر، مسيحيو قطاع غزة الذين يتعرّضون كما سواهم من مواطنيهم الفلسطينيين لحرب إبادة جماعية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وهؤلاء الذين يُقدَّر عددهم اليوم بنحو 100 ألف فقط، من بين نحو 2.3 مليون نسمة في القطاع الفلسطيني المحاصر، غالبيتهم من الأرثوذكس. وقد أحصت بطريركية القدس للاتين 135 فلسطينياً كاثوليكياً تقريباً في قطاع غزة، احتموا في حرم كنيسة رعية العائلة المقدسة بمدينة غزة (شمال) منذ الأيام الأولى من الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر 19 شهراً.
وكانت علاقة مميّزة قد ربطت البابا فرنسيس الراحل برعية العائلة المقدّسة في قطاع غزة الذي راح يدعو لأجله ولأجل أهله في كلّ صلاة تبشير ملائكي كتبها قبل وفاته، حتى في خلال فترة علاجه في المستشفى. ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع المحاصر، حرص البابا على الاتّصال بالرعية، مساء كلّ يوم عند الساعة السابعة، للاطمئنان على سلامة أبنائها.
تجدر الإشارة إلى أنّ إحدى السيارات التي استخدمها البابا فرنسيس ستُحوَّل إلى عيادة متنقلة لمساعدة أطفال قطاع غزة. وقد أوضح الفاتيكان أنّ هذه كانت "أمنية البابا الأخيرة من أجل أطفال غزة" قبل وفاته الشهر الماضي. وأفادت منظمة "كاريتاس" الخيرية، التي تشرف على تنفيذ وصيّة البابا فرنسيس، بأنّ السيارة المشار إليها كان قد استخدمها خلال زيارته بيت لحم في عام 2014، وأنّها تُجهَّز حالياً بكلّ ما يلزم لتقديم الرعاية الصحية وسط الحرب.
(فرانس برس، العربي الجديد)
