العقوبات على سورية.. تفكيكها يتطلب سنوات وأصعبها قانون قيصر

1 week ago 5
ARTICLE AD BOX

فرضت الولايات المتحدة أولى العقوبات على سورية في سبعينيات القرن الماضي، لتتصاعد على مدار العقود الماضية، وصولاً إلى إخراج دمشق تماماً من النظام المالي العالمي، ومنعها من تبادل التجارة أو الاستثمار، إبان قمع نظام بشار الأسد المخلوع الثورة الشعبية ضد الاستبداد. وجاء إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته إلى الخليج العربي، رفع العقوبات عن البلد الذي مزقته الحرب، ليفتح باب الأمل لإعادة بناء سورية الجديدة.

تنقسم العقوبات على سورية إلى أوامر تنفيذية وقوانين وقرارات من وزارتي الخزانة والخارجية. أما بالنسبة للأوامر التنفيذية فيمكن للرئيس دونالد ترامب إلغاؤها بقرار رئاسي فوري دون موافقة الكونغرس طبقاً للمرسوم رقم 14148 والذي يعطي لنفسه الحق في إلغاء أوامر تنفيذية سابقة. وفي حين صنفت الولايات المتحدة سورية، في وقت سابق، دولة راعية للإرهاب، يتطلب رفعها من القائمة، إشعاراً للكونغرس الأميركي، وإذا لم يعارض الأخير في مهلة مدتها 45 يوماً، يجري شطبها، أما بالنسبة للجماعات المدرجة على لوائح الإرهاب أو الأفراد المدرجين سابقاً في هيئة تحرير الشام، فسلطة إصدار القرار بيد وزير الخارجية الأميركي. أما القوانين الصادرة من الكونغرس مثل قانون قيصر فله إجراءات معقدة لفك الارتباط به، خاصة أنه مُرر باعتباره جزءاً من ميزانية وزارة الدفاع الأميركية ويمتد حتى 2029.

وقال رئيس المجلس السوري الأميركي، وأحد أعضاء اللوبي السوري بالعاصمة واشنطن، فاروق بلال، لـ"العربي الجديد"، إن العقوبات المفروضة بشكلها الحالي تتسبب في شلل النظام السوري بالكامل، وتؤثر بكل شيء، سواء المساعدات الإنسانية أو النظام المالي، وعلى المستوى الأمني والتنمية. وأوضح بلال وهو أحد الذين ساهموا في تمرير قانون قيصر في صورته الحالية ضد نظام بشار الأسد المخلوع، أن تمديد القانون كان مقرراً للاستمرار بالضغط على نظام الأسد، و"أضيف تجديد القانون إلى قانون ميزانية وزارة الدفاع، واستغرق الأمر بضعة أشهر، وقبل سقوط نظام بشار بيومين مُرر لسوء الحظ في إحدى غرفتي الكونغرس، وحاولنا لاحقاً حذفه قبل إقراره نهائياً، إلا أننا أُبلغنا باستحالة حذفه إجرائياً".

وأشار إلى أن رفع العقوبات حجر أساسي لإعادة بناء سورية، مبيناً أن الرخصة العامة التي أصدرتها وزارة الخارجية الأميركية في وقت سابق بعد إسقاط نظام الأسد، تستمر ستة أشهر حتى 7 يونيو/حزيران القادم، بناء على مطالب من اللوبي السوري بأميركا. وأوضح أن "الرخصة كانت محدودة فقط للمساعدات الإنسانية وللدول الراغبة في المساعدة فيما يخص ملف الطاقة مثل تقديم شبكات مولدات كهربائية، مثل التي قدمتها السعودية لسورية، وأيضاً كانت تسمح للمواطنين السوريين بإرسال أموال لذويهم في سورية".

وبيّن بلال أنه خلال ذلك استمر عزل سورية عن النظام العالمي، مضيفاً "على المستوى الأمني أيضاً، كان هناك أزمة في دفع رواتب رجال الأمن والموظفين بالحكومة، وخسر المواطنون الوظائف. وأشار إلى تأثير العقوبات على إعادة بناء سورية، خاصة في ظل الحاجة إلى توفر عنصر الأمن الذي يحتاجه أي استثمار. وكشف عن أن هناك سوريين يرغبون في العودة لبلادهم للاستثمار في إعادة البناء، وكانت هناك عوائق كثيرة أمامهم، لافتاً إلى أن قرار ترامب سيؤدي لعودتهم. ونبّه بلال كذلك إلى أن العقوبات أثرت في البنك المركزي السوري، من خلال برنامج سويفت اللازم لتحويل أي أموال.

تفكيك العقوبات على سورية يتطلب سنوات

واعتبر بلال أن إعلان ترامب رفع العقوبات لا يعني رفعها على الفور، إذ إن "تفكيك بعض العقوبات قد يستغرق سنوات ولن يحدث دفعة واحدة"، وقال "هناك عقوبات فرضت على نظام الأسد بسبب ارتكابه جرائم حرب ضد الشعب السوري وهذه يمكن رفعها بسهولة، أما طبقاً لقانون قيصر الصادر عن الكونغرس الأميركي فهو يحتاج موافقة الكونغرس، ولكن ما يمكن للرئيس فعله طبقاً لما ينص عليه قانون قيصر أن تبلغ الحكومة ووزارة الخزانة الكونغرس بأن سورية التزمت لمدة ستة أشهر بالشروط الستة اللازمة لإلغاء قانون قيصر، وهي وقف القتل وفك الحصار والإفراج عن المعتقلين سياسياً وتوقف الأعمال الإرهابية والقصف الجوي للمدنيين، وإزالة العوائق أمام وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، والسماح بعودة المهجرين السوريين، وفي هذه الحالة يمكن نظر رفع القانون"، مضيفاً أن دور الجالية السورية سيكون العمل مع الكونغرس لرفع عقوبات القوانين.

وأشار مصدر لـ"العربي الجديد"، إلى أن القانون في نصه يمنح الرئيس سلطة التنازل عن العقوبات أو في بعض الحالات إنهاءها، وهو ما شرحه فاروق بلال قائلاً "هناك متطلبات يجب تقديمها إلى الكونغرس لتنفيذ ذلك". وفي وقت سابق من الشهر الماضي، كشف حاكم المصرف السوري المركزي في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، خلال مشاركته في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، أن أطرافاً فاعلة في النظام المالي العالمي تتحرك لرفع العقوبات الدولية المفروضة على سورية، بما يساهم في إعادة دمجها في النظام المالي العالمي، ويعيدها للمؤسسات الدولية.

وكان "العربي الجديد"، قد كشف في ديسمبر/كانون الأول العام الماضي أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن كان لديها نية لمنح رخصة عامة لإعفاء سورية من جميع العقوبات، بما فيها قانون قيصر لبضعة أشهر أو لمدة عام، غير أن الفريق الانتقالي للرئيس دونالد ترامب طلب عدم منح رخصة عامة لجميع العقوبات، والاكتفاء برخصة تسمح برفع بعض العقوبات وهو ما جرى في يناير/كانون الثاني الماضي.

Read Entire Article