المغرب يواصل دعم الصناعات العسكرية: خطوة لتحقيق استقلاله الدفاعي

1 week ago 4
ARTICLE AD BOX

أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس، اليوم الأربعاء، عن مواصلة دعم برامج توطين الصناعات العسكرية كأحد الأوراش الوطنية الكبرى، من أجل تحقيق "الاستقلالية المنشودة في المجال الدفاعي". ويعتبر إعلان العاهل المغربي إشارة جديدة على توجه نحو تعزيز القدرات العسكرية وبناء صناعة عسكرية وطنية لمواجهة التحديات والأخطار التي تواجه الأمن القومي المغربي.

وقال الملك محمد السادس، في الأمر اليومي الذي وجهه اليوم إلى القوات المسلحة الملكية بمناسبة الذكرى الـ69 لتأسيسها، بصفته القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة: "سنواصل دعم برامج توطين الصناعات العسكرية كأحد الأوراش الوطنية الكبرى التي تحظى برعايتنا السامية؛ والتي حرصنا على توفير كل الظروف المواتية من أجل إنجاحها وفق رؤية مستقبلية متبصرة تصبو إلى بلوغ الاستقلالية المنشودة في المجال الدفاعي". ولفت إلى أن هذا الأمر سيتم "من خلال وضع إطار قانوني مساند وتحفيزات مهمة لفائدة المستثمرين والشركاء المغاربة والأجانب للنهوض بهذا المشروع الحيوي"، معتبراً أن "المحافظة على المكتسبات التي حققناها تستدعي منا مواصلة التعبئة بنفس العزيمة والإخلاص من أجل تعزيز قوة جيشنا ومناعته ومده بكل مقومات الحداثة ووسائل الجاهزية، مع تمكين أطره وأفراده من تجويد مكتسباتهم المادية والمعنوية، مع توفير وتقريب الخدمات الاجتماعية والطبية الضرورية لفائدة أسرهم وعائلاتهم".

وأكد العاهل المغربي أن التطورات المتسارعة التي يعرفها العالم والتحديات المتزايدة التي تفرضها الظرفية الحالية، وما تفرزه من اضطرابات غير مسبوقة إقليميا ودوليا وإرهاصات أمنية وإجرامية عابرة للحدود، "تستوجب من قواتنا المسلحة الملكية التسلح أولا بالحكمة واليقظة، وكذلك المعرفة المعمقة من أجل التكيّف المستمر مع هذه المستجدات، والاستعداد الدائم لمواجهتها بكل حنكة وحزم ومهنية".

من جهة أخرى، أكد العاهل المغربي ضرورة الاهتمام بالعنصر البشري إلى جانب ما تحقق في مجال التجهيزات والمعدات والتقنيات. وقال في هذا السياق: "ما حققناه اليوم من تقدّم ملموس في مجال تجهيز قواتنا المسلحة بأحدث المعدات والتقنيات، يواكبه اهتمام متزايد بأهمية الدور المحوري للعنصر البشري الذي كان دائما في صلب أولوياتنا". وأضاف: "سنجعل من جنودنا الأداة الفضلى لبلوغ النجاعة والفعالية المطلوبة من أجل الاستخدام الأمثل لمختلف المعدات والمنظومات الدفاعية".

ويأتي إعلان الملك محمد السادس مواصلة دعم برامج توطين الصناعات العسكرية، في سياق طموح الرباط إلى التصنيع الدفاعي المحلي، الذي انطلق فعليا بإقرار المجلس الوزاري في 2 يونيو/ حزيران 2024، مشروع مرسوم بإحداث منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع، وذلك لتوفير مناطق صناعية لاحتضان الصناعات المتعلقة بمعدات وآليات الدفاع، والأمن، وأنظمة الأسلحة، والذخيرة.

يأتي إعلان الملك محمد السادس مواصلة دعم برامج توطين الصناعات العسكرية، في سياق طموح الرباط إلى التصنيع الدفاعي المحلي

وقبل ذلك، أقرّ المغرب قانوناً في يوليو/ تموز 2020، يعطي الضوء الأخضر للشروع في تصنيع الأسلحة ومعدات الدفاع ومنح تراخيص تسمح بتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية المستخدمة من القوات المسلحة وقوات الأمن، وتصديرها إلى دول أخرى كذلك.

ويعتبر هذا القانون أقوى الإشارات إلى توجه الرباط نحو بناء صناعة عسكرية وطنية، في خيار استراتيجي يمكّنها من تحقيق اكتفاء ذاتي، ويستجيب لاحتياجاتها في مجال المعدات والذخائر وقطع الغيار، ويجنبها ثقل تكاليف الصفقات العسكرية. كذلك، شكّل مقدمة نحو التصنيع العسكري في المغرب، خصوصاً بعد إبرام اتفاق الشراكة العسكرية بين المغرب والولايات المتحدة الأميركية، الممتد للفترة بين 2020 و2030، إذ ينص أحد بنوده على تشجيع واشنطن للاستثمارات التي تهدف إلى خلق صناعة عسكرية في المغرب.

ويرى مراقبون أن التهديدات للأمن القومي للمغرب، جراء الأوضاع غير المستقرة التي تعرفها منطقة شمال أفريقيا ومنطقة الساحل الأفريقي وجنوبي الصحراء، دفعته إلى تبني استراتيجية دفاعية تقوم على أساس اقتناء أسلحة متطورة، وتنويع مصادر التسليح، حفاظاً على نوع من الاستقلالية، بالإضافة إلى العمل على تطوير صناعة عسكرية محلية بتصنيع بعض الأسلحة المعينة، وخفض تكلفة الصيانة، بإنشاء مواقع عدة لصيانة المعدات العسكرية. وخلال السنوات الأخيرة، أبرم المغرب العديد من الاتفاقيات لشراء براءات اختراع من بعض الشركات، والمركبات الصناعية من دول أوروبية، وروسيا، والصين، والهند، بهدف صناعة بعض الأسلحة وتطويرها.

استراتيجية عسكرية في المغرب

وتعليقاً على إعلان العاهل المغربي مواصلة دعم برامج توطين الصناعات العسكرية، قال الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، محمد شقير: "يبدو من خلال ما تضمنه الأمر اليومي بمناسبة الذكرى 69 على تأسيس القوات المسلحة الملكية بأن انخراط المغرب في توطين الصناعات الدفاعية أصبح من مكونات الاستراتيجية العسكرية". وأضاف شقير: "عقد المغرب لاتفاقيات مع شركات تصنيع عسكري لصنع المركبات العسكرية كشركة تاتا الهندية أو شركات أخرى تركية وإسرائيلية لصناعة الدرونات، وغيرها من العتاد العسكري يدعم التوجه العسكري الذي تبناه المغرب في إطار التحولات التي يعرفها المحيط الإقليمي والدولي".

ولفت شقير، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "طموح المغرب كدولة إقليمية في المنطقة يتطلب أن يوطن الصناعات الدفاعية للحصول على حاجياته وضمان استقلاليته في الحصول على العتاد العسكري الذي يضمن تطوير وتحديث الترسانة العسكرية، الشيء الذي دفع العاهل المغربي من خلال هذا الأمر اليومي إلى الدعوة إلى مواصلة عقد شراكات مع دول متقدمة في مجال التصنيع العسكري للاستثمار في إقامة وتوطين صناعات دفاعية متنوعة في المملكة".

Read Entire Article