بنك قطر الوطني: ألمانيا في حاجة إلى إصلاحات عميقة لإنعاش اقتصادها

1 week ago 8
ARTICLE AD BOX

استعرض بنك قطر الوطني في تقريره الأسبوعي أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة الألمانية الجديدة، معتبرًا أن تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة بات أمرًا ضروريًّا لتحقيق الانتعاش الاقتصادي في البلاد، بحسب وكالة الأنباء القطرية "قنا". وأشار التقرير إلى أن الحزمة المالية الضخمة التي أعلنتها الحكومة، والتي تشمل تحديث البنية التحتية وخططًا لإصلاح النظام الضريبي وسوق العمل، لم تكن كافية لتجاوز التحديات المتراكمة، وعلى رأسها تراجع القدرة التنافسية والإنتاجية، فضلًا عن نقص الاستثمارات في القطاعات الحيوية.

ورأى البنك أن الإصلاحات المقترحة قد تُسهم في تحفيز النمو على المدى المتوسط، لكنها لن تحقق الأثر المطلوب ما لم تُعالَج القضايا البنيوية التي أعاقت النمو الاقتصادي الألماني على مدار العقدين الماضيين. وسلّط التقرير الضوء على التحديات التي يواجهها قطاع التصنيع، نتيجة مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية التي أثرت على أدائه في السنوات الأخيرة.

وبحسب التقرير، فقد تفاقمت التحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد الألماني في العقدين الأخيرين، بفعل تغيرات ديمغرافية سلبية، وازدياد الأعباء التنظيمية والضريبية، فضلًا عن تأخر القطاعات الحيوية في التكيف مع التحولات الرقمية والمتغيرات السريعة في الاقتصاد العالمي. وأشار بنك قطر الوطني إلى أن الاقتصاد الألماني يعاني حالة ركود، حيث بقي الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ثابتًا على مدى السنوات الخمس الماضية، في حين شهدت الولايات المتحدة نموًّا بنسبة 12.2%، ومنطقة اليورو بنسبة 5% خلال الفترة نفسها.

وأوضح التقرير أن هذا الجمود يأتي نتيجة للتباين بين النهج التقليدي لألمانيا، القائم على الانضباط المالي والتقشف، والسياسات التوسعية الجديدة التي أعلنتها الحكومة، والتي قد تصل قيمتها إلى تريليون يورو، وتشمل استثمارات كبيرة في البنية التحتية والدفاع، إلى جانب إصلاحات في النظام الضريبي وسوق العمل. واعتبر البنك أن هذا التحول يمثل خروجًا واضحًا عن السياسات المالية المحافظة التي اتبعتها ألمانيا لعقود، وقد يشكل فرصة لإعادة تنشيط الاقتصاد، بشرط أن يتم تنفيذه بفعالية وبما يعالج التحديات الهيكلية الأساسية.

3 تحديات رئيسية أمام الحكومة الألمانية الجديدة

تناول التقرير ثلاثة عوامل رئيسية تؤثر سلبًا على آفاق النمو الاقتصادي في ألمانيا، أولها استمرار الضغوط الهيكلية التي تقوض القدرة التنافسية والإنتاجية. وفي هذا السياق، أشار إلى تراجع ترتيب ألمانيا في "تقرير القدرة التنافسية العالمية"، من المرتبة السادسة قبل نحو عقد إلى المرتبة الرابعة والعشرين حاليًّا، نتيجة الأعباء التنظيمية، والسياسات الضريبية المرهقة، والتعقيدات الإدارية، وقوانين التوظيف الصارمة. وقدّر البنك أن البيروقراطية المفرطة في ألمانيا تُكبد الاقتصاد ما يقارب 146 مليار يورو سنويًّا، وهو ما ينعكس على تراجع إنتاجية العامل بنسبة 2.5% منذ عام 2017.

أما التحدي الثاني، فيتمثل في ضعف الاستثمار في البنية التحتية، ولفت التقرير إلى أن ألمانيا خصصت ما معدله 2.8% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للاستثمار العام خلال 2023-2024، مقارنة بـ 4.3% في فرنسا، ما يعكس فجوة واضحة في التمويل. وأشار إلى أن تقادم البنية التحتية وتأخر التحديث الرقمي يعوقان النمو طويل الأجل، كما أن التعقيدات الإجرائية تُعد من أبرز العقبات، إذ لم تُستخدم نحو 76 مليار يورو من المخصصات المالية في عام 2023 بسبب عراقيل تنظيمية وإدارية. وأكد أن تسريع تنفيذ مشاريع البنية التحتية وجعلها أولوية استراتيجية للحكومة الجديدة يُعد أمرًا أساسيًّا لاستعادة زخم النمو، مشيرًا إلى أن خطة خفض ضرائب الشركات لن يبدأ تنفيذها إلا تدريجيًّا اعتبارًا من عام 2028.

أمّا التحدي الثالث، فيتعلق بتراجع قطاع التصنيع، الذي كان يُشكل أحد المحركات التقليدية للاقتصاد الألماني. وأوضح  أن هذا القطاع، الذي شهد نموًّا سنويًّا بنسبة 1.9% بين عامي 2000 و2017، بدأ التراجع بحدّة بسبب سلسلة من الصدمات، منها التوترات التجارية، وجائحة كوفيد-19، وأزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى التراجع المستمر في صناعة السيارات.

وبيّن البنك أن الإنتاج الصناعي في ألمانيا انكمش بنسبة 18% منذ عام 2017، مضيفًا أن دعم هذا القطاع يتطلب بيئة اقتصادية مستقرة ومرنة قادرة على امتصاص الصدمات والتكيف مع التحديات البنيوية. مؤكداً أن نجاح الحكومة الألمانية الجديدة في تنفيذ الإصلاحات المقترحة، وتجاوز العراقيل البيروقراطية، وتحديث البنية التحتية، يمثل الطريق الوحيد لاستعادة موقع ألمانيا محركاً رئيسياً للنمو في أوروبا.

Read Entire Article