ARTICLE AD BOX
أصاب الخوف سكاناً في مصر، ولا سيّما في العاصمة القاهرة، من جرّاء زلزال اليونان في البحر الأبيض المتوسط الذي شعروا به بعد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، والذي بلغت قوّته 6.4 درجات على مقياس ريختر. وأكد المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر (رسمي) أنّ "محطات الشبكة القومية لرصد الزلازل التابعة للمعهد القومي سجّلت، في الساعة الواحدة و51 دقيقة و15 ثانية (من يوم) الأربعاء، هزّة أرضية (...) على بعد 631 كيلومتراً شمالي رشيد (مدينة مصرية تطلّ على البحر الأبيض المتوسط)".
وفي ظلّ الفزع الذي ساد وسط المصريين، أوضح القائم بأعمال رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية طه توفيق رابح، في بيان، أنّ المعهد التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في مصر تلقّى "ما يفيد بشعور المواطنين بالهزّة من دون وقوع أيّ خسائر في الأرواح والممتلكات". بدوره، قال رئيس قسم الزلازل لدى المعهد شريف الهادي، في تصريحات صحافية اليوم، إنّ "المسافة بين مركز الزلزال الذي وقع جنوبي جزيرة كريت (اليونان) وأقرب مدينة مصرية تبلغ نحو 420 كيلومتراً، وهي مسافة آمنة لا تستدعي القلق".
والزلزال الذي شعر به سكان مصر حُدّد مركزه في جنوب بحر إيجه؛ خليج صغير ممتدّ للبحر الأبيض المتوسط ما بين أوروبا وآسيا. ولم ترد تقارير عن تسبّبه في خسائر بشرية أو أضرار مادية، لكنّ رسائل تحذيرية من احتمال وقوع تسونامي بُعثت إلى هواتف سكان جزر يونانية في المحيط.
وتخوّف سكان مصر من هزّات ارتدادية للزلزال الذي وقع بعد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، علماً أنّ سكان محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية والمنوفية والشرقية والغربية وكفر الشيخ والدقهلية ودمياط والإسكندرية والبحيرة ومطروح هم أكثر الذين شعروا بالزلزال، علماً أنّ سكان دول عربية أخرى شعروا به، ولا سيّما سورية ولبنان وفلسطين والأردن.
ومنذ الساعات الأولى من اليوم الأربعاء، تحوّل زلزال اليونان الذي أرّق مصر إلى موضوع الوسم الأول بالنسبة إلى الناشطين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك إلى محور حديث البلاد. وقد انتشر تسجيل مصوّر يُظهر الدمار الذي حلّ بأحد منازل مدينة سيدي براني في محافظة مطروح على البحر الأبيض المتوسط، شمال غربي مصر، نتيجة زلزال اليونان.
في الإطار نفسه، نشر كثيرون من سكان العاصمة القاهرة تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، تنقل شعورهم بهزة أرضية قوية، فيما راح يستعيد آخرون ذكريات زلزال القاهرة في عام 1992. يُذكر أنّ الأخير وقع في 12 أكتوبر/ تشرين الأول من ذلك العام، وقد بلغت قوته 5.6 درجات على مقياس ريختر، أمّا مركزه ففي القرب من دهشور على بعد 35 كيلومتراً إلى جنوب غربي القاهرة. وقد أودى ذلك الزلزال بحياة 541 شخصاً، وأدّى إلى جرح 6.522 آخرين، في حين دمّر آلاف المنازل والمدارس، خصوصاً في القاهرة والجيزة والقليوبية والفيوم.
ولم تفلح تصريحات رئيس قسم الزلازل لدى المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، القائلة بأنّ المسافة ما بين مركز زلزال اليونان وأقرب مدينة مصرية منه تبلغ نحو 420 كيلومتراً، وبأنّها بالتالي "مسافة آمنة لا تستدعي القلق"، في طمأنة سكان مصر. واضطر الهادي إلى إصدار بيان آخر، أضاف إليه "ليست لدينا مخاوف من توابع الزلزال، إذ إنّ أوّل تابع وقع في حدود الثانية صباحاً، ولم يشعر به سوى سكان محافظة مطروح". وأعاد الهادي شعور المواطنين في القاهرة تحديداً بالهزة إلى "طبيعة التربة الطينية الهشّة التي تأثّرت بعمق الزلزال على الرغم من بُعد مركزه".
يُذكر أنّ عشرات من سكان منطقة فيصل الشعبية في محافظة الجيزة تركوا منازلهم فور شعورهم بوقوع زلزال اليونان، ولازموا الشارع لأكثر من ساعة، إلى حين تأكّدهم من عدم وقوع تداعيات للزلزال. وفي حين عبّر مصريون عن شعورهم بالخوف من تداعيات الزلزال على منازلهم القديمة، أشار آخرون إلى أنّهم لم يشعروا به على الإطلاق في أثناء نومهم.
في سياق متصل، نفى أستاذ الزلازل لدى المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر عمرو الشرقاوي "غياب أجهزة الدولة عن المشهد بحسب ما روّج البعض". وبيّن أنّ "المعلومات حول الزلزال الذي وقع محدودة ومعروفة أيضاً، وبالتالي لم يكن هناك داعٍ إلى كثير من التصريحات الرسمية، وذلك منعاً لإثارة القلق والخوف بين الناس".
وتُثار تساؤلات عن تأثير الزلازل في منطقة البحر الأبيض المتوسط على مشروع محطة الضبعة النووية الذي ما زال قيد الإنشاء، وعلى الأبراج السكنية الشاهقة في منطقة العلمين الجديدة. لكنّ الشرقاوي أفاد بأنّ "من غير الصحيح دخول مصر في منطقة زلازل، ومسألة حماية الأبراج الشاهقة أو المنشآت الحيوية من خطر الزلازل المفاجئة يعود إلى طريقة البناء نفسها، وضرورة توفّر معايير وأكواد (شيفرات) معيّنة للمواد المستخدمة في الإنشاءات". أضاف الخبير أنّ "الأهمّ من ذلك كله دراسة تربة الموقع جيداً قبل التنفيذ، وتحديد مدى قدرتها على المقاومة". يُذكر أنّ السلطات تضع معياراً هندسياً للمباني الشاهقة والمحطات النووية والطاقة، يخوّلها لتحمّل هزات أرضية تتخطّى قوتها ثماني درجات على مقياس ريختر.
