ARTICLE AD BOX
وجّهت إسرائيل ضربة قاسية لقطاعي الصناعة وإنتاج الطاقة بمصر، بتعطيلها 60% من إمدادات الغاز التي يجري توريدها للشبكة الوطنية للغاز، اعتباراً من أمس الاثنين. وأخطرت إسرائيل هيئة البترول المصرية، بعدم قدرتها على الالتزام بتوريد نحو 600 مليون قدم مكعبة يومياً، ولمدة تتراوح ما بين 10-15 يوماً، بزعم إجراء عمليات الصيانة والتوسعة للخطوط التي تربط آبار حقلي تمار وليفياثان الواقعين بمياه البحر المتوسط، أمام سواحل حيفا والأراضي المحتلة.
جاء القطع في وقت تزيد فيه معدلات استهلاك الكهرباء، لارتفاع درجات الحرارة، بأنحاء البلاد، وانتظار القاهرة زيادة تدفقات الغاز من خط إمداد شرق المتوسط، من مستوى 900 مليون قدم مكعبة يومياً إلى 1.2 مليار قدم مكعبة يومياً، اعتباراً من الشهر الجاري، بعد إخطار الشركات الإسرائيلية وزارة البترول المصرية الشهر الماضي انتهاءها من عمليات إصلاح وتوسعة خط شبكات الغاز التي تربط بين الحقول الإسرائيلية والشبكة الوطنية للغاز بالعريش، وتعهّدها بزيادة تدفقات الغاز الإسرائيلي إلى مستويات قياسية خلال الصيف الجاري، لتمكين مصر من مواجهة أزمة نقص الغاز.
ضغوط اقتصادية وسياسية
يشير خبراء إلى رغبة إسرائيل في ممارسة ضغوط اقتصادية وسياسية على مصر في وقت تتفاقم الخلافات بين الطرفين حول نهاية مسار العدوان الإسرائيلي على غزة، ورغبة الشركات الإسرائيلية في إجبار وزارة البترول على رفع أسعار توريد الغاز الإسرائيلي، بالمخالفة للعقد طويل الأجل الموقع بين الطرفين عام 2019.
وتدفقات الوقود، مهمة جداً لتشغيل محطات الكهرباء، بما يضمن تشغيل مصانع إنتاج الأسمدة والبتروكيماويات، حسب مراقبين.
قال الخبير في اقتصاديات البترول مستشار رئيس مجلس الوزراء، محمد فؤاد، إن تراجع الإمدادات الإسرائيلية من الغاز الطبيعي جرى جدولته منذ فترة، مستهدفاً إتمام الشركات الإسرائيلية عمليات الصيانة بخط غاز شرق المتوسط، والتي تستهدف زيادة ضخ الغاز القادم من حقول تمار وليفياثان إلى نحو 1.5 مليار قدم مكعبة يومياً قبل نهاية العام الجاري.
وبيّن الخبير الاقتصادي أن كميات الغاز المتراجعة من الجانب الإسرائيلي ستؤدي إلى خفض معدلات التشغيل بشركات صناعة الأسمدة، بنسب تتراوح ما بين 15% إلى 20% يومياً، لمدة 10 أيام وفي حالة تزايد فترة الانقطاعات، قد تضطر وزارة البترول إلى قطع الإمدادات عن مصانع الأسمدة، لعدة أيام أخرى، لتوجيه الغاز الطبيعي إلى شركات إنتاج الكهرباء والقطاعات الصناعية والمنزلية بكفاءة.
وأوضح فؤاد في تصريح لـ"العربي الجديد" وجود تنسيق بين وزارتي البترول وموردي الغاز من إسرائيل، الأمر الذي وجه إلى خفض كميات الغاز إلى القطاع الصناعي بنحو 10%، خلال الأسبوع الماضي، يمكن أن ترتفع، وفقاً لحسابات فنية إلى ما بين 14%-18% حتى نهاية الشهر الجاري.
توفير مازوت لمحطات الكهرباء
أكد فؤاد اتجاه وزارة الكهرباء إلى توفير 25 ألف طن من المازوت لمحطات توليد الكهرباء يومياً، لضمان تدفقات التيار للمستهلكين بدون انقطاعات تماماً، خلال فترة تراجع الغاز الإسرائيلي، بالتوازي مع تشغيل ثلاث منصات تعمل على إحالة الغاز المسال المستورد من الخارج إلى غاز طبيعي بالشبكة الوطنية الموجودة في العين السخنة وميناء العقبة، التي تعمل طاقتها مناصفة مع كل من الأردن وسورية. وتجري وزارة البترول تجهيزاً لرصيف ثالث يضمن تشغيل محطة لتوريد الغاز المسال برصيف ميناء العين السخنة، التابع للخط العربي "سوميد" لنقل المواد البترولية، بالتوازي مع تشغيل وحدة "التغويز" التركية "بوتاش"، بما يضمن الحد الأدنى للغاز اللازم لاحتياجات التشغيل اليومي.
وأكدت مصادر بوزارة البترول تقليص إمداد الغاز لمصانع الأسمدة والميثانول بنسبة 50% منذ بداية الأسبوع الجاري ولمدة 15 يوماً لتقليل الضغط على الشبكة الوطنية للغاز.
تأتي الحلول المقترحة بالتوازي مع طرح الشركة القابضة للغاز "إيجاس" مناقصة دولية، لطلب استيراد نحو 14 شحنة من الغاز المسال من السوق الفورية، شاركت بها شركات قطرية وجزائرية، لأول مرة منذ سنوات، في إطار تغيير شامل في سياسات وزارة البترول المصرية التي تسعى إلى الاعتماد على توفير الغاز من مصادر عربية وإقليمية خارج الإمدادات الإسرائيلية.
وأكدت مصادر بوزارة البترول" لـ"العربي الجديد" سعي مصر إلى الفكاك من ضغوط الجانب الإسرائيلي الذي يسعى إلى ممارسة ضغوط سياسية على مصر، لدفعها إلى الابتعاد عن ملف الحرب الإسرائيلية على غزة، ومطالبته بتعديل أسعار التوريد للغاز الإسرائيلي، أسوة بما قدمته الحكومة مؤخراً للشركات الإيطالية والأميركية التي حصلت على زيادة تصل إلى 60% من قيمة الأسعار السائدة الشهر الماضي، مع السماح للمنتجين بتصدير شحنات من حصص إنتاج الغاز المسال إلى الأسواق الدولية دون قيود، لضمان توفير السيولة الدولارية.
ووفقاً للمعلومات المتوفرة، يبلغ سعر المليون وحدة حرارية من الغاز الإسرائيلي إلى مصر حوالي 6.7 دولارات، بناءً على صفقة استيراد الغاز بقيمة 15 مليار دولار لـ64 مليار متر مكعب، ومع ذلك، تطلب إسرائيل زيادة السعر بنسبة 25%، مما قد يرفع السعر إلى حوالي 9.4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، وفق صحف إسرائيلية.
زيادة الاعتماد على الوقود البديل
لجأت وزارة الكهرباء، منذ مطلع الأسبوع الجاري، إلى زيادة الاعتماد على الوقود البديل، بسبب تراجع إمدادات الغاز الطبيعي، وارتفاع كميات السولار والمازوت الموردة لمحطات الكهرباء بنسبة 9%، مقارنة بالفترة السابقة، مع استمرار هينمة الغاز الطبيعي، باعتباره مصدراً رئيسياً لتوليد الكهرباء، بحصة تصل إلى 81% من إجمالي إنتاج الكهرباء، خلال الفترة من إبريل/ نيسان 2024 إلى إبريل 2025، وفقاً لبيانات رسمية.
وتظهر بيانات وزارة البترول أن معظم واردات الغاز المسال لمصر خلال عام 2024، جاءت من الولايات المتحدة، تليها نيجيريا، وإسبانيا، وغينيا الاستوائية، وترينداد وتوباغو، بينما تعمل حالياً على تعزير الإنتاج المحلي بدعم مشاريع جديدة مع شركات دولية، مثل إيني الإيطالية، وشيفرون الأميركية، بالإضافة لشراء نحو 60 شحنة من الغاز المسال خلال العام الجاري 2025.
وتسعى الحكومة إلى تعزيز نسبة الطاقة المتجددة، من مزيج إنتاج الطاقة من حدود 11.6% حالياً إلى 42% بحلول عام 2030.
