فرصة الانتخابات للحزب كرسالة داخلية وخارجية

4 days ago 3
ARTICLE AD BOX

تلقّى لبنان كمًّا ليس قليلاً من الرسائل الخارجية خلال الأسبوع المنصرم، إن في الموقف الأميركي الذي عبر عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته الخليجية، أو عبر موقف المملكة العربية السعودية، أو في المواقف الدولية والعربية في القمة العربية في بغداد. إذ أن لبنان في غالبية كلمات المتحدثين في القمة العربية أشير إليه على قاعدة دعم "جهود لبنان لحصر السلاح بيد الدولة " كما قال وزير الدولة السعودي عادل الجبير، أو أن "السبيل الأوحد لاستقرار لبنان هو تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية والقرار 1701 وانسحاب إسرائيل وتمكين الجيش اللبناني من القيام بمسؤولياته" كما قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

 

والأمر نفسه بالنسبة إلى الأردن والعراق والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وسواهم. فالتعويل هو على التصميم المعلن للدولة اللبنانية لاستعادة قرارها وبسط سيادتها وتشجيعها على المضي في التزاماتها التي تؤكدها حول حصرية السلاح في يد الدولة اللبنانية وتنفيذ القرار 1701 على نحو لا يفترض أن يثير التباساً إزاء الخطوات المنتظرة من لبنان خارجياً وداخلياً من أجل تسريع نهوضه اقتصادياً. تقول مصادر ديبلوماسية إن الإشارات التي يعطيها "حزب الله" عن رغبته الضمنية أو العلنية أحيانا في العودة إلى ما قبل "طوفان الاقصى" التي قامت بها حركة "حماس" في 7 تشرين الأ ول/أكتوبر 2023 لا تلقى أي صدى إيجابي ممكن.

غادر الحزب ما كان ادرجه تحت "وحدة الساحات" حين تخلى عن ربط وقف النار في لبنان بوقف الحرب في غزة التي لا تزال مستمرة، فيما هو اضطر إلى القبول بتفاهمات أدرجت تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بلبنان من ضمنها. ولكن إصراره الذي لم يعد تكراره في الأسابيع الاخيرة الماضية عن تمييزه بين جنوب الليطاني وشماله في موضوع نزع سلاحه من دون أن يعني ذلك تسليمه بذلك، إنما يهدف به إلى إعادة تكرار تجربة ما بعد 2006، حين تم تنفيذ انسحاب مبدئي من جنوب الليطاني سرعان ما تراجع مع الوقت مع عودة الحزب وقواعده إلى المنطقة.

والأمر نفسه تخوف البعض من استعادته في استهداف ما يدرج تحت عنوان بيئة الحزب لعناصر القوة الدولية (اليونيفيل) في الجنوب على نحو تذكيري بالخطوط التي كان الحزب يرسمها لهذه القوة لمنعها من تنفيذ مهامها أو تحديد هذه المهام. واكتسب الأمر خطورة كبيرة ولكنه ليس بالخطورة التي باتت تبدو عليها هذه الاعتداءات راهناً، إن من حيث توجيه الرسائل لإسرائيل على نحو غير مباشر أن نزع سلاح الحزب لا يعني عملانياً نزعه من بيئته أو إضعافه فيها، علماً أنه في هذا التوقيت وفي الظروف الراهنة يعطي إسرائيل ذرائع للاستمرار في مواقعها في الجنوب على خلفية أن "عودة " الحزب أو تعزيز حضوره يمكن أن يقابل باستمرار احتلالها وتعزيز ضرباتها خصوصاً في الجنوب، وهو المنطق نفسه الذي ينسحب على ما ينقل عن محاولة تهريب أموال أو ذهب إلى الحزب من أجل إعادة ترميم نفسه. فيما أن الفرصة المتوفرة للحزب والذي سيستغلها إلى حد بعيد تتصل بالانتخابات البلدية في البقاع والجنوب والتي ستشكل فرصة له لتوجيه رسائل داخلية وخارجية أنه لا يزال مسيطراً من ضمن بيئته ولم يتراجع ويحاول أن يقوّي عصب هذه البيئة بمنطق أنه سيصعب إقصاؤه أو عزله، علماً أن نزع سلاحه الذي وافق هو عليه من ضمن تفاهمات تنفيذ الاتفاقات الدولية لا تعني ذلك، وإن كان هو ربط أسباب وجوده بسلاحه على مدى عقود.

وفي رأي هذه المصادر يمكن للعروض التي قدمها المسؤولون الإيرانيون أخيراً على نحو صريح للولايات المتحدة للاستثمار في إيران أن تحرج الحزب إلى حد كبير فيما يعرقل حتى الآن عبر مقاربته لنزع سلاحه ما هو معروض أميركياً على لبنان لهذه الجهة، إذ قالت مساعدة موفد الرئيس الأميركي مورغان أورتاغوس قبل أيام "إننا نريد أن تكون لدينا رؤية اقتصادية جديدة مع قيادة لبنان وأن نعمل معاً لبناء لبنان جديد ومزدهر ولا يمكن القيام بذلك ما لم تكن الدولة والقوات المسلحة تسيطر على السلاح وتدافع عن نفسها". وهي العروض التي يقول البعض إن رئيس مجلس النواب نبيه بري تلقاها من الموفد الأميركي السابق آموس هوكشتاين في حال تجاوب لبنان مع وقف النار خلال أكثر من سنة من حرب مساندة غزة لجهة إعمار الجنوب، فيما لم يتحقق وقف النار إلى ما بعد إضعاف الحزب وخسارته القدرة على كسب هذه الورقة واستمرار احتلال إسرائيل لخمس نقاط في الجنوب.

في أي حال، تراهن مصادر سياسية على إمكان أن تشكل الانتخابات البلدية زخماً معنوياً للحزب على صعيد إثبات قوته من ضمن بيئته وعدم تراجعه، وهو أمر بالغ الاهمية بالنسبة إليه لاثبات ذلك للآخرين وتعزيزاً لموقعه الداخلي، وهو ما يسهل انتقاله إلى مراحل أخرى لا سيما في ظل تراجع صدقية الخطاب الإيراني الرسمي الذي لا يعكس حقيقة ما يجري في الجلسات المغلقة للمفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية ولا حتى ما سعت إليه ايران مع الدول الخليجية أو من خلال القمة العربية في بغداد. ولكن أيضاً والأهم في ما يعطي زخماً للحزب هو اضطرار قوى سياسية من الخصوم إلى التحالف مع الحزب في العاصمة أو سواها تحت شعارات أو مستلزمات موضوعية على نحو يساهم في تعزيز حضوره وقوته ويضعف خطاب هؤلاء أيضاً. وهي نقاط يعتبرها في خانته سياسياً ومعنوياً على الأقل.

rosannabm@hotmail.com

 

Read Entire Article