ARTICLE AD BOX
اعتاد اللاجئ الفلسطيني سعيد حمدان (66 عاما)، ابن قرية زرعين المهجرة، على المشاركة كل عام في مسيرة ذكرى النكبة المركزية قادما من مخيم جنين شمالي الضفة الغربية إلى رام الله. وفي هذا العام، يأتي حمدان للمشاركة، لكنه لم يأت من المخيم، إثر تهجير قوات الاحتلال لهم خلال عدوانه الأخير المتواصل منذ أكثر من 100 يوم. وكل عام، يحاول حمدان وزملاؤه إيصال رسالة اللاجئ، بأن حقه العودة إلى القرية أو المدينة التي هُجر منها حق لا يمكن التنازل عنه، وهذا العام يكرر الرسالة ذاتها، مع مطلب آخر، وهو المطالبة بالعودة إلى بيوتهم التي نزحوا منها قسرا من مخيم جنين.
ويقول حمدان لـ"العربي الجديد"، "إنه لم يشهد اللجوء عام 1948، لكنه خبر اللجوء مرتين، في عام 2002 إثر اجتياح مخيم جنين، والعام الجاري إثر العدوان المتواصل، وقد هدم منزله في المرة الأولى وأعيد بناؤه، وهدم هذه المرة أيضا وسيعاد بناؤه"، كما يؤكد. مخيم جنين مجرد محطة مؤقتة يقول حمدان، وسيظل كذلك رغم مطالبته بالعودة إليه، ولن تكون العودة إلا إلى قريته، زرعين. حق العودة هو القاسم المشترك لكل لاجئ فلسطيني، وخاصة من يصرون على المشاركة بكل فعالية لإحياء ذكرى النكبة، كالناشط شاهر هارون (54 عاما) المهجر من مدينة اللد، والذي يسكن مخيم الأمعري في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية.
ويقول شاهر لـ"العربي الجديد"، "إن الظروف الصعبة التي يمر بها الفلسطينيون من محاولة سلب حقوقهم، وكل ما يتعرضون له من هدم وتهجير وقتل، لا تثني اللاجئ عن التفكير في العودة، بل إنه يعتبر العودة أقرب بعد كل هذه السنين. ويضيف: "77 عاما من الصمود والمحافظة على الحق ستؤدي إليه (العودة)، ولا أحد في العالم حافظ على حقه كما الشعب الفلسطيني". ويدلل هارون على حديثه بالقول إنه يحفظ عن ظهر قلب تفاصيل بيته في اللد، حفظها عن والده، ويعلم عدد الغرف، والطريق المؤدية إليه، وعدد الأشجار حوله، ونوع الأشجار وكل شيء، وقد حفّظ كل ذلك لأبنائه وأحفاده، وأوصاهم بتوريث ذلك حتى تحقق العودة.
وقد انطلقت المسيرة المركزية قبل ظهر اليوم الأربعاء، من أمام ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، وصولا إلى دوار المنارة وسط مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، تتقدمها الفرقة الموسيقية العسكرية، وطلبة مدارس يحملون مفاتيح العودة للدلالة على التمسك بالحق. مسيرة أخذت شعار "لن نرحل، فلسطين للفلسطينيين"، كما أعلنت اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة، رفضا لحرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري، ودفاعا عن الحقوق الوطنية، ورفضا للاستهداف المتواصل لقضية اللاجئين والمخيمات ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
فكما يقول رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير أحمد أبو هولي لـ"العربي الجديد"، فإن كل الحرب الإسرائيلية الحالية في غزة، والتهجير القسري وما يسمى الطوعي، وتدمير المخيمات في الضفة، ومنع "أونروا"، تهدف إلى عملية تهجير حقيقية. رغم ذلك ورغم المعاناة والمجازر والآلام والحصار والتدمير، وكل أدوات التجويع والتعطيش واستخدامها كسلاح، يقول أبو هولي: "إن الشعب الفلسطيني يرد اليوم بصوت واحد؛ لن نرحل وستبقى فلسطين للفلسطينيين".
ويتابع أبو هولي: "نعم المعركة خطيرة، والعالم على الحياد، وإسرائيل مستفردة بالشعب الفلسطيني، ولكن نقول كما قال الرئيس الراحل ياسر عرفات هذا شعب الجبارين وشعب الصمود والثبات، ومن هنا ندعو كل أحرار العالم إلى دعم شعبنا الفلسطيني في إطار استراتيجية الصمود والثبات والبقاء"، معتبرا أن مجرد إفشال حرب التهجير يعد انتصارا للشعب الفلسطيني. وقد أُطلقت صافرات الإنذار والحداد ظهر اليوم، وتوقفت الحركة في الشارع، لمدة 77 ثانية، كدلالة على سنوات النكبة المتواصلة، فيما رفع المشاركون الأعلام الفلسطينية ورايات الحداد السوداء، وصورا تظهر استمرار النكبة وبشكل خاص في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة.
